“ميدل ايست آي”: الشرطة المصرية تجبر أصحاب المحلات على تعليق لافتات دعماً للتعديلات الدستورية

كشف موقع “ميدل ايست آي” أن أصحاب المحلات التجارية في مصر قد تعرضوا للتهديد من قبل الشرطة، وقال الموقع، بناء على تعليقات من أصحاب المتاجر، إن الشرطة إجبرتهم على وضع لافتات تدعم حملة يديرها حزب سياسي تابع للمخابرات.
ويتكلم التقرير عن صاحب كشك يبيع فيه السجائر والوجبات الخفيفة، أحمد، الذي يعلق منذ 7 سنوات صورة لابنه محمد الذي قتلته الشرطة خلال الاحتجاجات في يناير / كانون الثاني 2011، حين أطلقوا النيران على المتظاهرين وقتلوا عشرين منهم. وفي وقت سابق من هذا الشهر ، تلقى أحمد مكالمة من مركز الشرطة المحلي تملي عليه استبدال صورة ابنه بلافتة أخرى مضمونها أنه يدعم التعديلات الدستورية المقترحة. وقال بائع آخر لـ”ميدل ايست اي”: “لا نعرف أي شيء عن التعديلات أو الدستور. أتت الشرطة إلى الكشك وأمرتني بمنحهم 1500 جنيه (87 دولاراً) حتى يعلقوا لافتة كبيرة.” ويذكر أنه من شأن التعديلات المقترحة أن تمدد ولاية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي حتى عام 2030.
وبعد يوم واحد فقط من موافقة البرلمان المصري بأغلبية ساحقة على التعديلات، هذا الاسبوع، أعلنت وكالة الانتخابات في البلاد أن التصويت على الاستفتاء سيبدأ يوم الجمعة ويستمر حتى يوم الاثنين.
وأشار التقرير إلى أنه في الوقت نفسه ، أغلقت الدولة أكثر من 34000 موقع على شبكة الإنترنت في محاولة لتقييد الحملة التي تقودها المعارضة، والتي بدأت في محاولة لحشد المصريين ضد التعديلات التي يقول نشطاء وجماعات حقوقية إنها ستزيد من تكريس الحكم العسكري في البلاد.
لكن إضافة إلى إغلاق المواقع والمضي قدماً في الاستفتاء بأسرع وقت ممكن، حشدت الدولة أيضاً الموارد والأفراد لرشوة الناخبين وترهيبهم لدعم التعديلات، بحسب ما قالته مصادر الموقع.
أحمد، على سبيل المثال، والذي يملك كشكاً، إلى جانب أصحاب متاجر وأعمال ومطاعم، إضافة إلى أعضاء من النخبة الطبقية المصرية، من مختلف أنحاء البلاد، قد أخبروا الموقع أن مسؤولي الأمن أجبروهم على تعليق لافتات تدعم التعديلات، ودفع ثمنهم أيضاً.

يقول البعض إن الشرطة هددت بإعادة فتح تحقيقات مغلقة بحقهم، أو إلغاء تصاريح الشركات في حال لم يعلقوا اللافتات التي تكلف كل منها حوالي 30 دولاراً. ويختلف عدد اللافتات التي تطلبها الشرطة بحسب اختلاف طبيعة الكشك أو المحل، فعلى أصحاب أكشاك بيع السجائر الدفع مقابل لافتتين، أما مطاعم المأكولات البحرية، فعليها تعليق خمسة، وفقًا للمقابلات.
ويضيف التقرير أنه تعتبر اللافتات ، وفقًا لمصادر متعددة ، جزءًا من حملة صممها “مستقبل مصر” ، وهو حزب سياسي يعتقد على نطاق واسع أنه مرتبط بالمخابرات المصرية، وتم تشكيله في أعقاب انقلاب عام 2013. ويمتلك الآن ثاني أكبر عدد من المقاعد في البرلمان.
وقال مصدر في المخابرات للموقع إن الحزب يعمل على نطاق واسع في حملة الاستفتاء لأنه يوجد مخاوف جدية بأن الشعب المصري سيقوم بالتصويت ضد التعديلات.
وانتشرت في جميع أنحاء البلاد لافتات تقول “اعمل الصح”، كما نشر للفنان أحمد الحجاج أغنية عنوانها “اعمل الصح” وغيرها لشعبان عبد الرحيم بعنوان “عاوزين دستور جديد”.
وفي حين أنه من المعروف عمومًا بين المصريين أن الحزب هو القوة الكامنة وراء الحملة، إذ وضع شعاره على بعض اللافتات، وقد رعت حفلات في الشوارع لدعم التعديلات، يشير التقرير إلى أن هذه المرة الأولى التي يتم فيها التكلم في الإعلام عن مسؤولية الحزب.

