لأغلبن انا و رسلي، فلم اليأس؟

قال الله تعالى :
﴿وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾

تقول : ولئن لم يطاوعني على ما أدعوه إليه من حاجتي إليه ( ليسجنن ) ، تقول : ليحبسن وليكونا من أهل الصغار والذلة بالحبس والسجن ، ولأهيننه.

﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾

فمكث في السجن بضع سنين، واختلفوا في معنى البضع ، فقال مجاهد : ما بين الثلاث إلى السبع .

وقد ورد لفظ السجن ومشتقاته في القرآن الكريم عشر مرات، وكلها في مصر، وكلها ضد عباد صالحين، والغريب أن المتهم كان بريئاً، واﻷغرب أن القاضي كان يعلم أنه بريء.

وتأمل قول يوسف عليه السلام: (السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)
فالمبادئ والثوابت والقيم لا تتجزأ ولا تنحني للإغراء والشهوة ولا تزعزعها الاتهامات الكيدية ولا ترعبها السجون والمعتقلات ولا يرهبها التعذيب والقتل.

والملفت أن سورة يوسف اختتمت بهذه البشارة: (حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ).

فبعد أشد الأوقات ظلمة يطلع الفجر ، وحين تشتد الكربات يقترب الفرج وحين يتملك النفوس اليأس من شدة العسر وتأخر النصر ومعاندة المكذبين ومحاربتهم يمن الله بالروح والتنفيس عن المؤمنين والتمكين

إن صاحب الثقة بالله تعالى لا يهتز يقينه ولا يتزعزع إيمانه حتى وإن رأى تكالب الأمم واشتداد الخطوب؛ لأنه يعلم أن الأمر كله لله تعالى،وأن العاقبة للحق وأهله، وأن المستقبل لهذا الدين:(كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:21)
إن هذا اليقين بنصر الله كان واضحا جليا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى في أشد اللحظات وأحرج الساعات ، فحين شكا إليه بعض أصحابه رضي الله عنهم اشتداد أذى المشركين كان يقول لهم: ” والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه،ولكنكم تستعجلون”.

شاهد أيضاً

300 ألف نازح من رفح وإسرائيل تواصل الغارات على جباليا

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في سلسلة غارات شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت وفجر اليوم الأحد على مناطق سكنية شمالي قطاع غزة،