إندبندنت:جثث المتظاهرين في النيل تؤكد مخاوف ثوار السودان من السعودية والإمارات

الجثث التي انتشلت من النيل يجب أن تركز الإنتباه على الدعم السعودي والإماراتي الكبيرالذي يقدم للمجلس العسكري الإنتقالي.

علق الكاتب المعروف روبرت فيسك بمقال بصحيفة “إندبندنت” على المخاوف السودانية من التدخل الخليجي في شؤون بلادهم. وتحت عنوان “الجثث المنتفخة في النيل تؤكد مخاوف المتظاهرين المدنيين” وجاء فيه أن المتظاهرين السودانيين المؤيدين للديمقراطية كانوا أول من احتجوا على تدخل السعودية في ثورتهم و “نعرف أن السعوديين والإماراتيين أمدوا نظام عمر البشير، المطلوب للجنائية الدولية بملايين الدولارات والذي تم التخلص منه بمجموعة سرية تشبه ما فعله السيسي. ولكن المعتصمين كانوا أول من رفع شعار “لا نريد الدعم السعودي حتى لو أكلنا الفول والطعمية” وهتفوا به إلى جانب شعار “الثورة للشعب”. ولم ينتبه أحد لهذا التطور باستثناء “واشنطن بوست” إلا أن الجثث التي انتشلت من النيل يجب أن تركز الإنتباه على الدعم السعودي والإماراتي الكبيرالذي يقدم الآن للمجلس العسكري الإنتقالي. ويجب ألا نستغرب هذا فالجثث المتعفنة في النيل هي جزء من قطع الرؤوس التي نفذت ضد السجناء والمحاكمات التافهة وتقطيع جثة الصحافي السعودي جمال خاشقجي والحرب في اليمن تعطي صورة عادية عما يفعله هذان البلدان اللذان يلجأن لحل المشاكل السياسية من خلال الجرائم الفظيعة. وكل ما يريده المتظاهرون الذين اختفوا جراء قمع الميليشيات التي أطلق لها العنان النظام المؤقت بسيط ولا علاقة له فيما إن كان البشير سيقدم لمحاكمة أم لا. فما يريد المتظاهرون معرفته هي طبيعة العلاقة بين دول الخليج ورجلين: قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) وعبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الإنتقالي. وزار الرجلاندول الخليج. ويريد المتظاهرون الذين اعتصموا خارج القيادة العامة في العاصمة معرفة السبب الذي جعل السعودية والإمارات تتعهدان بدعم المجلس بـ 3 مليارات دولار. ولكنهم فضلوا الطعمية التي جاءت من مصر على المال السعودي. والحديث عن مصر يقود إلى الكيفية التي يرى فيها السودانيون موازاة بين ثورتهم التي قادت للإطاحة بنظام البشير وتلك التي أدت للإطاحة بحسني مبارك عام 2011. وكان مبارك هو “عمر بشير” مصر فيما لعب محمد طنطاوي، قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية (الذي كانت مهمته تأمين الإنتخابات) هو عبد الفتاح البرهان، الذي يترأس المجلس العسكري الإنتقالي. ومنحت الإنتخابات المصريين حرية لمدة عام سيطر عليها الإخوان المسلمين حتى قرر عبد الفتاح السيسي الإنقلاب على محمد مرسي وبدعم مالي ضخم من السعودية والإمارات.

يخشى الثوريون السودانيون الطامحين للديمقراطية من مواجهة نفس المصير وما تخطط ملكيات الخليج لهم من خلال الدعم السخي للبرهان ورفيقه البغيض.

واعتقل الثوريون الذين قادوا انتفاضة مصر، فيما هرب بعضهم أو قتل على يد قوات الأمن. وليس مستغربا أن يخشى الثوريون السودانيون الطامحين للديمقراطية من مواجهة نفس المصير وما تخطط ملكيات الخليج لهم من خلال الدعم السخي للبرهان ورفيقه البغيض. وترأس السيسي اجتماع الإتحاد الإفريقي الطارئ الذي منح المجلس العسكري ثلاثة أشهر لتسليم السلطة إلى المدنيين. ولم دعم السعوديون السيسي بالمال؟ فلماذا لا يدعمون البرهان وتقديم 3 مليارات دولار؟. ويشير الكاتب إلى أن قوات الدعم السريع التي قاتل أفرادها في دار فور وأرسل حميدتي ألافا منهم إلى اليمن للقتال نيابة عن السعوديين والإماراتيين. وعندما التقى حميدتي مع ولي العهد السعودي الشهر الماضي وعد بدعم المملكة ضد “كل التهديدات والهجمات من إيران والمتمردين الحوثيين”. وتعهد باستمرار إرسال مقاتلين سودانيين لمساعدة السعوديين في اليمن. فيما جند البرهان الكثيرين من السودانيين الذين ذهبوا إلى اليمن، وكان عدد كبير منهم تحت قيادة حميدتي. ولهذا فليس من المفاجئ رغبة محمد بن سلمان استمرار العلاقة معحميدتي وتأمين إرسال المقاتلين إلى اليمن. وبالنسبة له فكل شيء أفضل من ديمقراطية برلمانية في السودان خاصة كتلك التي تسيدها الإخوان المسلمين في مصر. وفي ضوء هذا المشهد من “الطعن في الظهر”، وجدت الولايات المتحدة نفسها في نفس الوضع المحرج بل وأشد من ذلك الذي واجهته في مصر.
وظلت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية تدعم مبارك حتى اكتشف باراك أوباما أن أيام الديكتاتور المصري باتت معدودة. ورحب بانتخاب محمد مرسي ولكنه لم يطلق على انقلاب السيسي انقلابا، مع أن السيناتور جون ماكين وصفه بما يستحق أن يوصف: إنقلاب. وبالنسبة لإدارة ترامب فلم يصدر منها أي بيان قوي حول الوضع في السودان رغم شجبها أعمال العنف. فواشنطن تريد الديمقراطية في السودان لأن هذا ما تطلبه لكل الدول. لكن ترامب يعتبر محمد بن سلمان حليفا قويا ويرى السيسي “رجلا عظيما”. ونقلت مجلة “فورين بوليسي” عن مسؤول أمريكي قوله “قادة حكومات السعودية والإمارات ومصر لا يشاركوننا القيم الديمقراطية الأساسية ومواقفهم حول ما يجب أن يحدث في السودان تتباين مع السياسات التي يجب أن تتبعها الولايات المتحدة”. وفي الوقت الذي ترغب فيه الدول الأوروبية بالإنتخابات إلا أنها تخشى من عودة النظام السابق، وما هو واضح الآن أنه لا السعودية أو الإمارات ومصر تريد ديمقراطية في السودان. ويتساءل الكاتب إن كانت هذه الدولة قوية بما فيه الكفاية لإفشال الثورة؟ أم أنها تخشى من تأثير الديمقراطية على دولهم، ويجب أن تفشل الثورة. وقال إن أكوام الجثث في القاهرة التي كومت بعد سحق السيسي مرسي والإخوان وقطع رؤوس الشيعة وتقطيع جمال خاشقجي ورمي المتظاهرين في النيل تظهر أن القوى التي تحاول سحق الثورة في السودانلن تؤدي إلى معارضة من أي نوع.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.