واشنطن بوست: بومبيو يتحدث لقادة يهود عن إمكانية فشل “صفقة القرن”

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا حصريا عن لقاء مسجل لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع قادة يهود في أمريكا قال فيه إن خطة السلام الأمريكية أو “صفقة القرن” كما تعرف ربما لن تكون قابلة للتنفيذ.

وحصلت صحيفة “واشنطن بوست” على التسجيل الذي قدم فيه أكبر دبلوماسي أمريكي تقييما منفتحا حول فرص نجاح الخطة التي أعدتها إدارة ترامب وأحاطتها بالسرية ولم تكشف عنها بعد. وفي اللقاء المغلق مع قادة يهود قال فيها “يمكن للواحد القول إن الخطة “غير قابلة” للتنفيذ وربما لن تحصل على دعم” وعبر عن أمله أن لا ترفض الخطة مباشرة.

وفي التقرير الذي أعده كل من جون هدسون ولافدي موريس نقل عن المسؤول الأمريكي قوله “ربما رفضت، وقد يقول البعض: إنها ليست أصلية، وهي تحديدا ليست مناسبة لي، وربما كان فيها أمران جيدان وتسعة سيئة، وأنا لست معها”. وأضاف: “السؤال الأكبر، هل ستكون لدينا مساحة للمناقشة الحقيقية حول كيفية بناء” الخطة. وتعلق الصحيفة أن كلام بومبيو هو كلام صريح من مسؤول أمريكي حول خطة الرئيس دونالد ترامب “صفقة القرن” والتي يريد منها خلالها حل نزاع إسرائيلي- فلسطيني مستعص والتي كلف زوج ابنته جاريد كوشنر بمهمة الإشراف عليها مع المحامي جيسون غرينبلات وتم تأخير الإعلان عنها بشكل متكرر.

وقال بومبيو في مؤتمر “قادة أكبر المنظمات اليهودية الأمريكية” ومقرها في نيويورك: “أخذنا وقتا لطرح خطة اعتقدت أنها ستكون سهلة”. وفي محاولة لتقليل التوقعات قال:” لا توجد ضمانات أننا نحن الذين سنقوم بحلها” ولكنه عبر عن أمله بتعامل الجميع معها “بطريقة جدية” معترفا بالرأي العام الذي يتعامل مع الخطة أنها من جانب واحد “أفهم أن هناك من يقول إنها صفقة سيحبها الإسرائيليون” وأضاف: “أتقبل المفهوم هذا، وآمل أن يمنح كل طرف المساحة للإستماع وعدم التعجل “برفضها.

وتعلق الصحيفة أن الرئيس ومنذ إعلانه عن خطط لحل النزاع الذي مضى عليه عقودا، اتخذ قرارات عارضها الفلسطينيون بشدة، مثل اعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب. ثم قطع الدعم عن السلطة الوطنية الفلسطينية والأونروا التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين وأغلق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان. ونقلت الصحيفة عن شخصين حضرا اللقاء قولهما إنهما خرجا بانطباع أن بومبيو ليس متفائلا من فرص نجاح الخطة. وقال أحدها: “لم يكن واثقا من العملية وأنها ستقود إلى نتيجة ناجحة”. إلا أن إيلان كار، المبعوث الخاص للخارجية لمكافحة معاداة السامية فقد عبر عن موقف مختلف قائلا إن بومبيو “قدم تقييما متفائلا لمنظور صفقة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين”، مضيفا: “كان موجزا جيدا وتلقاه الحاضرون في المؤتمر بشكل جيد”. وقال آرون ديفيد موللر، المفاوض السابق لكل من الجمهوريين والديمقراطيين معلقا على تعليقا بومبيو بأنها “الأكثر كشفا وتقييما حقيقيا للخطة سمعته حتى الآن” و “حقيقة اعتراف بومبيو السهل باحتمال وواقع أن الخطة أقيمت على أساس المحاباة مع إسرائيل، مذهل”. وقال المدير التنفيذي للمجموعة اليهودية مالكوم هونلين إن تعليقات بومبيو كانت تعبيرا عن رؤية الآخرين عن الخطة وأنها متحيزة لصالح إسرائيل ولم تكن مواقفه الخاصة. و “كان يقول إنه من السهل الوقوع في مصيدة هذه التقييمات المتحيزة”. وعلى خلاف وزراء الخارجية السابقين لا يشرف بومبيو على الخطة ولكنه أكد إطلاعه على تفاصيلها وما يمكن عمله لو قررت إسرائيل المضي في خطط ضم مناطق من الضفة “لقد اطلعت على ما أعتقد أنها تفاصيل وما سنعمله للتحرك”.

