هل تأثر اليمين المتطرف في كندا بـ”ظاهرة ترامب” خلال حقبة ترودو؟.. شهادة مهاجرة مسلمة

تشتهر كندا بالترحيب بالمهاجرين عموما ومن جميع الأديان، ويتمتع الكنديون من أصحاب كل الديانات والأعراق المختلفة بكافة الحقوق والواجبات مثل بقية الكنديين. من هنا صدم الكنديون إثر ورود أنباء حادثة دهس عائلة مسلمة وقتل 4 من أفرادها على يد شاب أبيض يميني متطرف لم يكمل العشرين من عمره، دون أي سبب أو دافع، إلا كونهم مسلمين.

وقبل 4 أعوام، قام كندي فرنسي، معروف بانتمائه اليميني المتطرف، بإطلاق النار في مسجد بمدينة كيبيك، مما أسفر عن مقتل 6 مصلين.

ولاستطلاع تفاصيل المشهد الكندي، تحدثت المهاجرة المصرية المسلمة نجوان التي تُكمل بعد أسابيع عامها العشرين في كندا، مع الجزيرة نت، حول حياة ومخاوف المسلمين في ضوء حادثة الدهس الأخيرة. عملت نجوان في القطاع المالي بمدينة تورنتو، قبل أن تؤسس قبل 3 سنوات شركة خاصة بها.

الكنديون ليسوا ملائكة
وترى المهاجرة نجوان أن “ظاهرة الإسلاموفوبيا موجودة هنا في كندا بشكل كبير جدا، والكنديون ليسوا ملائكة مثلما يريدون للعالم أن يُعرفهم. ولن يشعر بالإسلاموفبيا، كل المسلمين حيث لا تنطبق المواصفات الشكلية بصوة واضحة إلا على السيدات المحجبات، فصديقاتي من المحجبات يتعرضن لمضايقات كثيرة وتعصب على نطاق واسع”.

وعن مظاهر التعصب التي تحدثت عنها، قالت المهاجرة نجوان، “ألاحظ أن في بعض المدارس يتم استهداف التلاميذ المسلمين، وفي حالات أخرى تتعرض المحجبات لمضايقات من نساء كنديات في المحلات االتجارية”.

وأشارت المهاجرة المصرية إلى أن هذه الظواهر العنصرية ضد المسلمين تزيد بصورة واضحة في مقاطعة كيبيك الفرنسية، مضيفة أن هناك حالات موثقة لشاب كندي بصق على عائلات مسلمة، في أحد الملاهي.

وذكرت المهاجرة أنه من خلال تنشئة أبنائها في مدارس حكومية كندية، فقد لاحظت تفشي تصنيف الكثير من أولاد الجالية العربية من الصبيان كمصابين بـ (ADHD)، وهو مرض نفسي يقصد به قصور في الانتباه، وإفراط في الحركة، وهو ما يستدعي تلقيهم أدوية لها آثار سيئة عليهم، يأتي ذلك في محاولة لإثبات أنهم مجرمون منذ تلك السن المبكرة خلال الدراسة الابتدائية. وفي حالات أخرى، “يعامل أبناء المسلمين كأنهم أكثر غباء من الباقين، وذلك بهدف إظهار أنهم تلاميذ فاشلون”.

وترى المهاجرة المصرية أن بعض أبناء الجالية المسلمة يواجهون انتقادات، لأن أولادهم مندمجون بشدة في المجتمع الكندي لكي يتجنبوا أي اضطهاد أو تهميش، وكانت النتيجة ابتعاد الكثير منهم عن المجتمع المسلم والعربي الكندي.

من ناحية أخرى، أشارت نجوان إلى حادثة كُشف النقاب عنها قبل أيام وتتعلق بالعثور على جثث 215 طفلا من أبناء مواطني كندا الأصليين (الهنود الحمر) مدفونة في مدرستهم الكاثوليكية، وسط شبهات أنه تم تعذيبهم قبل قتلهم بوحشية. وهذه الأمثلة تشير إلى أن أمام كندا طريقا طويلا للتغلب على ما يعج به مجتمعها من عنصرية وكراهية.

ترودو والتعاطف مع المسلمين
هناك الكثير من المسلمين وصلوا لمناصب عليا، فالسيد أحمد حسين، عمل وزيرا للهجرة سابقا، وحاليا يشغل وزير التنمية الاجتماعية، وهو مسلم من أصول صومالية، وهناك مريم منصف، وزيرة شؤون المرأة، وهي مسلمة أصولها أفغانية، وهناك وزير المواصلات عمر الغبرة ذو الأصول السورية.

وعن سجل رئيس الوزراء جاستن ترودو الجيد مع الجالية المسلمة، قالت نجوان “لم يقم رئيس الوزراء ترودو باستهداف المسلمين وممارساتهم الاجتماعية أو العقائدية كما فعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أو حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فترودو قريب من الجالية المسلمة، ويؤمن بتنوع كندا العرقي والإثني والديني”، وفق تعبيرها.

