قناة إسرائيلية تكشف تفاصيل جديدة عن عملية اغتيال القيادي الفلسطيني أبو جهاد في تونس

كشفت قناة إسرائيلية بعض تفاصيل جريمة اغتيال القيادي الفلسطيني الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)، وشككت بجدواها بالنسبة لإسرائيل.

وكرست القناة الإسرائيلية 13 الحلقة الثالثة من مسلسلها الوثائقي «اغتيالات» لعملية اغتيال أبو جهاد في تونس في ابريل/ نيسان 1988 بعدما كرست الحلقة الأولى لاغتيال الشهيد الملقب بالمهندس يحيى عياش في غزة عام 1996، والحلقة الثانية منه للمحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمان عام1997.
وكشفت القناة الإسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال اسحق شامير ووزير الأمن اسحق رابين ووزير الخارجية شيمون بيريز في حينها، استجابوا لطلب الموساد باغتيال أبو جهاد نائب الرئيس الراحل ياسر عرفات، بعدما نسبت له مسؤولية توجيه الانتفاضة الأولى والتخطيط لعملية ضخمة في قلب تل أبيب استنادا لتسجيل صوتي رصد مكالمة للراحل أبو جهاد مع فدائيين كان من المفترض أن ينفذوها.
وكشفت القناة 13 أن شامير تردد في المصادقة على العملية بسبب خطورتها وخشية فشلها وكلفتها لبعدها الجغرافي، وكون أبو جهاد يقيم داخل بيت محاط بالحراس. وتوضح أن رئيس الاستخبارات العسكرية وقتها الجنرال الراحل امنون ليبكين شاحك هو من حسم الموضوع بعدما سئل من قبل شامير فكان دعمه للعملية قاطعا. ويستدل من البرنامج التلفزيوني أن إسرائيل كانت تعتقد أن اغتيال أبو جهاد من شأنه وقف الانتفاضة الأولى التي أشغلتها وأحرجتها في العالم.
في المقابل فإن معد ومحرر المسلسل الوثائقي الصحافي الإسرائيلي ألون بن دافيد محرر الشؤون العسكرية في القناة 13 تساءل عن منطق اغتيال أبو جهاد، منوها الى دور سلمي محتمل له لم تهتم به إسرائيل رغم حاجتها له.
الون بن دافيد الذي اكتفى بطرح أبو جهاد كمسؤول كبير في منظمة «إرهابية « أغفل الإشارة لأصله كفلسطيني طرد من مدينة الرملة مع عائلته في نكبة 1948 ولم يستحضر السياق التاريخي للصراع وللأذى البالغ الذي لحق بالشعب الفلسطيني بسبب جرائم الصهيونية وشكل خلفية لتأسيس المنظمات الفدائية الفلسطينية.
في المقابل وضمن تساؤله بالأساس عن جدوى العملية لا عن مدى أخلاقيتها قال إن الولايات المتحدة كانت على صلة مع أبو جهاد وقتها، وإنه تم تداول أفكار معها لتسوية الصراع لاسيما أنه كان رجلا قويا متنفذا وقادرا على اتخاذ قرارات تاريخية إلى جانب الرئيس ياسر عرفات.
ومع ذلك يقول بعض قادة العملية العسكريين والسياسيين إنهم أصدروا تعليمات بعدم المساس بأقارب خليل الوزير خلال عملية الاغتيال.
كما تساءل بن دافيد عما إذا كان اغتيال الوزير عملية انتقامية إسرائيلية بسبب حالة الإحباط من الفشل في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عامها الثاني، أم أنها أعدت لدرء مخاطر مستقبلية؟
واعتبر المسلسل الوثائقي عملية اغتيال الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية أبو جهاد في السادس عشر من نيسان/ إبريل 1988 من أكبر عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل.
وجاء في التحقيق أن 3000 شخص شاركوا في عملية الاغتيال بين التحضير والتنسيق والتنفيذ، إضافة الى خمس سفن حربية وسفينة تحمل طائرات مروحية وتشكيلات من الكوماندوز ووحدات من الموساد ومن الوحدات الخاصة في الجيش والمخابرات.
يشار الى ان تسريبات صحافية اسرائيلية سابقة كشفت في الماضي عن مساعدات معلوماتية قدمها أحد جيران أبو جهاد، وكذلك رجحت أن أحد موظفي بلدية تونس سلم الموساد خرائط بيته، مما ساعد في تخطيط اقتحامه.
