الغنوشي : نرفض دعوة السبسي لتعديل الدستور و 70 في المئة من قاعدتنا ترفض مشروع المساواة في الإرث

رفض الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، دعوة الرئيس باجي قايد السبسي لتعديل الدستور من أجل تقليص صلاحيات رئيس الحكومة، معتبراً أن «الدساتير لا تبنى في يوم ولا تهدم في يوم، ودستورنا لم يعط الوقت الكافي والفرصة الكافية من التطبيق حتى نتبين مكامن الخلل الموجود» .
حيث استنكر الشيخ الغنوشي اتهام الحركة بإنشاء جهاز أمن سري مواز، معتبراً إياها تكراراً للاتهامات نفسها التي كان يرددها نظام الرئيس زين العابدين بن علي، وقال: «لم نلجأ للعنف ضد نظام بن علي فكيف نقوم بممارسته ونحن نحكم؟»، متهماً: «خصومنا السياسون أرادوا أن ينقلوا خلافنا معهم من المستوى السياسي إلى الأمني، لأنهم خلال سنوات 2011 و2014 و2018 جربوا منافستنا في صناديق الاقتراع وفشلوا، فلم يبق إلا ضرب المدفع ووصف النهضة بالإرهاب لإخراجها من ساحة اللعب».
وتحدث زعيم حركة النهضة عن الاستعدادات للقمة، معتبراً أن قضية فلسطين محل إجماع عربي، مستبعداً وجود أي محاولات للتمهيد لصفقة القرن وتسويق التطبيع مع الكيان الصهيوني. وحول دعوات البعض لإعادة سوريا للجامعة العربية، قال الغنوشي: «إن التزامنا مع الثورة السورية التزام ثابت، لأن الشعب السوري يستحق الحرية»، مستدركاً: «إذا رأت الجامعة أن المبررات والأسباب التي طردت من أجلها سوريا قد تغيرت فنحن لن نقيم الدنيا ونقعدها».
وفيما يلي نص الحوار:
■ مع استعداد تونس لاحتضان القمة العربية نجد أن النظرة العامة لدى الشعوب العربية بأن الجامعة العربية أصبحت في حالة موت سريري.. ففي ظل هذه الصراعات والانقسامات، هل تتوقعون أي نتائج؟
■ تونس تستعد اليوم لهذا اللقاء العربي ونعتقد أن بلادنا، حتى من الجانب الشكلي، تريد أن تكون عربية وتعبر عن عروبتها بأن يجتمع على أرضها رؤساء وأمراء وملوك العرب، وهذا بحد ذاته يسعد التونسيين. رغم أن المواطن العربي يشعر بالإحباط عادة إزاء القمم العربية إلا أننا نعول على نتائج هذه القمة التي ترأسها تونس وفخامة الرئيس الذي له خبرة بالشأن الدبلوماسي، وبأنها ستتناول القضايا الكبرى التي تهم الأمة، أي قضية الأمن والدفاع عن فلسطين، قضية الأمة المركزية. ولعله لا يفوتنا على الصعيد الاقتصادي أن يعطي القادة العرب دفعاً للتعاون العربي في مجال التبادل الاقتصادي وفي التخفيف من إجراءات التنقل بين المواطنين العرب من قطر عربي إلى آخر… فهي ليست قرارات صعبة، وإعطاء الضوء الأخضر للتعاون والتبادل الاقتصادي وانتقال البشر والتنقل بين البلاد العربية قرارات لا تغضب أحداً، ويمكن أن يحصل ذلك. وأظن أن المجلس الاقتصادي الاجتماعي الملحق في الجامعة العربية لديه اجتماعات في المدة الأخيرة، ولعله يتخذ قرارات يفسح المجال لتطبيقها. وحتى لو ظلت الدول العربية متناكفة، يمكن أن يترك المجال أمام رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية لكي تتعاون، وهذا يفيد الجميع ولا يضر أحداً. ولا ينبغي أن نأخذ بالكل؛ فإما وحدة اندماجية أو قطيعة مطلقة، وتونس أرض اللقاء لأنها لم تتدخل في أي محور من المحاور وظلت حريصة على أن تظل على مسافة متقاربة من الدول العربية.

