قضايا الميراث وتعدد الزوجات والمثلية تقسم مرشّحي الرئاسة في تونس

أعادت حملة الانتخابات الرئاسية قضايا المساواة في الميراث وتعدد الزوجات وتجريم المثلية إلى السطح، في وقت طالب فيه بعض المراقبين بعدم توظيف القضايا الإيديوجية للتأثير على الرأي العام في البلاد.

وخلال لقائها بعدد المرشّحين، حاولت «القدس العربي» استطلاع آرائهم حول هذا القضايا المثيرة للجدل، حيث قال المرشح الياس فخفاخ «صفحة تعدد الزوجات طويناها منذ 1956 وهي غير مطروحة في أي فكر سياسي الآن، ففي تونس المرأة ند للرجل في كل المواقع، والدستور يدعم كل مكتساب مجلة (قانون) الأحوال الشخصية، وهو يدعو إلى المساواة التامة بين المواطنين والمواطنات، ونحن ننادي بالمساواة بين الجميع في الأجر والميراث، هذا الدستور والقوانين».

بين مَن يطالب باحترام الحقوق والحريات ومَن يدعو للابتعاد عن الصراع الايديولوجي

وأضاف «ولكن بما أننا بلاد دينها الإسلام في الدستور الذي يضمن حرية المعتقد والضمير، فمن اختار حسب عقيدته الإسلامية أن يقسم لأولاده حسب الشريعة فالقانون التونسي لن يمنعهم. لكن يجب أن يكون هناك نقاش أكثر حول هذا الأمر في تونس. وبالنسبة للمثلية، فالدولة لا يمكن أن تجرّم حرية شخصية، والجسد هو حرية شخصية، ولكن يجب أن نحترم الأخلاق العامة، لا لتجريم الحرية الشخصية ولا لعدم احترام الأخلاق في الساحات العامة، وملاءمة كل القوانين مع روح دستور 2014 في كل المجالات (الحقوق والمكتسبات والتمييز الإيجابي للجهات)».
ويؤيد المرشح محسن مرزوق، رأي منصور بقوله «تعدد الزوجات منعه بورقيبة سنة 1956، ولا أعتقد أن هناك من ينادي بعودته، باستثناء أقلية (غير مهمة). بالعكس فإن تونس فخورة بذلك والنساء التونسيات متفوقات في التعليم على الرجال. والرجل يفكر خمس مرات قبل أن يفكر بهذا الأمر. وبالنسبة للميراث، فالمساواة بين الجنسين موجودة في الدستور ولا رجوع عنها، لكن المشكلة في التنفيذ. فالإرث هو ملك شخص، بمعنى أنا حر برزقي وأمنحه لمن أشاء. ففي الدول الغربية هناك من يحرم أبناءه من الميراث ويورثه لآخرين وهناك من يورثه لحيواناته مثلا. بمعنى أنه يجب أن نعطي لصاحب الميراث الحق فيما يريد. وإذا تنازل عن حقه فالدولة توزع الميراث بالتساوي وفق الدستور (لأنها دولة مدنية)».
وحول تجريم المثلية، يقول مرزوق «قانون تجريم المثلية هو قانون فرنسي صدر 1912، عملته فرنسا عندما كانت مستعمرة لتونس. رغم أن الكثير من الناس يعتقدون خطأ أنه يتعلق بالإسلام. عموما ما يهمنا هو ما يحصل في الفضاء العام، فكل ما يحصل في الخاص هو ملك الناس، طالما ليس فيه اعتداء على حق آخر (مثل السرقة). بمعنى أن أي شيء يحصل بالتراضي داخل الأبواب، فالقانون لا دخل له به».
ويقول المرشح عمر منصور حول تعدد الزوجات «نحن في بلد ديمقراطي، فكل شخص يقول ما يريد، ولكن تعدد الزوجات يقرره رأي المجموعة لا رأي الأشخاص. فهذا رأيه وهو حر به، ولكنه لا يُلزم جميع التونسيين. أما فيما يتعلق بالمساواة في الميراث، فهذا الأمر لم يطرح سابقاً في تونس. ولم تكن هناك إشكالية تتعلق بهذا الأمر، فكل عائلة كانت تقسم ميراثها كما ترى، أي حسب فكرهم وعاداتهم وحسب المناطق. فهناك مناطق لا ترغب فيها الأخت بأخذ الميراث، ومناطق أخرى يتم فيها تقسيم الميراث بالتساوي بين الجنسين .لكن أنا – شخصياً – لست ضد المساواة في الميراث» . وكان قرار إعفاء عمر منصور من مهامه كوالٍ لتونس عام 2017، أثار جدلاً كبيراً، وخاصة أن البعض ربط بين صورته مع عماد دغيج، رئيس أحد روابط حماية الثورة، في منطقة الكرم الغربي في العاصمة، وقرار الإقالة.
وتنتقد المرشحة عبير موسي ما قامت به اللجنة التي كلفها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بإعداد مشروع للمساواة في الميراث، حيث تؤكد أن التقرير الذي أنجزته اللجنة «لا يرتقي لمستوى تقرير مؤيد فيه حجج حتى يتم اعتماده. مشروع القانون الذي عرض على البرلمان ليست فيه مساواة وليست فيه وجهة واضحة للمرأة التونسية، بل بالعكس هو غير موقع المبدأ والاستثناء فقط وأرسى نظاما قانونيا مزدوجا (شرعيا ومدنيا) وهذا أمر قطعت معه تونس منذ الاستقلال. المسألة تستحق حوارا مجتمعيا موسعا وهذا لم يتم لأن هذه اللجنة عملت في نطاق ضيق بعيدا عن القوى السياسية والفكرية والاجتماعية في البلاد».
وتضيف «تعدد الزوجات ممنوع في تونس، ولن يتم التراجع عن هذا المبدأ، بل بالعكس سيتم التشدد في ردع الزواج على خلاف الصيغ القانونية والزواج العرفي. كما أن موقفنا واضح من تجريم المثلية، فنحن لا نرفع هذ التجريم وفي الوقت نفسه لن نسعى إلى الضغط على الناس والمس من حقوقهم الإنسانية والفردية. نوفر الضمانات المناسبة عن طريق الفحص الطبي لا يمكن أن يكون إلا عبر قرار قضائي تتعهد به المؤسسة القضائية ضمانا لحرمة الجسد وحرمة الأفراد».
فيما يدعو المرشح محمد عبّو التونسيين إلى «الابتعاد عن قضايا نزاعات الهوية، لأننا سنقع جميعا في خطأ وهو أن الذين ارتكبوا أخطاء بحق التونسيين (بيمينهم ويسارهم) لن تتم محاسبتهم لو أعدنا إلى السطح القضايا الهوياتية، فهم سيستفيدون وسيفلتون من المحاسبة، بمعنى أن النقاشات لن تكون: لماذا تسببتم في الإضرار في الاقتصاد ونسبة النمو وغيرها، بل سيكون هذا المرشح ناطقا باسم الدين وفي صفه الكثير من المتحمسين، وذاك ناطق باسم الحداثة وحقوق المرأة وسيجد الكثير من الناس الذين يصدقون بأنه بالفعل يدافع عن التقدميين. ولذلك أصبحت أتجنّب الحديث عن هذه الأمور بالذات دون التراجع عن أفكاري وقيمي، وتصوري المعروف للعلاقة بين الدين والدولة حسب الدستور التونسي وهو تصور جيد جدا. لكن بودي الآن مناقشة حصيلة العمل لمن هم في السلطة والمعارضة حتى نبتعد عن صراع الهويات».

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.