نبيل القروي الحاضر الغائب في الحملات الانتخابية للرئاسية في تونس

لا يزال المترشح للانتخابات الرئاسية في تونس نبيل القروي موقوفا، فيما انطلقت الحملة الدعاية بحضور زوجته وعدد من قيادات حزبه الذين يؤمنون الاجتماعات الحزبية والمؤتمرات الصحافية لتقديم برامج الرجل الحاضر الغائب في المشهد السياسي في البلاد

صعدت زوجته سلمى السماوي إلى المنصة في افتتاح الحملة أمام أنصار حزب “قلب تونس” في محافظة قفصة (جنوب غرب) الإثنين الماضي صارخة بتأثر: “ليس حاضرا معنا، لكنه حاضر في قلوب التونسيين، نبيل في قلب تونس”.

بدت السماوي، الخمسينية الموظفة في شركة مايكروسفت، رصينة في خطابها أمام حوالي ألفي شخص في مدينة الحوض المنجمي التي نشأت فيها، وقالت: “سنحتفل، ولكن هناك قليل من الحزن، ليس مكاني هنا بل مكان نبيل”، وشاركها الحضور كل من سفيان طوبال ورضا شرف الدين، القياديين السابقين في حزب “نداء تونس”.

ورفض القضاء التونسي الثلاثاء طلب الإفراج عن القروي الموقوف بتهم تبييض أموال منذ 23 أغسطس/ آب الماضي.

تم توقيف القروي على بعد عشرين كيلومترا شمال العاصمة واقتيد إلى سجن المرناقية، وقررت قيادات حملته مواصلة العمل من دون كلل والقيام بحملته الدعائية في مختلف الأماكن وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وقرأ احد القيادات في الحزب رسالة للقروي من سجنه أمام أنصاره في قفصة يدعوهم فيها الى إلتصويت من أجل “ثورة الصناديق” و”إرجاع تونس إلى الشعب”.

كما تولى عدد من القياديين تنظيم مؤتمر صحافي لعرض البرنامج الاقتصادي لحزب القروي القائم على “أولوية مقاومة الفقر والبطالة” والعمل على إنجاز “ميثاق اجتماعي”.

أكد محامو القروي على إمكانية أن يقوم بحملته بصفة طبيعية ووصفه أحدهم بـ”السجين السياسي”.

ولن يشارك المترشح الخمسيني في المناظرات التلفزيونية التي نظمها التلفزيون الحكومي السبت، وسيظل كرسيه في الإستوديو شاغرا.

غير أن القروي ليس بالمترشح الوحيد الذي بقي بعيدا عن الحملة، فسليم الرياحي رجل الأعمال المقيم بفرنسا منذ أواخر 2018 والملاحق قضائيا في قضايا تتعلق بتبييض أموال هو الآخر يدير حملته عن بعد.

عمد الرياحي للظهور خلال الحملة الدعائية عبر تلفزيون تونسي خاص متحدثا من مقر إقامته الفخم، كما شارك في مؤتمر لحزبه عبر تقنية “الهولوغرام” نهاية أغسطس/ آب الماضي.

وجه القضاء التونسي للأخوين نبيل وغازي القروي في 2017 تهمة تبييض أموال وتهرب ضريبي بناء على شكوى تقدمت بها منظمة “أنا يقظ” غير الحكومية.

لقيت عملية توقيف القروي انتقادات كبيرة من قبل حقوقيين، خصوصا بعد أن حاصرت قوات الأمن سيارته حين كان عائدا من زيارة قام بها في إطار حملاته الخيرية، قبل انطلاق الحملات الترويجية للانتخابات الرئاسية.

يرى بعض من أنصاره والمشرفين على حزبه أن عملية توقيفه كانت مهينة، واتهموا رئيس الحكومة ومنافسه في الرئاسية يوسف الشاهد بالضلوع فيها، وقد نفاها الشاهد لاحقا مشددا على استقلالية القضاء التونسي وعدم التدخل فيه.

كما اعتبر مراقبون ومنافسون للقروي أنه تم توظيف القضاء في عملية توقيفه. بالإضافة إلى ذلك، قدمت حكومة الشاهد مقترح قانون لتعديل المجلة الانتخابية (قانون الانتخابات)، وقد صادق عليها البرلمان، ولم يوقع عليها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي قبل وفاته.

شددت الهيئة العليا المستقلة في المقابل على بقائه مترشحا للانتخابات الرئاسية المبكرة بالرغم من كونه لا يزال وراء القضبان، ما لم يصدر القضاء حكمه النهائي والبت في حقه.

حظرت الهيئة استطلاعات الرأي خلال الحملة الانتخابية، ولكن بعض المحللين قدروا أن القروي ربح نقاطا إضافية بعد توقيفه.

يبقى أن يترجم هذا التعاطف الشعبي معه خلال عملية التصويت، وتكون بذلك سابقة في البلاد التي تشق طريقها نحو الديمقراطية منذ ثورة 2011.

يعود الفضل في الشعبية التي حصدها القروي إلى أعماله الخيرية وإلى البرامج التلفزيونية التي تبثها قناته “نسمة” يوميا، ما مكنه من الوصول وإقناع التونسيين بشخصه.

إن وصل القروي إلى الدور الثاني واستطاع نيل ثقة الناخبين، فسيكون القضاء أمام مهمة صعبة لتبرير مواصلة سجنه، وفقا لمراقبي للشأن السياسي في تونس.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.