فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ

قال سبحانه: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ. فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ» .. [سورة غافر : الآية: 77]

يقول سيد قطب في تفسيرها:

“وهنا نقف أمام لفتة تستحق التدبر العميق: إن هذا الرسول الذي يلاقي ما يلاقي من الأذى والتكذيب والكبر والكنود، يقال له ما مفهومه:

أدِّ واجبك وقف عنده!!
فأما النتائج فليست من أمرك!

حتى شفاء صدره بأن يشهد تحقق بعض وعيد الله للمتكبرين المكذبين ليس له أن يعلق به قلبه!

إنه يعمل وكفى يؤدي واجبه ويمضي فالأمر ليس أمره والقضية ليست قضيته إن الأمر كله لله والله يفعل به ما يريد.

يا الله! يا للمرتقى العالي ويا للأدب الكامل.

الذي يأخذ الله به أصحاب هذه الدعوة في شخص رسوله الكريم وإنه لأمر شاق على النفس البشرية أمرٌ يحتاج إلى الصبر على أشواق القلب البشري العنيفة.

لعله من أجل هذا كان التوجيه إلى الصبر في هذا الموضع من السورة فلم يكن هذا تكرارا للأمر الذي سبق فيها إنما كان توجيها إلى صبر من لون جديد ربما كان أشق من الصبر على الإيذاء والكبر والتكذيب؟!

إن احتجاز النفس البشرية عن الرغبة في أن ترى كيف يأخذ الله أعداءه وأعداء دعوته، بينما يقع عليها العداء والخصومة من أولئك الأعداء، أمر شديد على النفس صعيب.

ولكنه الأدب الإلهي العالي، والإعداد الإلهي لأصفيائه المختارين، وتخليص النفس المختارة من كل شيء لها فيه أرب، حتى ولو كان هذا الأرب هو الانتصار من أعداء هذا الدين!
ولمثل هذه اللفتة العميقة ينبغي أن تتوجه قلوب الدعاة إلى الله في كل حين.
فهذا هو حزام النجاة في خضم الرغائب، التي تبدو بريئة في أول الأمر، ثم يخوض فيها الشيطان بعد ذلك ويعوم!”.

#سيد_قطب
في ظلال القرآن (5/ 3097)

شاهد أيضاً

300 ألف نازح من رفح وإسرائيل تواصل الغارات على جباليا

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في سلسلة غارات شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت وفجر اليوم الأحد على مناطق سكنية شمالي قطاع غزة،