التزامنا مع الثورة السورية التزام ثابت، لأن الشعب السوري يستحق الحرية، وهو أمة عريقة من أعرق الأمم في العالم
■ من القضايا العربية الأساسية المسألة السورية، وكان لافتاً أن تكون تونس أول من طرح مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وحتى موقفكم في الحركة كان في الإطار نفسه، فلو تفسرون لنا ذلك؟
■ التزامنا مع الثورة السورية التزام ثابت، لأن الشعب السوري يستحق الحرية، وهو أمة عريقة من أعرق الأمم في العالم، وتستحق أفضل من هذا الأسلوب في الحكم الذي لا ينتمي لهذا العصر، ولكن من يحكم سوريا هو شأن سوري، ونحن لا نتدخل -كحزب في الحكم- في شؤون الآخرين، ولا نريد أن نشوش على الدولة أيضاً، فالدبلوماسية يقودها رئيس الدولة ويساعده وزير الخارجية، وما دمنا في الحكم نلتزم بسياسة الدولة، فإذا قرر رئيس الجمهورية التونسية أن يستضيف أحداً فنحن لا نقف بوجه إرادته وحقه في ممارسة سلطته على الصعيد الخارجي، ما دام ذلك أمراً لا شك فيه في إطار الدستور والقانون والأعراف. وليست تونس من طردت سوريا، بل هو قرار اتخذ من قبل الجامعة العربية، وإذا رأت الجامعة أن المبررات والأسباب التي طردت من أجلها سوريا قد تغيرت فنحن لن نقيم الدنيا ونقعدها.
■ هناك مخاوف من أن تمهد القمة العربية للتسويق لما يسمى بـ«صفقة القرن» أو تسهيل التطبيع مع إسرائيل؟
■ لا أظن ذلك، فتونس ليست الأرض المناسبة لذلك، ولا أي دولة عربية أخرى أيضاً. إن قضية فلسطين محل إجماع عربي، والحق في فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في أرضه هو التزام أخلاقي وسياسة دولية، فلماذا يتنازل العرب عن حقهم ويخذلون إخوانهم الفلسطينيين بينهما، فهناك صمود في فلسطين يبعث على الإعجاب.
■ ولكن هناك خذلان عربي، وفي بعض الدول تجرى اجتماعات مع الوفود الإسرائيلية؟
■ يقال إن ذلك يحدث ويقال إنه واقع، ولكن على فرض أن الأمر كذلك، فإن أهله لا يعلنون، وما زالوا يخجلون من إعلانه، ولو كان سلوكاً جيداً لبادروا إلى إعلانه . ونتمنى عليهم أن لا يفعلوا ذلك أو أن يكفوا عنه، لأنه ليس في مصلحتهم.
■ بالنسبة لليبيا حالياً، هل أنتم متفائلون بخصوص إيجاد تسوية سياسية؟
■ عموماً، نحن لا نرى حلاً للمشكلات الداخلية لكل بلد عربي إلا بالتصالح والسير نحو الديمقراطية ولو بتدرج، لأن الإقصاء لا يولد إلا العنف، والعنف مشكلة وليس حلاً. العنف بين أبناء الوطن الواحد يؤدي إلى وقوع الحرب الأهلية، والتحارب بين أبناء البلد الواحد صفقة خاسرة، لأن الجميع سيبقى في البلد، وفي النهاية سيتصالح الناس كما تصالحوا في التجربة اللبنانية. فبعد 15 سنة من التحارب بقي السني سنياً والماروني مارونياً والشيعي شيعياً، فالحرب هي العبث، وممارسة العنف لها مبرر واحد وهو دفع الاحتلال، لكن أمام الخلافات الداخلية لا سبيل إلا الحوار والبحث عن توافقات وحلول وسطى. وحتى وإن تنازل البعض لبعض أبناء الوطن واستبعدت الحرب الأهلية وما يؤدي إليها، وهو الإقصاء، فإن ذلك هو الواجب والحكمة. ولذلك، المطلوب من الليبيين اليوم أن يتوافقوا ويدركوا أن الله وهبهم بلداً واسعاً وشحنهم بكل الخيرات مع نسبة سكانية معتدلة، فما الذي ينقصهم حتى يعيشوا جميعاً برفاهية وسعادة في هذا البلد؟ لا ينقصهم إلا شيء من الحكمة، فالليبيون شعب طيب، والتدخلات الخارجية كان لها دور كبير في إذكاء نار الفتنة بين الليبيين الذين هم شعب موحد، وسبب التدخلات الخارجية هي الأطماع.