كلا من كوشنر، وهو ابن عائلة تشتغل في العقارات من نيوجرسي والمحاميت السابق لترامب ومنظمته هما من قادا المبادرة وكلاهما يهودي ملتزم ولديهما ارتباط مشترك بإسرائيل

وتعلق الصحيفة أن كلا من كوشنر، وهو ابن عائلة تشتغل في العقارات من نيوجرسي والمحامي السابق لترامب ومنظمته هما من قادا المبادرة وكلاهما يهودي ملتزم ولديهما ارتباط مشترك بإسرائيل. وقال بومبيو إن الإدارة لم تعتقد أبدا بأن السلام الدائم سيكون سهلا:”ليس لدينا وهم بأننا سنطرح هذا وكل واحد سيقول لنا: أين سنمضي بعد حفلة التوقيع” و “الأمر ليس كذلك”. وتقول الصحيفة إن كلام بومبيو حدد المعركة القادمة من أجل تمرير الخطة والتي ظهرت أمامها عقبة جديدة عندما فشل بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة وتحديد موعد جديد للانتخابات. ومن هنا فإن أرادت الحكومة الأمريكية تجنب طرح الخطة في وقت حساس لنتياهو فعليها الانتظار إلى تشرين الثاني (نوفمبر) وهو الموعد الذي ستبدأ فيه حملة ترامب لإعادة انتخابه. وقال بومبيو إن وزارة الخارجية “قامت بمناقشة ما يمكن ان يحدث لو لم تحصل الخطة على دعم”. وأضاف “لن أطلق على الأمر فشلا” و “سمه بما شئت، أفشل كثيرا، ولهذا فالأمر ليس عن استخدام هذه الكلمة”.

وتضم الخطة الطارئة طرقا لكيفية الرد على قرار إسرائيل لضم مناطق في الضفة، وخطوة كهذه ستكون بمثابة المسمار في نعش حل الدولتين. وكان نتنياهو قد تعهد في حملته الانتخابية بضم كتل استيطانية لإسرائيل حيث يتعرض لضغوط من الجماعات اليمينية المتطرفة. ومن هنا فخطة سلام تمنح سيادة على مناطق معينة في الضفة الغربية قد تشجع الذين يدعون للضم. ومن هنا يقول بومبيو إنه لو قررت إسرائيل المضي في عمليات الضم فستفكر الإدارة ” بالطريقة المثلى للتوصل إلى نتائج تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية”. وعندما سئل إن كانت هناك جهودا لجلب الفلسطينيين إلى الجهود قال: “كل طرف سيجد فيها ما يكرهه” ولكن الجميع بمن فيهم الفلسطينيون “سيجدون فيها شيئا جيدا سيقولون إنه جيد للبناء عليه”.

ويرى المسؤولون الفلسطينيون أن الخطة التي تعدها الإدارة متحيزة لإسرائيل. وفي خطاب ألقاه رئيس السلطة محمود عباس قال إن “صفقة القرن” يجب أن “تذهب للجحيم”. وأعلنت الإدارة عن مبادرة في البحرين لحشد الدعم للمشاريع الاقتصادية حيث قال الفلسطينيون إنهم سيقاطعون اجتماع المنامة. وقال بومبيو إنه لو وافقت الكويت فمعظم دول الخليج ستوافق على الأقل الاستماع، مضيفا إن دول الخليج لن تقدم الدعم الكامل وهي لم تر الخطة الكاملة. ويرى نقاد خطة ترامب أن النهج الاقتصادي لم يردف بنقاشات سياسية. ويقول ميللر “لا يمكنك عقد تنمية اقتصادية بدون حل القضايا الأمنية والسياسية والتي ستسمح للمستثمرين والاقتصاد الداخلي بالنمو”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.