كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون

ارتكاب بعض الملتزمين لبعض الأخطاء والمخالفات الشرعية ليس في ذلك مبرر لأي بشر كان أن يترك أمر الله والامتثال له، بحجة أن فلاناً من الناس يشوّه الدين بسلوكه!

ونذكر أنفسنا ومن يحتج بمثل هذه الحجج أن كل البشر معرضون للخطأ، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) (رواه الترمذي)، والذي ينتقد هذا المصلّي وتلك المحبة، أقول له ألا صليت وتجنبت خطأ من أنكرت عليه، وكنت أنت خير مثال وقدوة، ولتلك التي تتذرع بترك الحجاب؛ لأنها تجد في البعض من يتستر بالحجاب على بعض سلوكياته، ألا كوني أنت القدوة في حجابك وحسن سلوكك، وتذكري أن الله يسألك يوم الحساب عن ذنبك وتقصيرك أنت، لا عن ذنوب الناس، فاتركي الناس لرب الناس، هو أعلم بسرائرهم وما تخفيه صدورهم.

وأما أؤلئك الذين يجاملون وينافقون ويلتفون بطانة حول من يحارب الدين، بحجة أن قلوبهم تبغضهم، فما موقفكم من أمر الله المباشر: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [سورة النساء، آية:140)، فكيف إذا كان الأمر يتعدى الاستهزاء بشعائر الدين إلى قضية مفصلية وهي الولاء والبراء؟!

نعم كل القلوب تدّعي الحب والإيمان، وتصديق ذلك إنما يكون بالاتباع وامتثال أمر الله، وهذه التكاليف الشرعية التي كلفنا بها إنما هي من الامتحانات التي يمتحننا الله بها؛ ليميز الصادق من الكاذب، فمن صبر عليها واتقى الله فهنيئاً له رضوان الله، وما سورة العصر إلا نور ساطع تلقي الضوء على نهج أولئك الذين كتب لهم الفلاح والنجاة من الخسران قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)}، وأما من تسلّح بحبه القلبي، فنذكره وأنفسنا أن علامة الحب هي الطاعة، ورحم الله القائل:

تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إنّ المحب لمن يحب مطيع

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.