وأكد مصدر يعمل في محافظة القاهرة ، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الحزب كان وراء الحملة ، وأضاف أن الشرطة تأخذ الأموال من أصحاب المحلات وتسلمها للمحافظات والبلديات المحلية، التي تعمل مع الحزب على نشر اللافتات.
وأكد تسعة من أصحاب المتاجر، في مناطق عدة من القاهرة، الموقع، أنه قد أمرتهم مراكز الشرطة القريبة بتسليم المال من أجل تعليق اللافتات.
وقال محمد ، وهو صاحب مقهى، الموقع أنه قد أجبر على دفع 1000 جنيه مصري (58 دولارًا) لتعليق لافتتين. وقال: “جاء اثنان من رجال الشرطة في ثياب مدنية وهددوا بتلفيق التهم ضدي وإغلاق المقهى في حال لم يتوفر لدي المبلغ المطلوب”. وأضاف: “نحن مقهى صغير ، ولكن هناك شركات ومطاعم فخمة دفعت ما يصل إلى 9000 جنيه مصري (523 دولارًا) لتجنب المتاعب أو المضايقات من قبل الحكومة”.

بينما كان على محمد أن يضع لافتتين ، حسن ، صاحب مطعم في مدينة نصر ، قال إنه اضطر إلى وضع خمسة لافتات. وقال للموقع: “اتصل بي مكتب التحقيق في مركز الشرطة وطلب 5000 جنيه مصري (290 دولارًا) مقابل 10 لافتات كبيرة وإلا فإنه سيعيد فتح قضية ضدي”.
والقضية، يتابع التقرير، هي أنه قام حسن منذ سنوات ، بوضع طاولات على الشارع ، وهو أمر شائع بين أصحاب المطاعم في القاهرة ، لكنها تعتبر توسعًا غير قانوني. لم تتم إحالة قضيته إلى هيئة قضائية، لكنه كان يخشى أن يتم ذلك في حال لم يعلق اللافتات. وقال: “إن الناس يفعلون ذلك لأنهم خائفون ، إذ يعلم الجميع أننا مضطرون وإلا سنخسر أعمالنا. حتى أقسى وأغنى رجل أعمال سوف يتبع الأوامر. لن يجرؤ أحد على الكلام”.

في المناطق الأكثر فقراً في العاصمة ، أخبر سكان محليون الموقع أن المسؤولين الحكوميين تعاونوا مع نواب حزب “مستقبل وطن” لتعبئة المدنيين. وقال سعيد، الذي يملك متجراً للعصير في حي فقير، إن المسؤولين حضروا إلى متجره وأمروه “بتوظيف دي جي وإحضار 50 شخصاً إلى أقرب مركز اقتراع”. وقال يوسف: “قالوا إن الخمسين يجب أن يهتفوا ويهتفوا للدستور لمدة ثلاثة أيام ، وعليهم أن يتواجدوا هناك عندما تنقل المحطات التلفزيونية”، مضيفًا أنه سيصوت ضد الاستفتاء. وقال “في العلن ،قلت أني سأصوت بنعم ، لكن بيني وبين الله ، سأقول لا لأن هذا القمع يجب أن لا يستمر”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.