هل أبرمت الاستخبارات الفرنسية صفقة مع “جماعة أبو نضال” الفلسطينية بعد اعتداء باريس 1982؟

بعد 38 عامًا على مذبحة عام 1982 ، في أحد أحياء العاصمة الفرنسية باريس يعيش فيه يهود، والتي أعلنت النرويج مؤخراً عن توقيف أحد المشتبه بهم في ارتكابها، توقفت وسائل إعلام فرنسية عند موضوع الوثائق التي رفعت عنها السرية مؤخرًا، أو سُلّمت للعدالة الفرنسية وأعطت نوعاً من المصداقية لوجود صفقة سرية تمت بين مديرية الأمن العام الفرنسية وجماعة “فتح- المجلس الثوري” بزعامة “أبو نضال” ( منشقة عن منظمة التحرير الفلسطينية) والتي نسب إليها هذا الاعتداء. هدف الصفقة منع حصول المزيد من الاعتداءات على الأراضي الفرنسية.

الوثائق التي رفعت عنها السرية مؤخراً، تدعم البيانات التي أدلى بها إيف بونيه، المدير السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي (DST)، للقضاة الفرنسيين في بداية العام الماضي، والتي أشار فيها إلى حصول صفقة “لفظية” بين جماعة أبي نضال والاستخبارات الفرنسية، نصّت على إطلاق سراح رجلين أدينا بقتل ممثل “منظمة التحرير الفلسطينية” في باريس عام 1978.

المدير السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي اعترف للقضاة الفرنسيين بحصول صفقة “لفظية” بين “جماعة أبي نضال” والاستخبارات الفرنسية، نصّت على إطلاق سراح رجلين أدينا بقتل ممثل “منظمة التحرير الفلسطينية” عزالدين القلق في باريس عام 1978.

بونيه ( مدير جهاز الاستخبارات الداخلية بين عامي 1982 -1985 ) قال للقضاة : “ لقد عقدنا نوعاً ما صفقة لفظية، حيث قلت لجماعة أبي نضال: “لم أعد أريد حصول هجمات على الأراضي الفرنسية وفي المقابل، أسمح لكم بالمجيء إلى فرنسا وأضمن لكم أنه لن يحدث لكم أي شيء”.

“لو بارزيان” (الصحيفة الفرنسية المعروفة) قالت إنها اطّلعت على حوالى ثلاثين وثيقة حول هذه الصفقة رفعت عنها السرية، وهي الآن بين يدي العدالة الفرنسية، ومع ذلك ما تزال العديد من الوثائق سرية ولا يمكن لقضاة التحقيق في القضية الوصول إليها، تقول الصحيفة موضحة أن الوثائق المتحصل عليها تؤكد أن أجهزة الاستخبارات الفرنسية سرعان ما اقتنعت بتورط “جماعة أبي نضال” في اعتداء باريس عام 1982، وذلك بعد خمسة أيام فقط من حصوله.

وجاء في إحدى هذه الوثائق أنه “ في جميع الاحتمالات، يجب البحث عن مرتكبي الاعتداء في صفوف جماعة أبي نضال الإرهابية”. وفي الأشهر التي تلت ذلك، أكدت حوالي عشر رسائل أخرى هذا المسار. لكن هذه الوثائق التي رفعت عنها السرية ، لم تتحدث أبدًا عن صفقة بين “جماعة أبو نضال” والاستخبارات الفرنسية.

وتبدو وثائق مكتب رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق ميشيل روكار، والتي قدّمها الأمين العام للحكومة إلى العدالة في أكتوبر 2019، أكثر وضوحاً وإثارة.. ففي الـ 22 من أكتوبى عام 1985 أشار تقرير عن مقابلة مع أبي نضال إلى تحدّث الأخير عن اتفاق أبرم مع فرنسا، واحتج على عدم “احترامها لالتزاماتها”. وجاء في هذا التلغرام أنه “ إذا لم يتم احترام الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع “جماعة أبو نضال”، فإنه سيكون على فرنسا أن تتوقع تعرّضها لعمل عمل إرهابي من نوع شارع روزييه في غضون يومين”.

ويوضّح خطاب مكتوب بخط اليد أرسل إلى العدالة الفرنسية بعد 34 عامًا من كتابته أن “جماعة أبي نضال” طلبت من الاستخبارات الفرنسية الإفراج عن هذين المعتقلين، مقابل توقيف هجماتها على الأراضي الفرنسية.. هذان الأخيران تم سجنهما في أكتوبر 1985 بعد الحكم عليهما بالسجن 15 عامًا بتهمة قتل القيادي في “منظمة التحرير الفلسطينية” عز الدين قلق عام 1978 في باريس. ولذلك، كان من الصعب على الفرنسيين إطلاق سراحهما وهما بالكاد قضيا نصف مدة عقوبتهم، تقول صحيفة “ لوبارزيان” الفرنسية.

ومع ذلك، تم، بعد يومين من الرسالة التحذيرية في 22 أكتوبر 1985، كتابة رسالة أخرى من قبل مندوب من السلطات الحكومية الفرنسية بدت أكثر إيجابية. تحدث هذا الأخير عن لقاء في مكتب السيد باوترات رئيس جهاز الاستخبارات، بين السلطات الفرنسية و “ثلاثة فلسطينيين”. وبعد ذلك تم التعهد بالإفراج عن قتلة عز الدين قلق “في موعد أقصاه شهر فبراير 1986”، مقابل احترام “جماعة أبو نضال” الالتزامات التي قطعتها بعدم مهاجمة المصالح الفرنسية، سواء في الداخل أو في الخارج.

كل هذه العناصر وتلك، يبدو، بحسب محامي ضحايا اعتداء باريس 1982، أنها “تثبت على ما يبدو وجود هذه الصفقة السرية بين مديرية الأمن العام الفرنسية وجماعة أبو نضال”. ويعتبر المحامي أنه “إذا كانت مديرية الأمن العام توصلت إلى اتفاق للإفراج عن سجناء أعضاء في “جماعة أبو نضال”، فيمكن للمرء أن يعتقد أنها لم تكن في الوقت نفسه تحاول اعتقال مرتكبي هجوم شارع روزييه بباريس عام 1982 ”.

شاهد أيضاً

الوضع في سوريا

كل ما يقوله مسترزقو اليوتيوب والشاشات عن تغييير كبير قادم لسورية، كذب، وكل من يقول أن التظاهر السلمي والحل السياسي والقرار ٢٢٤٥ سيسقط النظام، كذاب، أو على الأقل واهم وهماً كبيراً، للأسباب التالية :