أوبزيرفر: لماذا صمتت الدول العربية والإسلامية على قمع الصين لمسلمي الإيغور؟

“لماذا التزمت الدول الإسلامية على انتهاكات الصين لمسلمي الإيغور؟” يجيب نيك كوهين المعلق في صحيفة “أوبزيرفر” قائلا: “عندما فرضت الصين عقوبات تجارية على النرويج عام 2010 لمنحها المعارض الصيني السجين ليو جياباو جائزة نوبل للسلام، نطقت كلمة لم نألف سماعها من الدعائيين للحزب الشيوعي الملحد، ولكن علينا أن نعتاد على سماعيها، (هذا كفر) قال أحد المتحدثين بالحزب”.

وأضاف أن تهمة الكفر عادة ما ترتبط بالمنكرين للكتب المقدسة، ولكن انتقاد أكبر ديكتاتورية في العالم أصبح رجساً. و”مثلما حاول بعضنا القول في التسعينات من القرن الماضي وبداية القرن الحالي فالثغرة ما بين المقدس والدنس لم تكن واسعة مثلما كان العاطفيون المتدينون ودعاة التعددية الثقافية الليبراليون يعتقدون بوجودها”. وكانوا يرون أنها عنصرية في أحسن حالاتها وعبارة غير مؤدبة تؤذي المؤمنين.

ولكنهم لم يفهموا كيف قامت القوى العظمى والشريرة بالتلاعب بالغضب الديني من أجل تعزيز قوتها، ففي عام 1989 أصدرت إيران فتوى ضد سلمان رشدي لأنه سخر من الإسلام في كتابه “آيات شيطانية”. وعزز آية الله الخميني من سلطته بادعائه قيادة العالم الإسلامي والتحدث باسمه. وعندما قامت الصحيفة الدانماركية يولاندس- بوستن بنشر رسوم كاريكاتيرية ساخرة من النبي محمد عام 2005 في محاولة للتأكيد على حقها بالسخرية من الدين، حوّل حسني مبارك وبشار الأسد، ديكتاتورا مصر وسوريا نقاشا محليا إلى حملة عالمية ضد الدنمارك، فصيحات الغضب كانت كافية لأن تحرف النظر عن نظاميهما الفاسدين.

وهناك عدة أمثلة على استخدام الأنظمة المستبدة الدين لتعزيز موقفها، لكن لا فرق بين الديكتاتورية السياسية والدينية، فكلاهما وجه لنفس العملة.

وجردت الصين المبررات الدينية وكشفت عن المخفي، ففي العديد من الدول، بات نقد الصين “الكفر البواح الجديد” ولن ترى هذه القوة عارية أكثر منها في الدول ذات الغالبية المسلمة. فهذه الدول التي حاولت قتل روائي ملحد وصرخت معبرة عن رغبتها في حماية النبي محمد من الإهانة، ركعت اليوم وعضّت على ألسنتها في وقت تقوم الصين بجريمة لا يمكن وصفها ضد غالبية مسلمة في غرب البلاد.

وأضاف الكاتب أن واحدة من كبريات الجرائم التي ترتكب في القرن الحادي والعشرين أمام ناظرينا، ونراها ولكننا نتجاهلها. فقد عاد الحزب الشيوعي الصيني إلى الإرهاب الديكتاتوري في ظل ماوتسي تونغ وأعاده للحياة من الجديد.

وعلق الكاتب على تقرير أعده أدريان زينس، الذي قال فيه إن السلطات الصينية في إقليم تشنجيانغ تقوم بإجبار النساء المسلمات هناك على “العقم” أو استخدام موانع الحمل. وفي حالة الرفض يتم اعتقالهن مع مليون مسلم إيغوري وغيرهم من أقليات مسلمة في معسكرات اعتقال تقول الصين إنها “لإعادة التعليم”.

وكشف تحقيق لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن السلطات الصينية تقوم بالتفريق بين الأطفال وعائلتهم حتى ينشأوا بدون علاقة مع الإسلام.

وقال الكاتب إن الصحافيين يستطيعون تغطية الأحداث في هونغ كونغ ولا يمكنهم الاقتراب من تشنجيانغ بدون المخاطرة، حيث يعاني الملايين هناك بصمت. والسبب في معاناتهم هي أن الدول التي احتجت على رشدي ويولاندس – بوستن، وتشارلي إيبدو، قررت الصمت، فهي تستخدم فكرة التضامن الإسلامي عندما تناسبها.

ففي تمور/ يوليو 2019، أوقفت باكستان والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والجزائر وبقية الدول ذات الغالبية المسلمة والتي تقدم نفسها كحامية للدين، تحركا غربيا في الأمم المتحدة ضد الصين ومطالبتها بالسماح بـ”تحقيق مستقل ودخول المراقبين” إلى تشنجيانغ.

وتقوم إيران بإصدار نقد من وقت لآخر، لكنها لا تستغني عن دعم بكين في حربها ضد دونالد ترامب، ولهذا فعندما تشتكي عن وضع المسلمين، يكون كلامها مبطنا.

وضيف الكاتب، أن النفاق واضح ومثير للسخرية لو كنت تتحمل السخرية السوداء. فإيران ومصر وسوريا وعدد من الدول الأخرى عليها الآن التعايش مع وضع تقوم فيه الصين بإجبار النساء المسلمات على العقم. فهي تقوم بتقديم غمزة موافقة لمعسكرات الاعتقال لكنها تضع خطا تحت صورة ساخرة في صحيفة دنماركية. وقد تم شراء الكثيرين منهم بدرجة أصبحت فيها الصين صوتا مؤثرا وفاعلا في الأمم المتحدة لأن الكثير من الدول تنتفع من مليارات الدولارات التي تستثمرها الصين في مبادرتها “الحزام والطريق”.

وكما اكتشفت النرويج عام 2010 وأستراليا هذا العام عندما طالبت بتحقيق دولي في منشأ كوفيد-19 فمن يتجرأ على “الكفر” ضد الصين يواجه عقوبات وهجمات سايبرية.

وكما كشفت دراسة مسحية لـ إيكونوميست” حول قوة الصين المتزايدة، وأنها تعطي الأمان لديكتاتوريي العالم، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستفيد من استثمارات الصين لتهدئة قاعدته، ولكنه لن يشجب انتهاك الصين للمسلمين بنفس القوة التي يقوم بها ضد نقاده في الداخل.

فالنظام العالمي الصيني يجذب الساديين الذين يسكتون على ما تفعله الصين مقابل سكوتها عما يقومون بعمله.

ويقول الكاتب إن الصين تحاول تحويل النقد لسجلها المدمر في حقوق الإنسان وضد الأقليات المسلمة إلى جريمة، والدول التي كان عليها أن تصرخ شجبا تحني رأسها احتراما وبصمت.

شاهد أيضاً

الوضع في سوريا

كل ما يقوله مسترزقو اليوتيوب والشاشات عن تغييير كبير قادم لسورية، كذب، وكل من يقول أن التظاهر السلمي والحل السياسي والقرار ٢٢٤٥ سيسقط النظام، كذاب، أو على الأقل واهم وهماً كبيراً، للأسباب التالية :