غير ان القناة 13 اوضحت في هذه الحلقة من «التصفيات» أن الموساد حاز على معطيات وصور من داخل بيت الوزير من قبل أشخاص دخلوه كضيوف، يقال إن واحدة منهم انتحلت شخصية صحافية أجنبية، وهذا ما أشارت إليه أرملة الشهيد انتصار الوزير في واحدة من مقابلاتها الصحافية. وحينما سئل رئيس حكومة الاحتلال الاسبق إيهود براك عن معنى تجنيد ثلاثة آلاف شخص لقتل شخص واحد، قال إن أبو جهاد ليس رجلا عاديا. براك نفسه الذي قال مرة لو كنت فلسطينيا لصرت فدائيا، سئل عما إذا كان يحترم أبو جهاد ومقاومته، اكتفى بالقول هذه المرة «لم تكن لأبو جهاد أي فرصة للنجاة والرد في تلك الليلة».
في روايتها قالت القناة 13 إن جنديا انتحل شخصية امرأة رافق جنديا آخر كانا أول من وصل بيت ابو جهاد، وحينما وصلا كان الحارس في مدخل البيت وهو داخل سيارة، فتظاهرا بأنهما ضلا الطريق فسألاه وخلال مشاغلته تمت تصفيته برصاصة من مسدس كاتم صوت، وعندها تقدم نحو البيت 25 جنديا كانوا في محيطه. وبذلك كررت اسرائيل طريقة الاغتيال بالاحتيال على الحارس كما فعلت ليلة اغتيال القادة الشهداء كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار في بيروت قبل سنوات من اغتيال الوزير في تونس.
واستعرض البرنامج تفاصيل كثيرة عن تخطيط وتنفيذ العملية، منها الاتصال مرتين في بيته بواسطة أحد أقربائه هو في غزة تم اعتقاله خصيصا لهذه المهمة بغية التثبت من وجوده في البيت قبيل الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، خاصة بعدما بلغت معلومات طارئة وفحص إمكانية سفره لأوروبا في تلك الساعات المتأخرة من الليل.
كما كشف أن المشرفين على العملية تثبتوا من ذلك من خلال مكالمة هاتفية لجندية إسرائيلية كانت في مقر قيادة العملية في وزارة الأمن في تل أبيب فاتصلت عبر بدالة اوروبية وردت عليها انتصار الوزير، كما قالت القناة الاسرائيلية.
وكشف البرنامج الوثائقي عن عمليات تدريب كثيرة على اغتيال خليل الوزير تم خلالها بناء بيت في منطقة الجنوب يطابق مقاسات بيت خليل الوزير ومعطياته على ساحل بحر تونس. وقبل ذلك كشف موشيه يعلون انه تم التدرب على اقتحام بيت أبو جهاد في بيت شقيقه في منطقة حيفا دون تبليغه بالسر وبهدف التدريب. وعن كيفية إبقاء الموضوع سرا وقيد الكتمان قبيل تنفيذ الاغتيال قال يعلون إنه تم حجب هوية الشخص المستهدف بالعملية سوى عن عدد قليل من القادة العسكريين.
وتضمن التحقيق تفاصيل كانت قد نشرت من قبل، بعضها بشكل غير رسمي او بالتلميح، منها قيادة وزير الأمن الأسبق موشيه يعلون بنفسه للعملية وقتها. وهذه المرة الأولى التي يعترف بها يعلون بالصوت والصورة بشكل واضح أنه شارك بالعملية بصفته قائد الوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان، وقال إنه صعد للطابق الثاني من بيت أبو جهاد. وتابع «بعد تفجير مغلاق باب بيته سارع أبو جهاد لاستلال مسدسه وقد سمعنا صوت تجهيزه وكاد يطلق النار علينا ثانية قبل رميه بالرصاص».
يشار إلى أن صحيفة « يديعوت احرونوت» كانت قد نشرت قبل سنوات تحقيقا عن جريمة اغتيال الوزير، وأكدت ان يعلون تثبت بنفسه من موته وأطلق عشرات الرصاصات عليه وهو ممدد على أرضية بيته سوية مع جنود آخرين أفرغوا بجسده مجتمعين نحو 70 رصاصة.
كما كشفت الصحيفة الاسرائيلية وقتها أن الجندي الذي كان أول من أصاب الوزير برصاصات قاتلة قد قتل وتقطعت أوصاله بحادث سير وهو يقود دراجة في طريق وادي عربة نحو مدينة إيلات.
ويوضح بن دافيد في مقدمة التحقيق أن اسرائيل هي واحدة من دول قليلة في العالم الغربي التي تقوم بقتل أشخاص بالإعدام دون محاكمة ودون استشارة مع جهة قضائية، وكذلك تبقى عمليات الإعدام دون مراقبة او نقد من جهة برلمانية، خاصة أنه من الممكن ان توقع عملية الاغتيال ضحايا ابرياء. وستخصص الحلقة المقبلة من المسلسل لاغتيال عماد مغنية القيادي في حزب الله في دمشق عام 2008.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.