لا تحزن

بقلم د. جمال الباشا

“لا تحزن”

أيها المهموم المكلوم من جَلَد الفاجر وعجز الثقة، لا تحزن .. فإنَّ الدعوة لن تسقط بسقوط بعض دعاتها ولا تخاذلهم وانتكاسهم، فقد عرف الأخيارُ الحق وشقوا الطريق، وقد يهيء الله لدينه رجالا أشد وطأً وأقوم قيلا.

لا تحزن ..

فقد انتشرت الصحوة المباركة في أرجاء الدنيا وذاق الناس حلاوتها وخيراتها وتُرجم ذلك إلى استقامة ظاهرة وعودة حميدة في صفوف النشئ، ووعي رفيع بهموم الأمة وقضاياها، فلا عودةَ إلى حياة الجهل والتغييب والاستكانة للباطل، فمن ذاق عرَف، ومن عرف لزِم.

لا تحزن ..

فإنَّ هذا الدينَ دينُ الله تعالى، هو الذي تكفَّل بحفظه ورعايته، وسيظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
لقد مرَّت الأمة عَبر تاريخها بمنعطفات خطيرة حتى ظنَّ أعداؤها أنها قد انتهت إلى غير رجعة، ثم نهضت من كبوتها وأفاقت من غفوتها وعادت أقوى مما كانت عليه، لتفرض نفسها على عدوها بالقوة.

لا تحزن ..

فمن عرف طريق الرحمن استعلى بإيمانه على سُبل الشيطان ولن يعود إلى الهوى والعصيان.
وأسعد امرأة في العالم لن تعود تعيسةً بعد أن عشقت الحياء وتنفست الكبرياء.
وإذا رأيت المتساقطين على الطريق عند أدنى اختبار فالتفت إلى الثابتين عليه من القابضين على الجمر، تستوي لديك النظرة وتعتدل الفكرة.

لا تحزن ..

إذا أحبطتك رؤية المرجفين فانظر إلى رسوخ الصادقين اللهَ ما عاهدوه عليه فمنهم من قضى نحبه، وآخرون يدفعون ثمن ثباتهم على الحق من أعمارهم في سجون الظالمين سنين عددًا، ولم يبدلوا تبديلا.
أولئك وجه الأمة المشرق من علمائها ودعاتها المخلصين، لن يضرَّهم خذلان إخوانهم لهم، ولا يجرحُهم اعتذار المرجفين عن حسناتهم.

لا تحزن ..

إذا رأيت أهل الباطل يُنفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ويحاربون أولياءه عبر قنوات الشر والفساد، فاعلم أنها ستكون عليهم حسرةً ثم يُغلبون، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون.

لا تحزن ..

إذا رأيت قوة الباطل وآلته الحربية المذهلة فتذكر أنَّ ثمة قوةً فوقها لا تُقهَر، إنها قوة الله القاهر فوق عباده، منحهم القوة علينا ليبتليهم ويبتلينا، فإذا أذن الله بإهلاكهم لم تُغنِ عنهم فئتُهم شيئًا ولو كثُرَت.

لا تحزن ..

فإنَّ العاقبة للمتقين، والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، ومن ضحك أخيرًا ضحك طويلا، ومآل الناس إلى جنة أو نار، فلا فلاحَ لمن كانت النار موعده، ولا شقاء لمن ورث الفردوس.

لا تحزن أيها الصابرُ الثابت على دينك فعمَّا قليلٍ تسمع مخاطبة الملائكة لك وهي تقول:
(سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).