واشنطن بوست: مليارات أنفقتها السعودية على شراء سلاح لم يوفر الحماية لمنشآتها الحيوية

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لمراسلها آدم تايلور قال فيه إن مليارات الدولارات التي أنفقتها السعودية لم تحم مؤسساتها النفطية الحيوية من هجمات أدت لوقف نصف منتجاتها النفطية.

وجاء في التقرير أن السعودية وعلى مدى السنوات الماضية كانت أكبر مشتر للأسلحة الأمريكية. وزادت العلاقة السعودية بالسلاح الأمريكي مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض حيث دفع بعد شهر من انتخابه باتجاه صفقات جديدة وتعهدت السعودية بشراء أسلحة بقيمة 110 مليار دولار أمريكي. وبعد هجمات نهاية الأسبوع على المنشآت النفطية السعودية تساءل بعض المراقبين عن الحماية التي توفرت للسعودية من خلال الاعتماد على أمريكا. فالأسلحة باهظة الثمن التي اشترتها السعودية لم تكن قادرة على اكتشاف أو اعتراض هجمات تم التخطيط لها بشكل جيد. وقال الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مايكل نايتس “هذا هجوم محكم” مضيفا أن الأدلة تشير إلى صاروخ واحد من بين 20 صاروخا أخطأ الهدف. وهذا “مثير للدهشة”. فالهجمات أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها ولم يصدقهم المسؤولون الأمريكيون حيث قالوا إن جزءا من الهجمات لم يأت من اليمن مما يقترح أنها انطلقت من إيران. وتجنبت الهجمات الدفاعات العسكرية السعودية بما فيها ستة صواريخ باتريوت والتي انتجتها شركة الأسلحة الأمريكية ريثيون والتي يكلف الواحد منها حوالي مليار دولار أمريكي.

ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الهجوم بنوع من السخرية واقترح في مؤتمر استقبلته العاصمة التركية أنقرة على السعودية شراء منظومة صواريخ أس-300 أو أس- 400 كما فعلت إيران وتركيا وقال “ستكون قادرة على حماية كل البنى التحتية السعودية وبثقة”. ويعلق الكاتب أن نظام أس- 400 لم يتم فحصه في أوضاع حقيقية ولكن كلفته أقل من نظام باتريوت ولديه مميزات فنية، تبدو على الورق أفضل من نظام باتريوت، بما في ذلك المدى الطويل والقدرة على العمل في أي مجال.

ورغم تفكير السعودية مرة بشراء المنظومة الروسية إلا أنها كانت واعية بأثرها المدمر على علاقاتها مع إدارة دونالد ترامب. ولا توجد أدلة على قدرة نظام أس-400 لو نشر اعتراض هجمات مثل التي تعرضت لها السعودية يوم السبت، فأحسن نظام صاروخي ليست لديه نسبة 100% من النجاح، لأن اعتراض صاروخ وهو في الجو وإسقاطه تظل عملية صعبة ويحتاج ذلك إلى سرعة ودقة.

وعندما زعم المسؤولون السعوديون أنهم اعترضوا صاروخا باليستيا أطلقه الحوثيون باتجاه العاصمة الرياض عام 2017 اكتشف فريق من الباحثين أن منظومة باتريوت لم تفعل شيئا لوقف الصاروخ الذي اقترب من إصابة هدفه. وبالمقابل فهجمات يوم السبت كان من الصعب وقفها لأن الطائرات المسيرة والصواريخ أطلقت على ما يبدو من عدة اتجاهات. ويقول نايتس إن المنظومة الصاروخية في السعودية طورت في التسعينات من القرن الماضي بعد الحرب العراقية – الإيرانية وحرب الخليج الأولى حيث كانت المقاتلات والصواريخ الباليستية الهدف الرئيسي ويمكن اكتشافها بسهولة من خلال الرادار. إلا أن صواريخ كروز والطائرات المسيرة تحلق على بعد منخفض بشكل لا يمكن للرادار اكتشافها بسهولة. وحتى لو اكتشفها في وقت متأخر فاعتراضها يحمل مخاطر ودمار. ولدى السعودية نظاما صاروخيا متعددا يمكنه استهداف طيران على مستويات منخفضة. ويقول توماس كراكو، الزميل البارز في المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية إن نظام باتريوت لا يمكنه توفير الحماية من تهديدات كهذه لأنه مصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية. إلا أن هذا يعتمد على المكان الذي نصبت فيه منظومة الصواريخ. وقال كراكو “المنطقة التي تحميها المنظومة صغيرة” و”هناك حدود لما يمكن أن تحميه حتى لو كان لديك أطنان من صواريخ باتريوت”. ولا يعرف إن كانت المنشآت المستهدفة في إبقيق وخريص محمية بصواريخ باتريوت أو دفاعات أخرى.

وقالت بيكا واسر، المحللة في مؤسسة راند إن مهمة حماية المنشآت الحيوية السعودية مقسمة بين وزارة الداخلية والحرس الوطني وليس الجيش. وقالت إن “التداخل في المسؤوليات والقواعد هي محاولة للحماية من الإنقلاب”. وتقول إن السعودية واعية بالمشكلة وتحاول معالجتها كجزء من برنامج إصلاحات يدفع به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وهي عارفة أيضا بالتهديدات الفنية التي تمثلها إيران. ويشير التقرير إلى أن القبة الحديدية التي صممتها شركة التصنيع الحربي الإسرائيلية رفائيل بالتعاون مع ريثيون، قد تكون فكرة مناسبة، خاصة أن النظام يستخدم في إسرائيل وقام باعتراض الصواريخ التي أطلقت من غزة وجنوب لبنان. وقال كراكو “يحتاج السعوديون لشيء مثل القبة الحديدية وقد لا يطلقون عليها نفس الإسم”. وربما حاولت السعودية تحسين قدراتها من خلال أنظمة استشعار متقدمة يمكنها التقاط التهديدات من أماكن بعيدة. وفي الوقت الحالي قد تحاول السعودية استخدام ما هو متوفر لديها خاصة أن صفقات الأسلحة مع الولايات المتحدة تحتاج لوقت طويل كي تصدر تراخيصها في ظل عداء وشكوك في الكونغرس من السعودية.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.