كورونا يرفع درجة التهديدات الإرهابية في تونس ووزارة الصحة تحذر من «سيناريو كارثي»

يبدو أن الوضع الذي تعيشه تونس في ظل الاستعدادات لمواجهة فيروس كورونا، رفع درجة التهديدات الإرهابية، حيث تلقى ثلاثة نواب تهديدات بالقتل من قبل مجموعات متطرفة، فيما حذرت وزارة الصحة من “سيناريو كارثي” في حال استمرار مخالفة مرضى كورونا للحجر الصحي.
وأعلنت رئاسة البرلمان التونسي تضامنها مع النائبين زهير المغزاوي وسامية عبو عقب تعرضهما لتهديدات إرهابية، داعية الجهات المختصة لفتح تحقيق وتوفير الحماية اللازمة والسهر على سلامتهما.
وأضافت، في بيان أصدرته الأربعاء: “الإجرام الإرهابي يتآمر على شعبنا في الوقت الذي تواجه فيه المجموعة الوطنية موحّدة التحديات الجسام أمام جائحة الكورونا بهدف تشتيت الجهود وإدخال الإرباك وهو أمر لن يناله أعداء الدين والوطن”، مؤكدة “تمسكها بالوحدة الوطنية والروح العالية من التضامن ونكران الذات الذي عبّرت عنه كل الأحزاب والتيارات والقوى الوطنية والمجتمع المدني، وتُعتبر هذه الوحدة صمّام الأمان لمواجهة كل التحديات وتحقيق الانتصارات”.
وبعد ساعات، أعلن النائب سالم الأبيض تلقيه تهديدات بالقتل، حيث دوّن على صفحته في موقع “فيسبوك”: ”أبلغتني الدوائر الأمنية بصفة رسمية عن وجود تهديدات إرهابية تستهدفني. قال تعالى: وَمَا تَشَاؤون إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ”.
من جانب آخر، قال وزير الصحة، عبد اللطيف المكي، إن الوزارة تستعد لأي سيناريو كارثي “رغم أنه مستبعد حالياً. وقد نضطر لاستعمال وزارة الثقافة ومؤسسات أخرى (لإيواء المرضى في حال الانفلات)”، مضيفاً: “وزارة الصحة والدولة ما زالتا تراهنان على نجاح الحجر الصحي العام وأن تبقي تونس في سيناريو معتدل. لكن الانفلات وارد”.
وأضاف، خلال جلسة استماع له بلجنة الصحة والشؤون الاجتماعية في البرلمان: “إذا لم يتم الالتزام بالحجرالصحي الحالي قد نضطر لحجر جديد أشد. فهناك مليون ونصف المليون مواطن مرخّص لهم بالجولان، وقد يتم التراجع عن هذه التراخيص، مشيراً إلى أن وزارة الصحة درست مقترح المراقبة الإلكترونية للخاضعين للحجر الصحي الإجباري، لكنها لم تطبقها لأنها مكلفة جداً”.
وتابع المكي: “في حال فشل الحجر الصحي العام بسبب عدم التزام المواطن بقواعده، فإن تونس ستدخل في انفلات وعدم سيطرة، بحيث لا تتمكن المؤسسات الطبيية من مجارات نسق عدد المرضى المحتاجين للإنعاش، وعندها سيسقط عدد كبير من المرضى. ولا يجب الوصول إلى هذه الحالة بأي حال من الأحوال”.
وخلال جلسة الاستماع، قال خالد الكريشي، رئيس لجنة الصحة في البرلمان، إن “وعي المواطن في تونس كذبة كبرى. إذ لا يوجد أي التزام من طرف المواطن بالحجر الصحي وهناك استهتار والبعض يعتبر الحجر الصحي نزهة. كما أن الدولة ليست قوية في تطبيق القانون. فالدولة يجب أن تكشر عن أنيابها في تطبيق القانون وإلزام المواطنين بتطبيق الحجر الصحي. ونحن ندعو لإلزام المصحات الخاصة بالمساهمة بعلاج المرضى، في حال رفض أصحابها هذا الأمر”.
من جانب آخر، فسّرت نصاف بن علية، مديرة مرصد الأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية، الأربعاء، قلة عدد المتعافين بفيروس كورونا حتى الآن (25 شخصاً فقط من أصل 623) بطول فترة بقاء الفيروس في جسم الإنسان.
وأوضحت أكثر بقولها: “ارتفاع معدلات شفاء الحالات المصابة يتطلب وقتاً لأن الفيروس يبقى فترة طويلة بجسم المصاب، وخاصة أن عدد من تماثلوا للشفاء في العالم بلغ أكثر من 300 ألف من مجموع مليون ونصف مصاب تقريباً”.
