نيويورك تايمز: في محاولته لإسكات معارضيه المنفيين.. السيسي يستهدف عائلاتهم في مصر

تحدث مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” في القاهرة ديكلان وولش، في تقرير عن معاناة عائلات المنفيين المصريين المعارضين لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، فهم يتحدثون في الخارج بحرية، ولكن عائلاتهم هي التي تدفع الثمن.

وقال إن مشاركة مدون مصري معروف، لقطات فيديو في آذار/ مارس ظهر فيها ضابط مصري وهو يقطع أصابع جثة مجهولة ويشعل النار فيها، وكانت أكثر لقطة صادمة تخرج من سيناء التي يخوض فيها الجيش معركة خفية ضد المتشددين الإسلاميين.

وعبد الله الشريف، المعارض الذي يعيش في المنفى، يستطيع وبجرأة بث الشريط. إلا أن رجال الأمن وبعد أيام تدفقوا على منزل عائلته في المدينة الساحلية الإسكندرية واعتقلوا شقيقيه ووجهوا لهما تهماً بالإرهاب. ويعيش الشريف الآن في قطر بعيدا عن يد الأمن المصري أما شقيقاه فهما في سجن أمني خارج القاهرة.

وعلم الشريف أن محكمة مصرية حكمت عليه بالسجن المؤبد بناء على ما يقدمه في قناته على يوتيوب. وما يؤلمه هو اعتقال شقيقيه في سجن أمني بسببه. ولكنه يشك في الإفراج عنهما لو توقف، ويؤكد: “أعرف هذا الجيش جيدا”.

ويشير وولش إلى تكتيك الحكومة التي أسكتت كل ألوان النقد في الداخل، وتحاول الآن إسكات المعارضة في الخارج من خلال سجن أفراد عائلات المعارضين داخل مصر، حسبما تقول منظمات حقوق الإنسان.

واعتقلت السلطات المصرية منذ بداية العام الماضي أقارب 15 معارضا يعيشون في المنفى. وقام عملاء الأمن بتكسير الأبواب الأمامية للبيوت وصادروا الأموال وجوازات السفر وأجبروا الآباء على التبرؤ من أبنائهم علنا على التلفاز، وسُجن الآباء والأخوة الذين وجهت للعديد منهم تهم الإرهاب.

ويقول عمرو مجدي، من منظمة هيومان رايتس ووتش: “هذا ليس أقل من عقوبة جماعية”، ووثقت المنظمة منذ عام 2016 مداهمات لبيوت عائلات 14 منفيا معارضا، وسجن 20 قريبا على الأقل ومحاكمتهم.

وقال الشريف -الذي يتابع مقاطع الفيديو التي يحملها على يوتيوب ما بين 2-3 ملايين مشاهد- إن السلطات المصرية أخبرته أن شقيقيه سيفرج عنهما حالة توقف عن انتقاد الحكومة.

وقال: “أعيش وضعا سيئا” و”فقدت الرغبة وتتصل أمي وأبي وهما يبكيان على الهاتف ويطلبان مني التوقف، ولا أعرف ماذا أفعل”. ولم ترد هيئة الاستعلامات المصرية عن مطالب الصحيفة للتعليق.

ويقول وولش إن حكّام مصر استخدموا في الماضي أساليب كهذه مع الجهاديين ومهربي المخدرات، إلا أن السيسي زاد من الجهود ووسع استهدافه لعائلات المنفيين المعارضين والصحافيين والرموز الثقافية.

وأشار وولش إلى حالة الممثل محمد شومان الذي يعيش في تركيا، حيث وجه مناشدة حارة على فيسبوك داعيا للإفراج عن شقيقه وابنه اللذين قال إنهما اعتقلا انتقاما منه لدوره في فيلم ركّز على وحشية الشرطة.

وفي مصر اعتقل السيسي معارضيه وأخضع الإعلام. وحصلت مؤسساته الأمنية على حصص في شبكات التلفزة الخاصة، وحجبت أكثر من 500 موقع، ومارست الرقابة على المسلسلات التلفزيونية الشعبية التي خنعت خلال موسم شهر رمضان.

