تأملات في آية

محمد رضوان ملاك

” وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السَّعير ”

قادني التفكير ذات مرة في بعض الأحداث حولي إلى معنى عجيب ؛ هل يمكن أن يجتمع الذكاء الشديد المفرط والغباء الشديد المفرط لدى الإنسان في ذات الوقت ، وكيف يكون ذلك ؟!!!

وعندما مررت على هذه الآية علمت أن ذلك ممكن جداً ، فهؤلاء القوم اعترفوا بأنهم لا سمع لهم ولاعقول ولو كانوا يسمعون أو يعقلون لما كانوا من أصحاب السَّعير ، فهل كان القوم في الدنيا صماً لا يسمعون مجانين لا يعقلون على الحقيقة ؟

قطعاً لا فقد كانت لديهم آلة السمع وآلة الفهم لكن لما لم تَقُْدهم للطريق الصحيح اعتبروا أنفسهم كالفاقدين لها حقيقة …

تجد عالماً في الأبحاث النووية الذرية أو عالماً فلكياً بارعاً أو في غير ذلك من العلوم البحتة تجده يعبد بقرة أو صنماً منحوتاً أو غير ذلك من المعبودات التي لا تنفع ولا تضر ، فكيف اجتمعت لديه العبقرية في العلوم البحتة مع الغباء المفرط في مسائل الإيمان فأصبح يعبد بقرة هو أعقل منها ويطلب منها نفعاً أو ضراً ؟!؟!

إنه فقدان كلي للعقل برغم عبقريته وفقدان كلي للفهم برغم ذكائه ،

وهذه صورة صارخة جداً ، وهناك صور أقل منها تتجلى في ارتكاب الشخص الذكي الحاذق حماقات لا يرتكبها من هو دونه في العقل والفهم ….

لذلك رأيت الله سبحانه وتعالى امتدح الحكمة في القرآن ولم يمتدح العقل ، فالعقل قد يكون موجوداً لكن الحكمة مفقودة فيعود العاقل كالمجنون تماماً في أفعاله وتصرفاته أو دون ذلك حسب زيادة الحكمة ونقصانها، ولذلك لما امتدح الله سبحانه وتعالى لقمان عليه السلام قال ” ولقد آتينا لقمان الحكمة ”
وقال ” ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً”

لكن وجود الآلة فقط لا يتضمن مدحاً ” لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل ”
بل مع تعطيل الآلة الموجودة أصلاً كان الذم أكبر فالبهيمة غير مذمومة في تصرفاتها لأنها لا عقل لها أما من امتلك العقل وعطله صار شراً من البهيمة ….

اللهم إنَّا نسألك أن تؤتينا الحكمة في أقوالنا وأفعالنا ونعوذ بك من السفه والخفة والطيش …

شاهد أيضاً

300 ألف نازح من رفح وإسرائيل تواصل الغارات على جباليا

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في سلسلة غارات شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت وفجر اليوم الأحد على مناطق سكنية شمالي قطاع غزة،