تونس: شهادات صادمة لناشطات في «النهضة» تعرضن للتعذيب خلال حكم بن علي

قال راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» التونسية، إن مسار العدالة الانتقالية لم يول الاهتمام الكافي بمأساة الناشطات في الحركة اللاتي تعرضن للتعذيب والاضطهاد خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وكانت المحكمة الابتدائية في تونس بدأت النظر في إحدى قضايا العدالة الانتقالية المتعلقة بالتعذيب لناشطات من حركة النهضة في أقبية وزارة الداخلية في تسعينيات القرن الماضي. وقد شملت الأبحاث في القضية 7 متهمين من بينهم بن علي ووزير الداخلية الأسبق عبد الله القلال مدير الأمن الرئاسي سابقا، وعلي السرياطي مدير الأمن الرئاسي، ومحمد علي القنزوعي المدير العام السابق للمصالح المختصة.

نزعت ملابسهن وهدّدن بالاغتصاب… والغنوشي طالب الجلادين بالاعتذار

وخلال حضوره الجلسة للإدلاء بشهادته، قال الغنوشي إن مسار العدالة «لم يكشف بالقدر المطلوب عن هذا الجانب من مأساة المرأة النهضاوية وما طالها من قمع وحصار وتجويع وتنكيل، وقد كان أزواجهن وأبناؤهن يتنقلون بين السجون من الشمال إلى الجنوب والعكس بالعكس بما جعل رحلة عذاب المرأة الزوجة والأم والأخت رحلة شاقة (…). نريد من العدالة الانتقالية أن تنتهي إلى غاياتها وهي المصالحة بين الضحية والجلاد».
وانتقد عدم حضور المتهمين في القضية، مضيفا «دائما يأتي الضحايا، بينما قفص الاتهام يبقى دوما خاليا (…) ربما نحتاج إلى تطوير القانون نفسه بما يشجع المتهم على الحضور عندما يأمن على نفسه أنه ليس معرضا لقضاء بقية عمره في السجن. فنحن نريد عدالة انتقالية فيها كشف للحقيقة ووضع الترتيبات الكافية حتى يأمن أولادنا ألا تتكرر الجريمة وأن لا يمروا بنفس المعاناة وأن يعتذر الجلادون للضحايا وأن يعبروا عن ندمهم، ومقابل ذلك يقع تشجيع الضحية على السماحة والعفو باعتبار العفو قيمة إسلامية وإنسانية عليا، وتتولى الدولة جبر الضرر بما أن الجرائم ارتُكبت باسمها».
وخلال الجلسة، قدم الضحايا شهادات «صادمة» عن طرق التعذيب والانتهاكات التي تعرضن لها في أقبية وزارة الداخلية خلال حكم بن علي، حيث أكدت إحدى الضحايا وتُدعى حميدة العجنقي أنها اضطرت لترك الدراسة في المدارس الحكومية بسبب التضييق الذي تعرضت له من قبل بوليس بن علي بسبب ارتدائها للحجاب، مشيرة إلى أن والدها سجلها في مدرسة خاصة استطاعت فيها الدراسة وهي مرتدية الحجاب، لكنها أكدت أنه تم منعها من العمل بعد التخرج بسبب ارتدائها للحجاب.
وأشارت الضحية إلى أن عناصر استخبارات تابعين لوزارة الداخلية يرتدون زيا مدنيا قاموا في أحد الأيام بمداهمة منزلها، حيث قاموا باعتقالها هي وبعض الفتيات المحجبات، قبل أن يتوجهوا بهن إلى مبنى وزارة الداخلية حيث قاموا بنزع ملابسهن وتعرضن للتعذيب والتحرش من قبل السجانين.
وأشارت إلى أن عناصر الأمن هددوا باغتصابها إذا لم تدلِ بمعلومات حول مكان وجود قيادي في حركة «النهضة» يُدعى الصحبي الهرمي كان متخفيا عن عناصر الأمن، لافتة إلى أنها تعرضت لتعذيب شديد ومتواصل لفترة طويلة، قبل أن يحذرهم الطبيب المراقب من أن الاستمرار في التعذيب سيؤدي إلى وفاتها.
كما أشارت إلى أن عناصر الأمن هددوها وزميلاتها، قبل إطلاق سراحهن، بإعادتهن إلى أقبية وزارة الداخلية في حال محاولتهن الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، أو التوجه لأحد الأطباء للحصول على شهادة طبية تثبت تعرضهن للتعذيب، وهو ما دفعهن للصمت خوفا من الاعتقال مجددا.
وكان القضاء التونسي قرر في وقت سابق الإفراج عن السرياطي والقلال بعد تخفيض عقوبة السجن إلى ثلاث سنوات فيما يتعلق بقتل محتجين أثناء الثورة التي أطاحت ببن علي قبل ثلاث سنوات، وهو ما دعا نشطاء وحقوقيين لاتهام السلطات بـ«خيانة الثورة»، مشيرين إلى وجود صفقة سياسية بين القضاء وبعض الأحزاب السياسية لغلق هذا الملف بشكل كامل.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.