نعمة فلا تجعله نقمة

قال الله تعالى:
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.

معنى { وَٱبْتَغِ… } [القصص: 77] أي: اطلب { فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ… } [القصص: 77] بما أنعم عليك من الرزق { ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ… } [القصص: 77] لأنك إن ابتغيت برزق الله لك الحياة الدنيا، فسوف يَفْنى معك في الدنيا، لكن إنْ نقلتَهُ للآخرة لأبقيتَ عليه نعيماً دائماً لا يزول.

وحين تحب نعيم الدنيا وتحتضنه وتتشبث به، فاعلم أن دنياك لن تمهلك، فإما أنْ تفوت هذا النعيمَ بالموت، أو يفوتك هو حين تفتقر. إذن: إن كنت عاشقاً ومُحباً للمال ولبقائه في حَوْزتك، فانقله إلى الدار الباقية، ليظل في حضنك دائماً نعيماً باقياً لا يفارقك، فسارع إذن واجعله يسبقك إلى الآخرة

قصة و عبرة: كان حلمه أن يصبح ثرياً ، هذا ما سعى إليه ” أنور ” منذ صباه ، لم يكمل دراسته ، بل ترك المدرسة مبكراً وأمتهن التجارة ، وبدأت رحلته مع الزمن.

تسابق في جني الأموال مع ساعات الليل والنهار ، فنسي نفسه وأخلص لعمله ، كان يمرّ من أمام المطعم ، فتعبق رائحة المشاوي أنفه وتثير شهيته لكنه يكبتها ، ولا يسخو بتبذير جزء من أمواله مقابل لذة زائلة ، وهكذا كان ، فقد حرّم نفسه من الملبس أيضاً ومن المسكن والزواج وركوب السيارات الفاخرة وأشياء غيرها كثيرة ،،،

وفي النهاية وبعد سنوات طويــله إستطاع ” أنور ” تحقيق حلمه ، وجمع الثروة المنشودة ، وأصبح من أثرياء البلد المشهورين ،،،

وعندها أراد أن يحيا حياته الجديدة ويتفرغ للملذات التي حرم نفسهُ منها ، وأن يتزوج وينجب الأولاد الذين يتمناهم ، ولكنه حاول أن يتصرف كالأغنياء ، فذهب للطبيب ليجري فحصاً كاملاً ، ويا لهول الصدمة…!

فقد أثبتت التحاليل الطبية دون أدنى شك أنه مصاب بعدة أمراض لا تجيز له أكل الحلويات وأصناف اللحوم والدسم ، وتبين أن عنده مرضاً في القلب يحرمه من الزواج وضعفاً في نظره يمنعه من قيادة السيارات ، وغيرها الكثير والكثير ،،،

عاد أنور إلى بيته ، نظر إلى خزنته الملأى برزم العملات ، فندب حظه وأضاف إليها رزمةً جديدة تحتوي على وصفات الطبيب التي ربما لن تنتهي.

السعي وراء المال وجني الأرباح هو حلم يراود الكثير من الناس ، فمن منّا لا يحلم بأن يصبح غنيّاً ، ومن منّا لا يحب أن يمتلك بيت جميل وسيّارة جميلة وأن يكون لديه رصيد في البنك.

فالمال عزّ والمال راحة وسعادة ، والمال وسيلة للعيش بهناء ، ولكن يجب أن تـنـتبه أخي القارئ أن لا تجعل حبّك للمال أن يجعل منك عبداً له ، فالمال فتنة كبيرة إن لم تنتبه لهذا الأمر ، فهناك كثيراً من الشعوب أهلكها جشعها الزائد للمال، ولا تهمل جوانب الحياه الأخرى.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.