واشنطن بوست: القحطاني ومراقبة جنكيز وملاحقة معارض وراء رفض أمريكا برنامج تدريب للمخابرات السعودية

لماذا رفضت وزاة الخارجية الأمريكية خطة لتدريب المخابرات السعودية؟

يجيب الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس قائلا إن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت مقترحا من شركة “دينكورب” لتدريب المخابرات السعودية خوفا من عدم وجود الضمانات المناسبة لمنع عمليات متهورة وخارجة على القانون مثل جريمة قتل وتقطيع الصحافي جمال خاشقجي، كاتب العمود المعروف بصحيفة “واشنطن بوست”.

وأضاف إغناطيوس أن ما أثار قلق المسؤولين في الخارجية والوكالة المركزية للاستخبارات (سي آي إيه) ما ورد في تقارير عن استمرار المملكة في سياساتها القمعية، بما فيها محاولات إجبار المعارضين على العودة إلى بلادهم ومراقبة عائلة خاشقجي في الخارج واعتقال ناشطي حقوق الإنسان.

وعلق إغناطيوس قائلا إن المسؤولين الأمريكيين قلقون أيضا لعدم اعتراف ولي العهد محمد بن سلمان بأن المحاسبة الاستخباراتية وإصلاح أجهزة الأمن هي خطوة ضرورية لإعادة الاستقرار في العلاقات الأمريكية- السعودية.

ما أثار قلق المسؤولين الأمريكيين ما ورد في تقارير عن استمرار المملكة في سياساتها القمعية، بما فيها محاولات إجبار المعارضين على العودة إلى بلادهم ومراقبة عائلة خاشقجي في الخارج واعتقال ناشطي حقوق الإنسان

ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالغضب من عدم توجيه تهم لسعود القحطاني، المستشار المقرب من محمد بن سلمان والذي سمته وزارة الخزانة الأمريكية كشخص مسؤول عن الجريمة وتنظيمها لم يعتقل بعد. بل ويواصل العمل من وراء الستار.

ومن بين التجاوزات والانتهاكات التي أثارت قلق المسؤولين الأمريكيين محاولة جر معارض سعودي يقيم بالولايات المتحدة وإجباره على العودة للمملكة. وقال مسؤول أمريكي إن مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) أشار إلى أنه سيعتقل حالة عودته إلى السعودية وحذره من السفر. ولم يكشف المسؤول عن اسم المعارض السعودي. وأشار المسؤول إلى تقارير تحدثت عن تعرض خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، وأحد أبنائه للمراقبة السعودية في لندن الصيف الماضي.

ويقول إغناطيوس إن إصلاح “رئاسة الاستخبارات العامة السعودية” هو هدف يحظى بدعم المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين. ويقولون إن إدارة جيدة ومعايير أخلاقية وأداء أحسن في المخابرات العامة سيصب بمنفعة الأمن السعودي والأمريكي. والسؤال يتعلق بكيفية تحقيق هذا الهدف بدون تشجيع التصرفات السيئة. وقال مسؤول في الخارجية أكد رفض مقترح شركة “دينكورب”: “نريد مخابرات قوية ولكننا لا نفكر بهذه الطريقة”، مشيرا إلى أن رفض الخارجية جاء لأنها هي المسؤولة عن مراجعة والمصادقة على كل العقود الأمنية والعسكرية وبرامج التدريب. وتقوم بدراسة بدائل يمكنها تقديم إشراف وتحكم أحسن بالنشاطات الأمنية، وذلك بعد مطالب قوية من السعودية للخارجية بالتراجع عن قرارها.

والهدف هو مساعدة المملكة والتأكد في الوقت نفسه من عدم استخدام التدريب الأمريكي للقيام بعمليات غير قانونية كما حدث في جريمة قتل خاشقجي. ويعترف الكاتب أن محاولة السيطرة على النشاطات الاستخباراتية هو لغز يواجه كل بلد. ومن الأفكار التي تمت مناقشتها في داخل الخارجية هو عزل المخابرات السعودية عن الديوان الملكي الذي يتحكم به ولي العهد. وتمت مناقشة فكرة ثانية مثل إدخال آلية رقابة رسمية، مثل تحديد النشاطات الاستخباراتية في الولايات المتحدة. مع أنه لا يعرف كيف تعمل هذه القيود في ملكيات تقليدية مثل السعودية حيث يملك ولي العهد السلطة المطلقة.

أما الفكرة الثالثة فهي قيام سي آي إي بعملية التدريب مباشرة. وربما فكرت الخارجية ببرامج تدريب مع السعودية لو تم التوصل إلى ضمانات عملية، حيث تشرف دينكورب أو شركة تعهدات أمريكية أخرى على البرنامج. وتخشى واشنطن أنه لو لم تقدم الدعم لتحديث المخابرات السعودية فربما بحثت هذه عن تدريب من دولة أخرى. وسيؤدي هذا إلى عرقلة التعاون الأمني التقليدي بين الولايات المتحدة والسعودية وهو ما تريد واشنطن تجنبه.

الهدف هو مساعدة المملكة والتأكد في الوقت نفسه من عدم استخدام التدريب الأمريكي للقيام بعمليات غير قانونية كما حدث في جريمة قتل خاشقجي

وكانت شركة دينكورب قد تقدمت بالطلب منتصف عام 2018 حيث ستقوم بتنفيذه شركة تابعة لها وهي كلابر ناشونال سيكورتي سلويوشنز، إلا أن مقتل خاشقجي في بداية تشرين الأول (أكتوبر) على يد فرقة موت بقنصلية السعودية نفس العام، أدى لتعليق إصدار الرخصة وإحالة الطلب لمراجعة أخرى. وبعدما تقدمت الشركة بمقترح آخر احتوى هذه المرة على عقد بقيمة متدنية تم رفضه بعد عدة أشهر.

ويقول إغناطيوس إن النقاش حول تحديث المخابرات العامة السعودية وتدريب أفرادها أصبح امتحانا لسؤال أكبر: كيف يمكن للولايات المتحدة التغلب على جرجرة ولي العهد قدميه لكي يطور إجراءات جديدة تطمئن الكونغرس والبنتاغون والمجتمع الاستخباراتي، وهي أن الانتهاكات التي ظهرت من خلال مقتل خاشقجي لن تحدث مرة أخرى.

ودعا إغناطيوس في نهاية مقالته إلى أهمية إعادة ترتيب العلاقة الأمنية الأمريكية- السعودية، والطريق الوحيدة لإعادة الثقة فيها هي بناء نظام محاسبة وتحكم يمنع الانتهاكات. و”يذكرنا برنامج تدريب رئاسة الاستخبارات العامة السعودية بما حدث في المملكة من تحول للأسوأ ومقتل خاشقجي والحاجة الماسة لإصلاحه”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.