فايننشال تايمز: البابا فرانسيس يخوض معركة خاسرة وذهب للعنوان الخطأ في الشرق الأوسط

في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” ناقش فيه المعلق ديفيد غاردنر زيارة البابا فرانسيس إلى الإمارات العربية المتحدة.
وكتب تحت عنوان “البابا فرانسيس يخوض معركة خاسرة في الشرق الأوسط”، ووصف زيارة الحبر الأعظم بأنها لأول كاثوليكي يزور الجزيرة العربية مهد الإسلام. وهي زيارة “تاريخية” بالمعنى المقيد للكلمة، فالزيارة خطوة أخرى على طريق العلاقات الطويلة ولكن المتجلدة بين عالم المسيحية والإسلام.
وجاءت الزيارة التي وجهها ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات إلى الحبر الأعظم كجزء من مبادرة للحوار الديني. ففي الإمارات يعيش 8 ملايين أجنبي من العمال الوافدة ومن بينهم حوالي مليون مسيحي كاثوليكي. واعلنت الإمارات عام 2019 عاما للتسامح وحاولت الإعلان عن تسامحها في منطقة الخليج التي تمنع الأديان الأخرى غير الإسلام. وأثنى البابا عشية زيارته على الإمارات التي قال إنها “تحاول أن تكون نموذجا للتعايش والأخوة الإنسانية ومنطقة تتلاقى فيها الحضارات والثقافات المتنوعة”. وتجنب البابا على غير عادته التصريحات السياسية أثناء وجوده في الإمارات مع أنه دعا قبل وصوله إلى إنهاء الحرب القاسية في اليمن والتي تشنها السعودية والإمارات ضد الحوثيين حلفاء إيران. وأقام البابا قداسا في ملعب رياضي في أبو ظبي حضره 180.000 كاثوليكي وحشد خارجه مجد التقشف والوداعة ومذبح ظهر عليه صليب وتمثال لمريم العذراء التي يمجدها المسلمون كأم السيد المسيح النبي وليس ابن الرب كما يعتقد المسيحيون. وسمت باسمها الإمارات مسجدا.

على خلفية الحكم الديكتاتوري الذي يمارسه بن زايد وقمع المعارضين والناقدين له. فقد كانت زيارة باب الفاتيكان بمثابة “خبطة إعلامية” للإمارات التي استقبلته مثل ملك ونجم.

وبعد هذه الشروح يعلق غاردنر قائلا إن التغييرات التي عادة ما يكثر الحديث عنها في الخليج ،لا يقصد منها في العادة الإصلاح ولكن إعادة تشكيل الصورة. وجاءت على خلفية الحكم الديكتاتوري الذي يمارسه بن زايد وقمع المعارضين والناقدين له. فقد كانت زيارة الحبر الأعظم بمثابة “خبطة إعلامية” للإمارات التي استقبلت الحبر الأعظم الأرجنتيني مثل ملك ونجم. ويشير إلى أن أولويات الفاتيكان هي توسيع الحرية الدينية للمسيحيين في الجزيرة العربية ومنع رحيل إخوانهم من المشرق أو شمال الجزيرة العربية. ويعلق أنه من الصعب التوصل لسياسة تحقق كل هذه الأولويات، أي التأكيد على نجاة المسيحية في مهد ولادتها. ويبدو أن الفاتيكان ليست لديه استراتيجية.

في موضوع الحرية الدينية، ربما أمل الحبر الأعظم أن يقوم محمد بن زايد بالضغط على محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي القوي والجامح.