وأشارت إلى أنه تم تسجيل أعلى معدل للإصابات بالوباء في ولايات الجنوب بمعدل 7 إصابات على 100 ألف ساكن، في حين عرفت باقي الأقاليم معدل إصابات أقل، مشيرة إلى أن التحذيرات التي أطلقها وزير الصحة، عبد اللطيف المكي، تهدف إلى توعية المواطنين بمخاطر تفشي العدوى في حال عدم الالتزام بالحجر الصحي العام.
كما أشارت إلى أن عدد الاصابات بفيروس كورونا بلغ 55 حالة مؤكدة لدى العاملين في قطاع الصحة “منها 8 حالات مستوردة و47 من العدوى المحلية التي انتقلت لهم عبر محيطهم العائلي أو الخارجي”.
وأضافت: “عدم الالتزام بالحجر الصحي العام أدى إلى توسع نطاق العدوى، إذ تم الكشف عن حالات إصابة من الجيل الرابع ذلك أن بعض المصابين لم يلتزموا بالحجر وساهموا في انتقال العدوى من منطقة إلى أخرى”، مشيرة إلى أن عدم التقيد بإجراء العزل الصحي الذاتي للمشتبه بإصابتهم يشتت جهود الفرق الطبية.
فيما انخرط عدد من النواب التونسيين في حملت توعية واسعة، حيث دوّن النائب هشام العجبوني، رئيس الكتل الديمقراطية على صفحته في موقع “فيسبوك”: “ما الفرق بين الإرهابي الذي يحمل حزاماً ناسفاً والمريض بكورونا الذي لا يلتزم بالحجر الصحّي الذاتي أو الإجباري ويُعرّض عمداً حياة غيره للخطر؟”.
وتعرّض العجبوني لانتقادات كبيرة بسبب هذه التدوينة، حيث دوّن الناشط نجيب رحيّم: “سيدي النائب، المصابون بكورونا هم ضحايا، أمّن لهم الغذاء والخدمة الصحية، وقرّب لهم خدمة الطوارئ 190، وتأكد أن 90 في المئة منهم سيلتزمون بالمكوث في بيوتهم”.
وأضاف: “من أسباب العمل الإرهابي الجوع والتهميش والمحسوبية وقلة الوعي. والحد من هذه الظواهر يقلّص عدد الإرهابيين ويؤمن السلم الاجتماعي ويعوض المعالجة الأمنية للإرهاب بنظيرتها الاقتصادية والاجتماعية”.
وخاطبت الناشطة أميمة مهدي العجبوني بقولها: “سيدي النائب أنت مُشرّع قبل كل شيء، وكل كلمة تقولها لها وقع عند الناس، وهذه المقارنة ليست في محلها. كما أن التشريع في المادة الإرهابية لا يقول بهذا الرأي. كما أن توظيف كلمة إرهابي في هذا السياق يحمل خطورة استخدام كلمة جنرال لنعت وزير الصحة. فكل كلمة لديها وقعها عند الرأي العام وخاصة عندما تصدر عن نائب شعب. لذلك يجب أن نجد طرقاً أخرى مختلفة كلياً لتوعية الشعب بخطورة وباء كورونا”.
ورد العجبوني على هذه الانتقادات بالقول: “أنا لم أصف المريض بالإرهابي. ما قصدته هو أن الإرهابي الذي يحمل حزاماً ناسفاً يتسبب في قتل الأبرياء، والمريض بكورونا الذي لا يلتزم بالحجر الصحي الذاتي أو العام ويتعمّد الخروج والمصافحة والتقبيل وعدم احترام مسافة الأمان يتسبب كذلك في قتل الأبرياء (أفراد عائلته وأصدقاؤه وجيرانه وغيرهم). ليس هنالك أي حلّ للحد من انتشار العدوى وتفادي المزيد من الضحايا إلا احترام الحجر الصحي الذاتي أو العام”.
وكانت الحكومة التونسية حذّرت من خروج وباء كورونا عن السيطرة بسبب تزايد الاستهتار من قبل المواطنين بإجراءات الحظر الصحي المفروض في البلاد، متوعدة بتشديد العقوبات على المخالفين، فضلاً عن توجيه تهمة “القتل غير المتعمد” ضد المتسببين بنقل الفيروس إلى الآخرين.

شاهد أيضاً

300 ألف نازح من رفح وإسرائيل تواصل الغارات على جباليا

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في سلسلة غارات شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت وفجر اليوم الأحد على مناطق سكنية شمالي قطاع غزة،