إلا أن قبضته الحديدية على الإعلام الداخلي أدت بطريقة غير مقصودة إلى صعود المدونين والشبكات الإخبارية المهمة في الخارج. وأصبحت شبكات التلفزة الخاصة (بالاسم) تبث نفس الأخبار والتعليقات التي يقدمها التلفزيون الرسمي. ويغني مقدمو البرامج الحوارية نفس الأغنية. وتبدو نشرات الأخبار وكأنها صورة عن تلك التي كانت أثناء العهد السوفييتي، حيث يتم وصم أي ناقد للحكومة بالإنتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة أو العمالة لقطر.

وعندما توفي الرئيس السابق محمد مرسي، بثت كل القنوات التلفازية نفس الخبر الذي لم يتجاوز 42 كلمة، وأملته على ما يبدو الأجهزة الأمنية.

وبات المشاهد المصري الذي ملّ من نفس الأخبار والحوارات على قنوات التلفزة يبحث عن أخبار غير مفلترة، ويشاهد القنوات الأجنبية كبديل، بالإضافة إلى القنوات على يوتيوب، مثل قناة الشريف، وهناك أدلة قولية تشير إلى متابعة المصريين لقنوات المعارضة في تركيا مثل قناة مكملين المتعاطفة مع الإخوان المسلمين وقناة الشرق.

ويرى عز الدين فشيري، المحاضر في شؤون الشرق الأوسط بكلية دارتموث: “يقدم النظام هدية للمعارضة الإسلامية” و”لو بثت كل القنوات التلفازية نفس الشيء وكان عنوان كل الصحف موحدا فسيسخر شخص من الرئيس والنظام ولهذا ينشئون هذه الوسائل”.

ومثل وسائل الإعلام في مصر، فإن القنوات في الخارج تقدم أحيانا رؤية متحزبة تحتوي أحيانا على معلومات غير صحيحة. ولكنها تقدم عرضا من الأخبار الممنوعة وسخرية تهزأ بلطف من الرئيس، لقطات فيديو من سيناء المعزولة ومعلومات وانتقادا لحياة السيسي وعائلته.

وكانت أشرطة الفيديو التي وضعها المقاول الغاضب محمد علي وراء الاحتجاج في أيلول/ سبتمبر، على القصور التي يبنيها السيسي في كل أنحاء مصر.

وأثار الشريف الغضب عندما بث لقطات فيديو سربت من داخل قصر تحت الإنشاء في العلمين، وبعد عدة أسابيع أجبرت أجهزة الأمن والده على التبرؤ منه علنا على التلفزيون.

وقال والده، محمد الشريف: “من هم غير مرتاحين لكلامه غاضبون علينا أيضا”. وقال وهو يغالب الدموع: “إحنا ناس عاديين”.

ورفضت الحكومة مقاطع الفيديو المتقنة التي يقدمها الشريف، واتهمته بتلقي المال من جماعة الإخوان المسلمين وقطر، إلا أنه يؤكد أن قناته ممولة ذاتيا من عمله كمحرر في قناة عربية لم يسمها، ومن الموارد التي تدرها عليه في يوتيوب.

وتعرض أقارب مقدمي البرامج في قنوات المعارضة لنفس المعاملة. فعندما بث هيثم أبو خليل، المذيع في قناة الشرق باسطنبول صورا لزوجة السيسي وابنه في تشرين الأول/ أكتوبر، جرّ رجال الأمن شقيقه الطبيب النفسي عمرو أبو خليل أمام مرضاه وهو الآن في السجن. وقال أبو خليل الذي يقدم نفسه بالعضو السابق في جماعة الإخوان، إن شقيقه لا يوافق على ما يعمل و”اعتقاله هو رسالة أن ما أعمله له ثمن”.

شاهد أيضاً

مجازر جديدة بمخيمي النصيرات وجباليا والاحتلال يقر بمقتل جنديين في رفح

أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 42 فلسطينيا وإصابة العشرات بجراح متفاوتة في مجزرة إسرائيلية جديدة بمخيم النصيرات (وسط) وجباليا (شمال) قطاع غزة، في المقابل أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل جنديين وإصابة 3 بينهم ضابط بمعارك في رفح (جنوب) مؤكدا أنه يخوض قتالا عنيفا بجباليا.