وسط مناشدات حقوقية بمصر.. أطفال يواجهون الإعدام بتهمة الإرهاب

“يوم اعتقال شقيقي اقتحم الأمن منزنا فجرا وأخذه من حجرة النوم، وقد كان لديه امتحان في اليوم التالي ولم يتجاوز عمره 14 عاما”، بهذه الكلمات تستهل إسراء زهر الدين شقيقة الطفل آسر الصادر بحقه حكم بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا بقضية فندق الأهرامات الثلاثة، والتي تضم 11 طفلا آخر.

وأوضحت إسراء أن اعتقال شقيقها تم في 12 يناير/كانون الثاني 2016، وأن القوة الأمنية أخبرت والدها أن شقيقها سيواجه بعض الأسئلة ثم يعود للمنزل، وهو ما لم يحدث حتى الآن، حيث أخفي قسريا لمدة 33 يوما قبل أن يظهر في النيابة.

وتستنكر إسراء الوضع غير الإنساني في التعامل مع المساجين وذويهم بمنع الزيارة، مشيرة إلى أن إدارة السجن لا تسمح لشقيقها بالتريض، كما تمنع دخول الدواء والطعام إليه.

ويواجه آسر -لاعب كرة اليد في نادي الزمالك- تهمة الاشتراك في الهجوم على فندق الأهرامات الثلاثة عام 2016، والانضمام لجماعة حازت أسلحة نارية وذخائر، فضلا عن جرائم التجمهر واستعمال القوة مع الشرطة وتخريب الممتلكات، كما أدرجته السلطات ضمن قوائم الإرهاب؛ رغم أن الواقعة لم تسفر عن أضرار بشرية بحسب البيانات الرسمية.

وبحسب المحامي مختار منير، تعرض آسر للتعذيب البدني والنفسي الأمر وهو ما ظهر على جسده، وتحدث عنه الطفل بالتفصيل مستنكرا اعتقاله مع بالغين بالمخالفة لقانون الطفل.

وأوضح منير أن القاضي حدد جلسة يوم 22 يونيو/حزيران الجاري للنطق بالحكم بعد استلام رأي المفتي في إعدام سبعة متهمين، لكنه قرر التأجيل إلى جلسة 30 يونيو/حزيران بسبب تعذر نقل المتهمين من محبسهم.

طفل آخر
آسر ليس الطفل الوحيد الذي صدر عليه حكم بالإعدام في القضية، بل هناك أيضا الطفل كريم حميدة الذي كان يبلغ من العمر 17 عاما عندما اعتقل من منزله يوم 11 يناير/كانون الثاني 2016، ليختفي بعد ذلك قسريا لفترة تعرض خلالها للضرب والتهديد بالصعق بالكهرباء للاعتراف بما هو منسوب إليه من اتهامات، وفقا لأقواله في التحقيقات.

وكريم حميدة علي من مواليد فبرير/شباط 1998، وهو متهم بنفس تهم آسر، فضلا عن اتهامه بتمويل الجماعة التي يتهم بالانضمام إليها، “وهو ما يؤكد عبثية الاتهامات الثابتة التي توجه للأطفال دون تحريات أو سند حقيقي، ذلك لأن الأطفال ليست لديهم ذمة مالية مستقلة، ولا يمكنهم التصرف فيما يمتلكون بشكل حر دون وصاية”، بحسب بيان حول القضية لثماني منظمات حقوقية.

وقد أعربت هذه المنظمات الحقوقية عن بالغ قلقها على الأطفال الماثلين أمام القضاء المصري، وتخوف البيان من عبثية إصدار أحكام بالإعدام والسجن المؤبد على 11 طفلا ممن تبلغ أعمارهم 15 إلى 18 عاما، من أصل 26 متهما في القضية ذاتها خاصة.

وتسمح المادة 122 من قانون الطفل بمحاكمة الأطفال الأكبر من 15 عاما أمام محاكم الجنايات ومحاكم أمن الدولة العليا متى اشتركوا في القضية مع بالغين، وهو الأمر الذي تسبب في إصدار عدد من الأحكام بالسجن المشدد والمؤبد، والإعدام بحق الأطفال في عدد من القضايا السياسية، فضلا عن احتجاز الكثير من الأطفال تحت اسم الحبس الاحتياطي، بحسب بيان المنظمات الحقوقية.

وطالبت المنظمات بضرورة توقف السلطات المصرية عن استخدام عقوبة الإعدام، خاصة في القضايا التي لا تتوافر فيها أبسط معايير المحاكمة العادلة. مطالبة بالإفراج عن جميع الأطفال المتهمين بالقضية، على أن يتم الفصل في أمرهم من قبل محكمة الطفل.

وهذه ليست المرة الأولى الذي تصدر فيها أحكام بإعدام أطفال، حيث سبقتها قضايا مطاي والعدوة بمحافظة المنيا جنوب القاهرة عام 2014، وقضية أوسيم بمحافظة الجيزة عام 2018، وهي الأحكام التي ألغتها محكمة النقض بعد ذلك.

وأوضح تقرير لمنظمة هيومان رايتس مونيتور صدر في أبريل/نيسان الماضي، أن عدد الأطفال المعتقلين في مصر بلغ نحو 2200 طفل، بينهم 400 قيد الاعتقال حاليا.

وينص قانون الطفل المصري في المادة 111 لعام 1996 والمعدل برقم 126 لعام 2008، على أنه لا يعدم ولا يحكم بالسجن المشدد على من لم يتجاوز عمره 18 عاما وقت ارتكاب الجريمة. وكذلك اتفاقية حقوق الطفل الدولية التي وقعت عليها مصر، حيث تنص المادة 37 و39 على عدم تعذيب الطفل أو معاملته معاملة مهينة، وهو ما ذكره هاني هلال، رئيس الائتلاف المصري لحقوق الطفل للجزيرة نت.

وبحسب هلال فثمة مشكلة في عدم وجود تحريات كاملة تتم بصورة مؤكدة، مضيفا أن القضايا يمكن أن تلفق حال وجود قصور في التحريات الشرطية، وهو ما يعد المشكلة التي تواجه أي طفل، علاوة على عدم وجود الاختصاص في التعامل مع قضايا الطفل في القضاء لعدم الإلمام بقانون الطفل.

وأوضح أن هذا الأمر لا يظهر في القضايا السياسية فقط وإنما قضايا جنائية أخرى، مشيرا إلى أنه حال ثبت قيام الطفل بجريمة تطبق التدابير الاحترازية بوضعه في مؤسسة إصلاحية لتعديل السلوك.

بدورها تقول الاستشارية النفسية خبيرة تعديل سلوك الأطفال إيمان عبد المنعم إن دراسات علم نفس الأطفال تشير إلى أن عقاب الطفل بعقوبات كبيرة لا يعمل على تحقيق الهدف الإصلاحي، بل يؤثر على عقله وتفكيره ويدمر حياته ويجعله أكثر عرضه لارتكاب الأفعال العنيفة.

وأكدت إيمان في حديثها للجزيرة نت أن الطفل في مرحلة المراهقة يكون عقله مضطربا وبحاجة إلى رعاية اجتماعية خاصة، حتى لا ينحرف.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.