الرئيس الموريتاني الراحل: المختار ولد داداه ( 1960 – 1978 عفة اليد ونزاهة المسؤول

في سنة 1973، زار الرئيس الزائيري وقتذآك الجنرال موبوتو سي سي سيكو موريتانيا لمدة ثلاثة أيام وكانت موريتانيا تعتبر من أفقر بلدان القارة الأفريقية، واقتصادها يعتمد على صيد الأسماك و الزراعة والرعي. أثناء المباحثات في الأيام الثلاثة لاحظ الرئيس الزائيري أن مضيفه الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه، وهو أول رئيس لموريتانيا بعد استقلالها من الاحتلال الفرنسي، لم يغير بدلته طيلة الايام الثلاثة، فأدرك موبوتو أن مضيفه لا يملك المال الكافي لشراء البدلات الأنيقة، و الباهظة الثمن، وعند اختتام زيارته، وفي صالة المغادرة في مطار نواكشوط، سلم الرئيس الزائيري موبوتو شيك بمبلغ 5 ملايين دولار لسكرتير الرئيس، لكي لا يحرج مضيفه، ومع الشيك ورقة فيها عناوين أشهر مصممي ودور الأزياء في العاصمة الفرنسية والتي يحيك موبوتو بدلاته عندهم، على أمل ا ن يحيك الرئيس المختار ولد داداه بدلات رسمية وتوابعها عند تلك الدور. وبعد مغادرة الرئيس الزائيري سلم السكرتير رئيسه شيك الخمسة ملايين دولار قائلا إنها هدية من الرئيس موبوتو لكم لكي تشترون بها بدلات ولوازمها من باريس. استلم الرئيس ولد داداه الشيك وسلمه على الفور لوزير المالية الموريتاني لكي يضعه في حساب الدولة. لاحقآ ومن هذا المبلغ الهدية تم بناء و تجهيز المدرسة العليا لإعداد الأساتذة و المعلمين في موريتانيا، التي كانت تعاني من نقص في شديد في إعداد الأساتذة والمعلمين بسب الفقر. بعد مرور خمس سنوات، أي في العام 1978 توقف الرئيس الزائيري في المغرب قادمآ من الولايات المتحدة الأمريكية وكان بزيارة فيها لمدة أسبوع، وحين علم الرئيس المختار بتوقفه في الرباط إتصل به ودعاه لزيارة موريتانيا حتى لو كانت زيارة قصيرة، وفي الطريق من المطار إلى القصر الرئاسي لاحظ موبوتو وجود لافتات باللغة الفرنسية تزين الشوارع مكتوب عليها شكرآ زائير.. شكرآ موبوتو.. شكرآ على الهدية..
قبل أن يصل الموكب الرئاسي إلى القصر توقف في مدرسة إعداد الأساتذة والمعلمين، ترجل موبوتو من السيارة، استفسر وسأل المختار بتعجب عن: الهدية التي يشكرني عليها الشعب الموريتاني، فإني قد وصلت قبل ساعة إلى نواكشوط وللأسف لا أحمل هدايا معي؟؟

عندئذ إبتسم الرئيس المختار وقال له: هذه هي هديتك القيمة، فبمبلغ الخمسة ملايين دولار التي قدمتها لي قبل خمس سنوات بنينا مدرسة لإعداد الأساتذة والمعلمين، فشعبنا بأمس الحاجة إلى المال لكي نحارب الأمية والفقر، فعانقه موبوتو وقال له: لو قدر أن يكون باقي الزعماء الأفارقة مثلك لكانت قارتنا لا تعاني من الأمية والجهل والفقر والتخلف …

فقال له المختار: ،إنني أستلم راتبآ شهريآ من خزانة الدولة و لا اعمل بلا أجر و هذه الهدية منك لشعب موريتانيا، أما مظهري و هندامي فلا يجوز أن يكون من أرقى المناشئ وبيوت الازياء العالمية بينما شعبي يعاني من الفقر، بالعلم نستطيع أن نقضي على تلك الافات والمعوقات التي تعرقل مسيرته …

و قد عرف عن الرئيس المختار الله يرحمه ( توفي سنة 2003) البساطة والإبتعاد عن مظاهر الترف والبذخ، وكان يسكن في بيت متواضع وبسيط، لا يوجد فيه سوى ثلاث غرف.

الله يرحمه ويحسن إليه.

شاهد أيضاً

300الف نازح من رفح وإسرائيل تواصل الغارات على جباليا

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في سلسلة غارات شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت وفجر اليوم الأحد على مناطق سكنية شمالي قطاع غزة،