فمن أسباب الحرب الأهلية في ليبيا وجود ثروات طائلة في هذا البلد، ولن تبقى هذه الحرب إلى الأبد، والصلح ليس ببعيد فيها، لأن الجميع أدرك أنه ليس بمقدور أحد أن يلغي الآخر، وعندما يصل أي شعب إلى هذه المرحلة بعد الذي وصل اللبنانيون إليه عقب حرب طويلة، فلا أحد قادر على إلغاء الآخر، وكلما ضعف طرف تدخل طرف خارجي لدعمه وتكون تلك لحظة تعقل وتفهم والقبول بالحلول الوسطى بدل الانتصار الساحق للخصم.

أن تتغير السلطة دون دماء هذا أمر غير معتاد في العالم العربي وسابقة تحسب للشعب الجزائري ولقيادته أيضًا
■ في الشأن الجزائري.. كيف تنظرون إلى الحراك الحاصل؟
■ ما حدث في الجزائر والحراك الذي انطلق قبل أسابيع تميز بالعقلانية، فأن تتغير السلطة دون دماء هذا أمر غير معتاد في العالم العربي وسابقة تحسب للشعب الجزائري ولقيادته أيضًا.
ونعتبر أن البداية كانت جيدة، والشعارات التي رفعت خلال أربعة أسابيع تطالب بالديمقراطية والحرية، وجمعت كل التيارات، ولم تعرف شعارات أيديولوجية، وهذا مشرف للشعب الجزائري . اليوم الجزائريون اتخذوا طريقاً دستورياً، بمعنى أن الطريق أصبح واضحاً لتخييب آمال من راهن على أن تسقط الجزائر في الفوضى. نحن لا نتدخل في شؤون جيراننا، ولكننا نتمنى لهم الخير دائماً، فما يسعدهم يسعدنا، وأمنهم أمننا، واستقرارهم استقرارنا.
■ ذكرت في تصريحات إعلامية سابقة أن حركة النهضة ستدعم ترشيح يوسف الشاهد لرئاسة الجمهورية.. فما مدى صحة ذلك؟
■ لقد أخرجناً بياناً بهذا الشأن، لأن التصريح مقتطع، فعندما سئلت: هل يصلح الشاهد لرئاسة الجمهورية؟ قلت نعم يصلح.. ولكن لم أرشحه.
■ إذن، هل ستترشح لرئاسة الجمهورية؟
■ كنت عبرت من فترة أن ليس لدي طموح في هذا المنصب، وما زلت على هذا الموقف، لكن الحركة لم تحدد موقفها بعد إن كانت ستختار من داخل الحزب أو من خارجه.
■ هل هناك أي تفاهمات مع الأحزاب الصديقة في الترشيحات للانتخابات الرئاسية؟
■ نأمل أن نحصل على مرشح توافقي، لأن البلد لم يصل بعد إلى مرحلة يُحكم فيها ولو ديمقراطياً بحزب واحد، نحن لم نصل بعد للمرحلة التي تكون فيها رئاسات الدولة الثلاث تنتمي لحزب حاكم واحد، حتى ولو كان فائزاً عبر صناديق الاقتراع، وما زلنا نحتاج حكم التوافق. فحزب النداء عندما حصل على الرئاسات الثلاث لم يمارس منذ البداية سيطرته على الرئاسات، فأتى برئيس حكومة محايد، وبعد ذلك أتى برئيس حكومة من حزبه، ثم حصل ما حصل من إشكالات، وكل ذلك يشهد بأن بلدنا لم يتهيأ بعد لديمقراطية الحزب الواحد، وإنه ما زال محتاجاً إلى التوافق بين مدارسه وتياراته الأساسية، أي تيار الإسلام الديمقراطي وتيار الحداثة المعتدلة واليسار المعتدل، وهذه مدارس كبرى تحتاج إلى توافقات.. ونؤكد هنا الدور المحوري لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في ذلك. ونحن ندعم بالمناسبة كل جهوده للوحدة الوطنية، ومن ركائزها مستقبلاً التوافق حول مرشح رئاسي يجمع ولا يفرق.
