الأوبزرفر: “فيلم جمال خاشقجي يصل إلى هدفه لكن هل سيتمكن الناس من مشاهدته”؟

كان مشهد لحظة نهاية العرض الأول لفيلم “المنشق” في مهرجان صندانس الأمريكي للأفلام الوثائقية الشهر الماضي مؤثرا، حسب وصف صحيفة “الأوبزيرفر” البريطانية. “في نهاية المشهد الختامي للفيلم الوثائقي عن اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، وقف المشاهدون في قاعة المهرجان على أقدامهم وصفقوا طويلا وبحفاوة بالغة”.

ويعالج الفيلم، الذي يتسم بطابع إخباري ودرامي، ويقدم انتقادات لاذعة أخلاقية، أحد أكثر الأحداث إثارة للجدل في الشرق الأوسط والولايات المتحدة الحديثة، ويسلط الفيلم الذي أخرجه المخرج الحائز على جائزة الأوسكار برايان فوغل الضوء على العلاقات التي تربط بين المملكة العربية السعودية والشركات الأمريكية التي لا تفكر سوى بمنطق ربحي بحت.

يسلط الفيلم الذي أخرجه المخرج الحائز على جائزة الأوسكار برايان فوغل الضوء على العلاقات التي تربط بين المملكة العربية السعودية والشركات الأمريكية

ونال الفيلم مديح جميع النقاد واصفين إياه بـ”المثير الذي يزيد الوعي حول الفساد وأساليب التستر والتهرب من الجرائم”. مجلة فارايتي علقت على الفيلم: “يسلط الضوء على الفساد والتستر والشجاعة في العالم الحقيقي”.

كما أشاد الممثل الأمريكي أليك بالدوين بالفيلم مغردا: “الحقيقة تم تقطيعها في واشنطن”، مضيفا: “لكنها على قيد الحياة وبصحة جيدة في عمل برايان فوغل”.

وتتساءل مراسلة الأوبزيرفر للشؤون الفنية فانيسا ثورب في تقريرها عن الفيلم تحت عنوان “فيلم جمال خاشقجي يصل إلى هدفه لكن هل يتمكن الناس من مشاهدته”؟ ما إذا كان سيصل للمشاهدين، وتوضح أن “مستقبل الفيلم بدا واعدا في تلك اللحظات التي تلت العرض الأول حيث قال فوغل إنه يتمنى ألا يتمكن اللوبي السعودي في واشنطن من التأثير على نشر الفيلم وطيه في غياهب النسيان، قائلا إنه يحلم بأن يتصدى الموزعون للسعودية”.

وتقول الصحيفة: “بعد نحو شهر من العرض الأول للفيلم، ليس واضحا أن الموزعين سيتصدون للسعودية فما زال منتجو الفيلم يناقشون خياراتهم مؤكدين أنهم يسعون للحصول على أفضل صفقة لصالح خاشقجي نفسه”.

وتشير فانيسا إلى أن الموزعين غالبا ما يتجنبون الأفلام الوثائقية التي يمكنها إثارة المشاكل والأزمات حيث يتخوفون من أن الفيلم الذي مولته مؤسسة حقوقية قد يواجه نفس مصير برنامج منهاج حسن الكوميدي على نتفليكس والذي تعرض في موسمه الأول لملف اغتيال خاشقجي فاحتجت عليه السعودية وتمت إزالته من منصة نتفليكس.

وقالت ريبيكا فنسنت، مديرة مكتب المملكة المتحدة لمنظمة “مراسلون بلا حدود”: “من الأهمية بمكان استمرار التركيز على انعدام العدالة لاغتيال جمال خاشقجي”.

وقالت فينسنت: “على الرغم من الاحتجاجات الدولية الأولية، لم يتم عمل الكثير حتى الآن لفرض إجراءات ملموسة على المملكة العربية السعودية على هذا العمل الرهيب، أو على انتهاكاتها بشكل عام على حرية الصحافة في البلاد – حيث يحتجز ما لا يقل عن 33 صحافيا”.

على الرغم من الاحتجاجات الدولية الأولية، لم يتم عمل الكثير حتى الآن لفرض إجراءات ملموسة على المملكة العربية السعودية على هذا العمل الرهيب

وأضافت: “آمل ألا يتردد العالم في اتخاذ موقف أكثر حزماً بشأن هذه الانتهاكات المزعجة. قصة جمال تستحق أن تروى”.

بعد مرور عام ونصف العام على مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، ما زالت الأحداث الدقيقة التي أدت إلى وفاته تشكل لغزًا، على الرغم من إعدام الحكومة السعودية لمجموعة من الرجال “المذنبين” المجهولين. يُعتقد أن القتل كان بسبب انتقادات خاشقجي كاتب عمود رأي في واشنطن بوست للنظام. والكثيرون، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية، يعتقدون أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لم يكن من الممكن أن يجهل خطط قتل خاشقجي.

فيلم فوغل ينصب على الجهود السعودية للسيطرة على المعارضة الدولية بقدر تركيزه على كشف الذين أمروا بالقتل. وكما يحتوي على مقابلات مفصلة مع المسؤولين الأتراك الذين كشفوا عن مقتل خاشقجي، فإن “المنشق” يسلط الضوء أيضا على الشركات والحكومات التي تتعامل مع النظام السعودي. هذا جعل من الصعب تسويق الفيلم.

ويشير الفيلم لعملية القرصنة التي تعرض لها هاتف الملياردير الأمريكي جيف بيزوس مالك صحيفة “واشنطن بوست”، قبل خمسة أشهر من مقتل خاشقجي، إثر استلامه رابطا مشبوها من حساب محمد بن سلمان الشخصي عبر تطبيق واتساب.

كما تشكل قصة عمر عبد العزيز، وهو ناشط سعودي ومدون يعيش الآن في مونتريال، قلب الفيلم الوثائقي، والعديد من الانتهاكات التي كشفها كانت من تجربته الخاصة. وبسبب نشاطه في الخارج تم سجن أشقائه. وقد تم اختراق هاتفه كما حصل مع بيزوس بواسطة برنامج التجسس بيغوسوس.

بعد العرض الأول، قال المخرج فوغل، الحائز على جائزة الأوسكار في عام 2018 عن فيلم إيكاروس، وهو ساهم في منع روسيا من الألعاب الأولمبية الشتوية في ذلك العام، إنه يأمل أن يجعل الفيلم “بلدانا أخرى، وحكوماتهم وقادة الأعمال، يعيدون تقييم العلاقة مع المملكة العربية السعودية حتى يتم الإصلاح”.

شاهد أيضاً

300 ألف نازح من رفح وإسرائيل تواصل الغارات على جباليا

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في سلسلة غارات شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت وفجر اليوم الأحد على مناطق سكنية شمالي قطاع غزة،