يشكون تلاعبا وفسادا.. اليمنيون يسألون: أين تذهب أموال المساعدات؟

دفع الحديث الطويل عن الفساد والتلاعب الذي يشوب المساعدات الإنسانية إلى اليمن، مجموعة من الناشطين اليمنيين إلى إطلاق حملة لتقصي مصير تلك المساعدات التي تتبرع بها الدول.

ويسعى القائمون على الحملة إلى الإجابة عن عدد من الأسئلة يتصدرها: لماذا لا تنعكس المساعدات على الواقع وتخفف من معاناة اليمنيين ووقف انتشار الأوبئة وتفشي المجاعة؟ كما يبحثون عن الأسباب التي تحول دون إصدار المنظمات الوسيطة أي تقارير عن ما تسلمته من أموال طوال سنوات الحرب، والتي يقدرها البعض بـ23 مليار دولار.
بداية تلك الحملة كانت في التاسع من أبريل/نيسان الحالي، حين نشر الشاب اليمني فداء الدين يحيى -الذي يدرس في ألمانيا- تسجيل فيديو قصيرا على صفحته في فيسبوك، يدعو من خلاله اليمنيين للتفاعل مع حملة إلكترونية مع وسم #وين_الفلوس.

وتحدث يحيى للجزيرة نت عن أولى الخطوات العملية لها، قائلا إنها “بدأت بتوجيه خطاب عام لكل المنظمات الدولية والمحلية، ومطالبتها بنشر تقاريرها وفقا للقوانين والتشريعات المحلية والدولية التي تؤكد على حقوق المواطنين في الحصول على المعلومة”.

ويضيف أن الخطوة الثانية من الحملة هي مخاطبة أغلب المنظمات برسائل عبر الإنترنت، تسأل عن المبالغ التي استلموها، ومطالبتهم بتوضيحات وتقارير رسمية حول طريقة صرفها وتوزيعها. ويؤكد أنهم ما زالوا ينتظرون الردود على رسائلهم.

ويؤكد يحيى أن بعض المنظمات “تعذرت إليهم بسوء الوضع وظروف الحرب واتخذتها ذريعة للتستر على نشر التقارير، وجزء منها أرجع ذلك إلى وجود اتفاقيات مع المانحين بعدم نشر التقارير، ولكن هذا الأمر يعتبر مخالفا للقوانين”.

ويقول المشاركون في الحملة إنهم يستعدون لتصعيد مساءلتهم لتلك المنظمات خلال الأيام القادمة، من خلال نشر عريضة يوقع عليها أغلب اليمنيين، تخاطب الجهات المانحة بشكل مباشر من أجل الضغط على المنظمات لنشر تقاريرها وتزويد الرأي العام بها.

المحتاجون للعون يتزايدون كلما طال أمد الحرب (الأناضول)
أرقام
وجاءت الحملة تجاوبا مع استمرار شكوى المواطنين من وصول سلال غذائية منتهية الصلاحية، فيما يزداد عدد المؤتمرات لدعم اليمن.
وحول قيمة المساعدات الإنسانية المقدمة إلى اليمن منذ نشوب الحرب، يقول الباحث اليمني عبد الواحد حمود العوبلي “إن هناك تقديرات لإجمالي المساعدات التي قدمتها جميع دول العالم لليمن خلال الأربع السنوات الماضية، تفوق 23 مليار دولار”.

ويوضح أن من بين المساعدات “19 مليار دولار قالت السعودية إنها قدمتها”، بالإضافة إلى نحو ملياري دولار من المتوقع وصولها خلال عام 2019، بحسب تعهدات المانحين في مؤتمر جنيف خلال فبراير/شباط الماضي.

ووفقا للعوبلي، فإن هناك جزءا كبيرا من تلك المبالغ المعلنة “وصل خلال العام الأخير 2018 عبر منظمات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها منظمة الغذاء العالمية واليونيسيف، ونسبة كبيرة منها تم توزيعه عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والبرنامج السعودي للتنمية وإعادة الإعمار، وعبر الهلال الأحمر الإماراتي، وكذلك بقية المنظمات اليمنية الوسيطة”.

وبحسب العوبلي فإن المفاجأة الكبرى تتمثل في أن أغلب تلك المنظمات العاملة في اليمن “لم تصدر أي تقارير مالية تفصيلية بشأن مصير المبالغ التي تتسلمها على مواقعها الإلكترونية الرسمية، في ذات الوقت الذي تلتزم فروعها في جميع دول العالم بنشر التقارير للرأي العام أولا بأول”.

وطبقا للعلي، فإن المنح وأموال المساعدات لا تمر عبر البنك المركزي اليمني، وهو ما زاد من انهيار العملة اليمنية خلال السنوات الماضية، ولو تم إدخالها بطريقة نظامية لما حصلت الأزمة الاقتصادية، وهو ما دفع برئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك لحث المانحين مؤخرا على توجيه مساعداتهم المالية عبر البنك المركزي.

مسؤول حكومي يمني يقر بوجود تلاعب في أموال المساعدات (رويترز)
إقرار حكومي
وفيما يتعلق بموقف الحكومة اليمنية، أقرّ مسؤول في اللجنة العليا للإغاثة الحكومية -رفض ذكر اسمه- بوجود “تلاعب كبير بالأموال والمساعدات التي تقدم لليمن”.

وأوضح أن هذا التلاعب بأموال المساعدات يحدث “خصوصا في مناطق سيطرة الحوثيين، أو الكثير من المشاريع الإغاثية التي تقوم المنظمات المحلية بالتنسيق مع الأمم المتحدة بشكل مباشر بتنفيذها ثم التحجج في النهاية بصعوبة وصولها إلى مناطق النزاع”.

وفي مواجهة ذلك، قال المسؤول إن هناك “جهودا حكومية تبذلها اللجنة للتنسيق مع الأمم المتحدة للعمل على ضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، والذين يتجاوز عددهم أكثر من 15 مليون يمني جميعهم بحاجة إلى مساعدات غذائية أساسية”.

أما المتحدثة باسم المكتب الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط عبير عطيفة، فقالت إن من حق أي أحد التساؤل عن مصير المساعدات.

وفيما يتعلق بأنشطة برنامج الغذاء العالمي، أكدت أن المعونات تذهب إلى مستحقيها، وأن كل أموال الدول المانحة تخضع لرقابة شديدة من قبل مراقبي برنامج الغذاء أو الدول المانحة.

وأضافت عطيفة للجزيرة نت “عندما تقدم الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو السعودية دعما لبرنامج الغذاء العالمي من أجل تنفيذ عمليات إغاثية في اليمن، فإن هناك مراقبة من تلك الدول على كيفية صرف الأموال من خلال عدة معايير صارمة”.

وفيما يتعلق بالمصاريف الإدارية لموظفي البرنامج، ذكرت أنها “ثابتة كما هو الحال في كل العالم، وقد تصل إلى ما نسبته 6.5% من كل منحة”.

شاهد أيضاً

الوضع في سوريا

كل ما يقوله مسترزقو اليوتيوب والشاشات عن تغييير كبير قادم لسورية، كذب، وكل من يقول أن التظاهر السلمي والحل السياسي والقرار ٢٢٤٥ سيسقط النظام، كذاب، أو على الأقل واهم وهماً كبيراً، للأسباب التالية :