ففي موضوع الحرية الدينية، ربما أمل الحبر الأعظم أن يقوم محمد بن زايد بالضغط على محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي القوي والجامح.
ويشير غاردنر إلى ما قام به وريث العرش السعودي من فرض قيود على الشرطة الدينية والحد من سلطتها والسماح للشباب بالتمتع بالسينما والموسيقى كجزء من محاولاته إحداث إصلاحات اقتصادية. وهي إجراءات مهمة لأن التعصب الوهابي جذري-ومنها جاءت جذور تمجيد الموت عند الجهاديين مثل تنظيم “الدولة”. فالوهابية السعودية هي عقيدة شمولية تلعن كل المعتقدات باعتبارها غير شرعية. وتعرف كل دين “بالأخر”. ويأتي الوهابيون والجهاديون من نفس جين التعصب الديني. ففي السعودية لا توجد كنائس أو مسيحيين ولا يسمح لغير المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية. ويقول الكاتب إن ولي العهد بدا يتحرك نحو التغيير عندما دعا في خريف عام 2017 للعودة إلى الإسلام المعتدل. وفي ربيع العام الماضي وأثناء زيارته لبريطانيا حل ضيفا على أسقف كانتبري والتقطت له صورة مع رأس الكنيسة الأنجليكانية في قصر لامبرت. وشوهد وهو يطلع على المخطوطات الدينية اليهودية والمسيحية والإسلامية. وكان يأمل أن يذكر شعبه أن الإسلام يحترم الأديان الإبراهيمية وأتباعها من أهل الكتاب. وأنه كان يحاول تخفيف مواقف الرأي العام في السعودية تحضيرا لتغيير حقيقي. ولم يحدث هذا، كما ولا توجد إشارة عن توقف السعودية عن تصدير العقيدة الوهابية والدعاة والجهاديين إلى المناطق المسلمة ذات التقاليد الصوفية من البلقان إلى جنوب وجنوب-شرق آسيا. وفي دول الشرق فالهجرة الجماعية للمسيحيين التي بدأت مع الغزو الأمريكي للعراق وتصاعدت مع الحرب في سوريا مستمرة بدون توقف. ووجد المسيحيون أنفسهم وسط النزاع السني-الشيعي ولم يلقوا مساعدة من الكنيسة التي ترى الديمقراطية وحرية التعبير متناقضة مع الحرية الدينية بل ووقفت مع الديكتاتور السوري بشار الأسد الذي رأت فيه حاجزا ضد انتشار التطرف الديني والجهادي. ويعلق الكاتب أنه ستكون مأساة لو حدد التهديد الإسلامي أحكام الكاثوليكية بنفس الطريقة التي حددت فيها البلشفية أحكام إخوان لهم في الاتحاد السوفييتي بالقرن العشرين ودفعتهم لأحضان الفاشية.

لايعرف كيف سيساعد محمد بن زايد في هذا فهو جزء من فعل مزدوج مع محمد بن سلمان والذي يقوم عن قصد أو بدون قصد بتعريض حياة المسيحيين وغيرهم من الأقليات للخطر.

ويختم بالقول إن البابا فرانسيس محق في حنينه لبناء مناخ تلتقي فيه الحضارات والأديان جنبا إلى جنب. وهو محق في اندفاعه الحار للحفاظ على تقاليد عربية-مسيحية عمرها ألفي عام. ولا يعرف كيف سيساعد محمد بن زايد في هذا فهو جزء من فعل مزدوج مع محمد بن سلمان والذي يقوم عن قصد أو بدون قصد بتعريض حياة المسيحيين وغيرهم من الأقليات للخطر حيث ينظر إليهم غالبية السنة كطابور خامس. وقد فقد ولي العهد السعودي المصداقية بعد جريمة القتل البشعة لجمال خاشقجي، الصحافي الناقد له. ولهذا عاد للاعتماد على المشايخ الوهابيين للمصادقة عليه والترويج له بأنه مبعوث العناية الإلهية إن لم يكن القداسة نفسها. ولا يعرف من لديه اليد العليا في هذه الصفقة الجديدة.

شاهد أيضاً

300 ألف نازح من رفح وإسرائيل تواصل الغارات على جباليا

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في سلسلة غارات شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت وفجر اليوم الأحد على مناطق سكنية شمالي قطاع غزة،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *