أيديولوجية “سفّاح البوسنة” ما تزال حيّة لدى عنصريي صربيا

المصدر: الأناضول

– واجه بعض الصرب إدانة رادوفان كاراجيتش بارتكاب جرائم حرب بالاستنكار والانتقاد
– البعض يرونه الشخص الذي دافع عن حلم صريبا الكبرى ويحظى باحترام كبير لديهم
– سياسيون اعتبروا القرار غير محترم وساخر ولا صلة له بالقانون والعدالة
– سكان مناطق ذات أغلبية صربية في البوسنة والهرسك طالبوا بإطلاق سراحه وأكدوا استعدادهم للسير وراءه
– الصحف الصربية، استنكرت وانتقدت أغلبها قرار السجن المؤبد بحق “سفاح البوسنة”
رغم توجيه تهم له تتعلق بجرائم حرب، والحكم عليه بالسجن المؤبد من قبل محكمة الجنايات الدولية بمدينة لاهاي الهولندية، إلا أن أيديولوجية رادوفان كاراجيتش، المعروف بـ”سفاح البوسنة”، ما تزال حيّة لدى الكثير من العنصريين في صربيا.

وعقب قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، قبل أيام، بحق زعيم صرب البوسنة مطلع التسعينيات، واجه البعض من الصرب القرار المذكور بالاستنكار والانتقاد، إذ يعتقدون أن كاراجيتش بريء من التهم الموجهة إليه، ويطالبون بتبرئته منها.

اللقاءات التي أجريت مع سكان المناطق ذات الأغلبية الصربية في البوسنة والهرسك، وتصريحات الساسة الصربيين، وموقف الإعلام الصربي من قرار السجن المؤبد بحق كاراجيتش، تؤكد على مواصلة سريان أيديولوجية الأخير القائمة على تطهير البوسنة والهرسك من جميع السكان باستثناء الصرب.

ويرى العنصريون الصرب القاطنون في مناطق يشكلون أغلبيتها في البوسنة والهرسك، خلال اللقاءات التي أجريت معهم، بأن كاراجيتش هو الشخص الذي دافع عن “حلم صربيا الكبرى”، وأنه يحظى باحترام كبير لديهم، بل ويعتقدون أنه بريء من كل ما أسند إليه من تهم.

** سياسي وشعبي

ميلوراد دوديك، السياسي الصربي الذي يشغل منصباً هاماً بكونه عضو بمجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك، وصف قرار محكمة الجنايات الدولية بحق كاراجيتش بأنه “غير محترم” و”ساخر”.

تصريحات سياسي صربي مثل دوديك الذي يمثّل البوسنة والهرسك في المحافل الدولية، تظهر القيمة التي يوليها البعض لكاراجيتش الذي قتل عشرات الآلاف من الأبرياء.

بدورها، قالت “ونجا كاراجيتش جوفيجاويتش”، ابنة “سفاح البوسنة” ونائبة رئيس البرلمان الصربي، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق والدها، “لا صلة له بالقانون والعدالة”، مبينة أن القرار اتُّخذ تحت ضغوط سياسية.

ويطالب البعض من سكان المناطق ذات الأغلبية الصربية في البوسنة والهرسك، بإطلاق سراح كاراجيتش، واصفين القرار بـ”غير العادل”، ومؤكدين استعدادهم للسير وراء “سفاح البوسنة.”

كما يصف هؤلاء كاراجيتش بأنه “البطل” الذي يمثّلهم، الأمر الذي يعتبره البعض مضراً بطموح السلام والعيش المشترك في البوسنة والهرسك.

وعلى بعد 20 كيلو متر عن العاصمة البوسنية سراييفو، وفي مدينة يشكل الصرب غالبيتها، أطلق اسم كاراجيتش على المدينة، رغم إدانته كمجرم حرب.

** صمت رسمي

ورغم وصف الإعلام الصربي قرار محكمة الجنايات الدولية بحق كاراجيتش، بأنه “غير عادل”، إلا أن الجهات الرسمية في بلغراد، ما تزال تلتزم الصمت في هذا الخصوص.

ولم يُصدر حتى الآن أي مسؤول صربي وبالأخص رئيس البلاد ورئيس الوزراء، أية تصريحات حول الأمر، باستثناء تصريحات بعض زعماء الأحزاب ورؤساء منظمات المجتمع المدني.

أما الصحف الصربية، فقد استنكرت وانتقدت أغلبها قرار السجن المؤبد بحق “سفاح البوسنة”.

صحيفة “كورير” وصفت القرار في افتتاحيتها بـ “غير العادل”، فيما وصفته صحيفة “إنفورمار” بـ”الظلم الرهيب”.

أما صحيفة “ألو” فقد علقت على القرار بقولها “كاراجيتش تُرك للموت خلف القبضان الحديدية”.

وتلقى “سفاح البوسنة”، عام 2016، حكمًا بالسجن 40 عامًا مع حق الاستئناف، من قبل محكمة جنائية دولية خاصة بجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، قبل أن يتم حلها في العام نفسه، لتتسلّم “آلية المحكمة الجنائية الدولية” تلك القضايا، في 2017.

** رادوفان كاراجيتش

ولد عام 1945، في بلدة “بيتنيجا”، الواقعة حاليًا ضمن حدود جمهورية الجبل الأسود، وأنهى تعليمه في جامعة سراييفو، بقسم علم النفس، قبل أن يعمل في أكبر مستشفى بالمدينة.

وكاراجيتش، من مؤسسي الحزب الديمقراطي الصربي، عام 1989، في البوسنة والهرسك، وأصبح أول رئيس لجمهورية صربيا المعلنة قبيل اندلاع الحرب في البوسنة.

ويعتبر كاراجيتش، مسؤولًا عن الكثير من الجرائم التي ارتكبها الصرب خلال الحرب على رأسها الإبادات والمجازر، والتطهير العرقي والاغتصاب، وصدر بحقه قرار إلقاء قبض عام 1995.

اعتُقل “كاراجيتش” عام 2008 في العاصمة الصربية بلغراد، بعد سنوات من التخفي بهوية مزيفة، وتم تسليمه إلى المحكمة الدولية بمدينة لاهاي الهولندية لتبدأ محاكمته عام 2009.

وأصدرت محكمة الجنايات الدولية بمدينة لاهاي الهولندية، الأربعاء الماضي، حكمًا نهائيًا بالسجن المؤبد بحق كاراجيتش.

وأكدت المحكمة إدانة كاراجيتش، بالتورط في مذبحة سربرنيتسا، التي قضى فيها أكثر من 8 آلاف بوشناقي مسلم في أيام قليلة، منتصف 1995.

كما أدانوه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب البوسنة (1992-1995)، التي قتل فيها أكثر من 200 ألف مسلم.

وذكرت المحكمة أن كاراجيتش، أول رئيس لجمهورية صرب البوسنة، كان على علم بالجرائم التي ارتكبت بعد سقوط سربرنيتسا في يوليو/ تموز 1995.

وألغت المحكمة الحكم السابق الصادر بحق كاراجيتش بالسجن 40 عامًا، وقضت بالسجن المؤبد عليه بعد إدانته بالكثير من الجرائم تحت بنود “الإبادة”، و”جرائم ضد الإنسانية”، و”جرائم حرب”، مثل النفي، والقتل، والتهجير،

والإرهاب، والاعتداء على المدنيين، والإعدامات بالرصاص وأخذ أسرى.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.