(اللهم بك..) باء تجلت بجل معانيها..

الحلقة السادسة

من معاني الباء الغاية:
وهي الموافقة ل(إلى) مثالها قوله تعالى (وقد أحسن بي) أي أحسن إلي..
فما مكمن هذا المعنى في هذا المقام (اللهم بك) ؟

الغاية هي المرام والمرمى، الذي يقصده السائر ويطمح إليه الطامح، ويرجوه الراجي، بعد القيام بالموجبات والاسباب، فلا جدية في عمل بلا غاية، ولا استمرارية لعمل بلا غاية، ولا امل في عمل بلا غاية، ولا روح لعمل بلا غاية، فالغاية جد وجدوى وأمل وروح..

هذه الغاية قد تكون يقينية وقد تكون ظنية، قد تكون صالحة، وقد تكون طالحة، قد تكون واضحة وقد تكون مغمورة، قد تكون ممكنة وقد تكون مستحيلة..

وهذه الاحتمالات، يحددها القاصد باجتهاده وتقديراته وآماله وتصوراته ومفاهيمه، ويبقى دائما في ارتباك واضطراب وخوف، يحتاج إلى من يطمئنه، ومن يوقنه، ومن يقويه، ويعطيه إشارات الفأل والأمل، ويبين له الصالح من الطالح…

ولا احد يملك زمام الحقيقة، ومفاتيح الغيب، وخزائن المصالح، وفيوض الرحمات والإكرامات، إلا هو سبحانه وتعالى..

لذلك يجد الإنسان رغم ما اوتي من قوة ورباط وعلم وفكر وعتاد وعدة وإعداد، مضطرا إلى أن يقول اللهم بك
أي اللهم إليك الاوبة، وإليك الرجعة الأخيرة وفي كل الأمور فإنك المدبر، ولا أحسن التدبير، والمتصرف ولا احسن التصرف، فأنت الحكيم وانا الجاهل، وأنت الغني وانا الفقير، وأنت القيوم وانا الغافل.. فاللهم بك

وهذه الغاية منها القدرية لا مفر للإنسان منها ( بك منك لا احصي ثناء عليك) ( لا منجى ولا ملجأ منك إلى إليك) ( ففروا إلى الله)

ومنها غاية اختيارية، يقصدها السائر من أول الطريق وقبل أي سبب أو اعتماد أو قوة أو هدف، فإذا استكمل كل ذلك في ضوئها، التجأ إلى تلك الغاية فقال : اللهم بك…

هكذا اتينا على أحد عشر معنى من معاني الباء صالحة لهذا المقام على مراتب في الظهور والوضوح، إلا أنها متراصة في الاضطرار والاحتياج..

فاللهم بك إلصاق والتصاق والتزام
اللهم بك تعدية
اللهم بك استعانة
اللهم بك سببية
اللهم بك ظرفية
اللهم بك بدلية
اللهم بك عوضية
اللهم بك مصاحبة
اللهم بك مقابلة
اللهم بك مجاوزة
اللهم بك استعلاء
اللهم بك غاية

وهذه الإصول الإحدى عشر هي أصول علاقتنا بالله عزوجل جمعتها باء (اللهم بك)..
فلنستحضرها، ولنحاول تاملها وتفعيلها عند قولنا ونداءنا ودعاءنا : اللهم بك

سفيان أبوزيد

شاهد أيضاً

الوضع في سوريا

كل ما يقوله مسترزقو اليوتيوب والشاشات عن تغييير كبير قادم لسورية، كذب، وكل من يقول أن التظاهر السلمي والحل السياسي والقرار ٢٢٤٥ سيسقط النظام، كذاب، أو على الأقل واهم وهماً كبيراً، للأسباب التالية :