استطلاعات الرأي تتحدث عن “زلزال انتخابي”.. وتونس تنتظر حسم النتائج

تستيقظ تونس مهد الربيع العربي صباح الإثنين على وقع “زلزال انتخابي” أفضى مبدئياً وبانتظار النتائج الرسميّة إلى انتقال مرشحَين “ضد النظام” إلى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسيّة، وهو حدث من شأنه أن يثير ردود فعل واسعة.

واستنادا إلى مؤسّستَي “سيغما كونساي” و”إيمرود” لاستطلاعات الرأي، حل سعيد أولاً بـ19 في المئة من الأصوات، يليه القروي بـ15 في المئة.

من شأن هذا الواقع الجديد أن يزيح طبقة سياسيّة موجودة منذ ثورة 2011 وأن يضع البلاد في حالة من عدم اليقين. وتُعلن الهيئة النتائج الأوّلية الثلاثاء

والقروي (56 عاماً) هو مؤسّس قناة “نسمة”، وقد ترشّح للانتخابات الرئاسية بعد تأسيسه حزب “قلب تونس”. ومن خلال سَعيه إلى توزيع إعانات وزيارته المناطق الداخليّة من البلاد، بنى المرشح ورجل الإعلام مكانةً سرعان ما تدعّمت وأصبح يتمتّع بقاعدة انتخابيّة لافتة.

وقرّر القضاء التونسي توقيفه قبل عشرة أيّام من انطلاق الحملة الانتخابيّة على خلفيّة تُهم تتعلّق بتبييض أموال وتهرب ضريبي، إثر شكوى رفعتها ضدّه منظّمة “أنا يقظ” غير الحكومية في عام 2017.

عندها، قرر القروي الدخول في إضراب عن الطعام من سجنه، بينما تولت زوجته سلوى سماوي وعدد من قيادات حزبه “قلب تونس” مواصلة حملاته.

ومن شأن هذا الواقع الجديد، إذا ما أكّدته الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، أن يزيح طبقة سياسية موجودة منذ ثورة 2011، وأن يضع البلاد في حالة من عدم اليقين. وتُعلن الهيئة النتائج الأولية الثلاثاء.

ويُلقّب أستاذ القانون الدستوري سعيّد بـ”الروبوكوب (الرجل الآلي)” ويتحدّث باسترسال حرصاً منه على أن تكون حملته معتمدةً على التواصل المباشر مع الناخبين، وقد استطاع الانتقال إلى الدورة الثانية متصدّراً نتائج استطلاعين للرأي.

اللغة العربيّة لا تُفارق سعيّد. يستضيفه الإعلام التونسي كل ما كان هناك سجال دستوري في البلاد، ليُقدّم القراءات ويوضح مَواطن الغموض من الجانب القانوني.

ظهر سعيّد (61 عاماً) الأب لثلاثة أبناء في عمليات سبر الآراء في الربيع الفائت، وتحصل على ترتيب متقدّم فيها، وبدأ يلفت الانتباه إليه تدريجياً.

ويُرتَقب أن يطفو على السطح جدل قانوني بخصوص تواصل توقيف القروي ومنعه من القيام بحملته.

وقال مساعد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف، إبراهيم بوصلاح، تعليقاً على إمكان فوز القروي: “إنّها القضيّة الأولى من نوعها في تونس. يجب أن أقول هنا إنّنا (سنكون) أمام فراغ. في حال فوزه، سنكون في مأزق قانوني”.

“رسالة”

وانتقد حزب “النهضة” ذو المرجعيّة الإسلاميّة الذي قدّم للمرّة الأولى في تاريخه مرشحا من صفوفه للانتخابات الرئاسيّة، نتائجَ استطلاعات الرأي بعد التصويت.

وقال سمير ديلو، الناطق الرسمي باسم حملة عبد الفتاح مورو، في مؤتمر صحافي ليل الأحد: “الجهة الوحيدة المخوّل لها تقديم النتائج هي الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات”.

بدوره، اعتبر رئيس الحكومة الذي حل بعيدا في نتائج الاستطلاعات (بين الترتيب السابع والثامن) أنّ نسبة العزوف المسجّلة “رسالة وجب التقاطها”.

وأعلنت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التونسية الأحد بلغت 45,02%، وقد دُعي إليها أكثر من سبعة ملايين ناخب.

وقال رئيس الهيئة، نبيل بفون، في مؤتمر صحافي إنّ “النسبة مقبولة وكنّا نأمل أن تكون أكبر”.

ويرى الباحث السياسي حمزة المدب أن هذا يُشكّل إشارةً إلى “استياء عميق ضدّ طبقة سياسية لم تحقّق المطالب الاقتصادية والاجتماعية”.

وطرح الصراع الانتخابي في 2019 معادلةً جديدة تقوم على معطى جديد إثر ظهور مرشّحين مناهضين للنظام الحالي، ما أفرز وجوهاً جديدة استفادت من التجاذبات السياسيّة، على غرار سعيّد.

لم تتمكّن تونس منذ الثورة من تحقيق نقلة اقتصاديّة تُوازي ما تحقّق سياسياً. فملفّ الأزمات الاقتصاديّة لا يزال يمثل مشكلة أمام الحكومات المتعاقبة، وبخاصّة في ما يتعلّق بنسب التضخّم والبطالة التي دفعت شباباً كثيرين إلى النفور من السياسة.

وبلغ تأزُّم الوضع الاقتصادي ذروته خلال حكومة الشاهد، الأطول بقاءً مقارنة بسابقاتها، ما دفع التونسيّين إلى الاحتجاج بشكل متواصل طيلة السنوات الأخيرة، مطالبين بمراجعة السياسيات الاقتصاديّة وتحسين القدرة الشرائيّة التي تدهورت. في الوقت نفسه، لوحظ تحسّن في الوضع الأمني.

وأدى الفراغ الذي تركته السُلطة في مسألة معالجة الأزمات الاجتماعيّة إلى ظهور مَن يطرح البديل والحلول ويعتمد في ذلك على الاقتراب أكثر من الطبقات المهمّشة.

وتنافس 24 مرشحاً في الانتخابات الرئاسية، الأحد، وأمّنَها نحو 70 ألف رجل أمن، ولم يُعلن عن أيّ خلل أثّر على المسار الانتخابي.

شاهد أيضاً

الوضع في سوريا

كل ما يقوله مسترزقو اليوتيوب والشاشات عن تغييير كبير قادم لسورية، كذب، وكل من يقول أن التظاهر السلمي والحل السياسي والقرار ٢٢٤٥ سيسقط النظام، كذاب، أو على الأقل واهم وهماً كبيراً، للأسباب التالية :