وكان ترودو قد ذكر في خطاب أمام مجلس العموم أمس أن “هذه المجزرة لم تكن حادثا، إنها هجوم إرهابي دافعه الكراهية في قلب أحد مجتمعاتنا”. وذكّر ترودو بهجمات استهدفت المسلمين في كندا منذ إطلاق النار في مسجد كيبيك والذي خلف 6 قتلى عام 2017.

وتعهد ترودو بـ”الاستمرار في محاربة الكراهية عبر شبكة الإنترنت وغيرها، واتخاذ مزيد من الإجراءات لتفكيك الجماعات اليمينية المتطرفة”.

في الوقت ذاته، أضافت نجوان أن الكثير من الكنديين لا يفهمون سر تعاطف رئيس الوزراء مع مسلمي كندا، فقد دفع موقف ترودو المؤيد للإفراج عن عمر خضر، الكندي من أصول مصرية، بعد قضائه سنوات في معتقل غوانتانامو، ودفع تعويض قدر بـ10 ملايين دولار كندي، لإثارة الغضب عند بعض الكنديين ممن اعتبروا خضر إسلاميا متطرفا يسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية في كندا.

واعتبرت المهاجرة المصرية أن الجمعيات الإسلامية والعربية في كندا محدودة التأثير في الخطاب المجتمعي الكندي، وذلك على الرغم من النجاحات الكثيرة على المستوى الشخصي.

وأكدت المهاجرة أن الكثير من القيادات الإسلامية الكندية، لا تدرك لغة العصر، ولا أولويات القضايا التي تهم المسلمين في الغربة، أو في أوطانهم الجديدة، والكثير منهم يعطي صورة نمطية سيئة عن الإسلام.

ومن جانبه، دعا المجلس الوطني للمسلمين الكنديين إلى التعجيل بالقضاء على ظاهرة الإسلاموفوبيا، عقب الجريمة التي اعتبرتها السلطات مبدئيا “عملا متجذرا من أعمال القتل الجماعي ضد المسلمين”.

تأثير ظاهرة “ترامب”
وأشارت المهاجرة إلى تجربتها الشخصية، وقالت “على مدار 17 عاما من العمل في القطاع المالي، لم يتعرض أحد لي في العمل بأي إشارات أو عبارات عنصرية، بعضهم لم يعرف أنني مسلمة، فأنا غير محجبة، وهم يربطون المسلمات بارتداء الحجاب، كما أنه من غير المناسب أن يوجه أحد سؤالا حول عقيدة الشخص أو منطلقات إيمانه”.

من ناحية أخرى، فقد ضاعف انتشار وتفشي فيروس كورونا في زيادة الأعمال العدائية ضد الأقليات، ومنهم المسلمون، حيث دفع الإغلاق لقرابة عام بالعائلات للخروج إلى المتنزهات، حيث أخرج بعض العنصريين كراهيتهم الدفينة على المحجبات اللاتي يظهرن هدفا سهلا يمكن تمييزه عن الأخريات، وهو ما أثار قلق الأوساط المسلمة في كندا.

تقول نجوان إن ما يحدث الآن يذكرها بما جرى عقب أحداث “11 سبتمبر” التي وقعت في الولايات المتحدة، “عندما ارتفعت بشدة موجة العداء للمسلمين في مختلف أنحاء كندا، واليوم ليست هناك حوادث محددة على غرار “11 سبتمبر”، لكن هناك خطاب كراهية ليس للمسلمين يد فيه، ينتشر ويتوحش لأسباب مختلفة على رأسها ما يحدث في الجارة الجنوبية – الولايات المتحدة”.

وأكدت المهاجرة المصرية أن للرئيس الأميركي السابق ترامب شعبية واسعة بين الكنديين المحافظين، وبالطبع تمنى الكثير منهم أن يكون لدى كندا ترامب خاص بها يتبع بعض سياساته خاصة تلك المعادية للمهاجرين وللمسلمين. وهناك أناس كثيرون غير متعصبين وغير كارهين للإسلام، لكن ظاهرة الرئيس ترامب دفعت لطفرة في التيارات المسيحية اليمينية المتعصبة، واعتبروا أن رئيس الوزراء متعاطف بصورة مبالغ فيها مع الأقليات عموما، والمسلمين تحديدا، وتم الاستشهاد بوجود 3 وزراء من المسلمين ضمن مجلسه الوزاري.

ولا يتعرض الكثير من الأقليات لعنصرية البيض المتطرفين، فمن الصعب التمييز بسهولة بين أبناء الوطن الكندي المتعدد الأعراق، لكن يختلف الأمر مع المحجبات اللاتي يمكن استهدافهن من المتطرفين بسبب ملابسهن التي تدل على كونهن مسلمات، والعائلة التي تم دهسها كانت ضمن ضحاياها امرأتان محجبتان، الجدة والزوجة.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

الوضع في سوريا

كل ما يقوله مسترزقو اليوتيوب والشاشات عن تغييير كبير قادم لسورية، كذب، وكل من يقول أن التظاهر السلمي والحل السياسي والقرار ٢٢٤٥ سيسقط النظام، كذاب، أو على الأقل واهم وهماً كبيراً، للأسباب التالية :