■ ما مصير التوافق مع حزب نداء تونس؟
■ من الناحية العملية، التوافق ما زال قائماً، لأن معظم الوزراء ينتمون إلى نداء تونس، وحتى أن بعضهم نزع هذه اللافتة ورفعوا لافتة «تحيا تونس» وغيرها، والبعض بقي صامتاً، ولكن من الواضح أن هؤلاء ينتمون لحزب النداء بفروعه.

نحن نبحث عن توافقات، والجهة الأقرب إلى أن نتوافق معها هي التيار الوسطي الموجود في نداء تونس وحزب تحيا تونس
■ نفهم من هذا الكلام ضرورة وجوب التوافق بين القوى الرئيسية على تقاسم السلطات الثلاث؟ هل يمكن للنهضة في إطار التغيير أن تأخذ رئاسة الجمهورية؟
■ نحن نبحث عن توافقات، والجهة الأقرب إلى أن نتوافق معها هي هذا التيار الوسطي الموجود في نداء تونس وحزب تحيا تونس، لأن هناك أطرافاً نعتبرها أجنحة متطرفة يسارية وأجنحة ثورجية متشددة وأجنحة مضادة للثورة أصلاً وتجرم الثورة، هؤلاء غير قابلين لأن يتحالفوا معنا، لأن دعايتهم الأساسية أنهم «ضد النهضة»، ومشروعهم قائم على القضاء على النهضة. هؤلاء غير قابلين لأن يتحالفوا معنا ولا حتى مع بعضهم، ورغم أنهم معادون للنهضة لم يلتقوا فيما بينهم.
نحن نؤمن بالتوافق ونتطلع إلى أن يقود إلى حكومة قوية تنفذ الإصلاحات، لأن الظروف مهيأة الآن. النهضة اكتسبت خبرة في الحكم، والمصالحة أعادت الاعتبار لكفاءات الدولة، والجزء الأكبر من الدساترة قام بالمراجعات الضرورية مثلنا تماماً، والساحة الآن تزداد ثراء بوجوه جديدة تقدمية حداثية، ولكن ليس لها خلفية استئصالية . هذا ما يساعدنا بإذن الله على تدارك نقائص تجربتي الترويكا والتوافق بين النهضة والنداء بعد انتخابات 2014 .
■ ما رأيكم في دعوة الرئيس الباجي إلى تقليص صلاحيات رئيس الحكومة لصالح رئاسة الجمهورية ؟
■ موقف الرئيس محترم، ولكننا مع الدستور الحالي، فالدستور وزع السلطات بين القصبة وقرطاج، وباردوا، والرئيس مهمته أن يلتزم بالدستور، وهذا ما عبر عنه سي الباجي مراراً وتكراراً. تقديرنا أنه لم يأت بعد الوقت المناسب لتغيير الدستور، الدساتير لا تبنى في يوم ولا تهدم في يوم . الدساتير مبادئ يراد لها قدر كبير من الثبوت والاستقرار، فينبغي أن تعطى الوقت الملائم لتجرب، وبعدها يحكم بعد هذه التجربة وليس بعدها. فدستورنا لم يعط الوقت الكافي، ولا نستطيع أن نقول إن هذا دستور مثالي، إذ لا يوجد دستور مثالي، ولكن يجب أن يعطى فرصته الكافية من التطبيق حتى نتبين مكامن الإخلال الموجود.
أما الذين هم ضد النظام البرلماني، فمن حقهم أن يتأثروا بنماذج رئاسية، ولكن معظم الأنظمة الديمقراطية في العالم هي أنظمة برلمانية. فدستورنا مثّل خليط من النظام البرلماني والنظام الرئاسي، وهو أقرب منه إلى النظام البرلماني، ولكن ترك اختصاصات أخذها من رئاسة الحكومة إلى رئاسة الجمهورية .. المشكلة عندما أتى هذا الخلط بين النظامين، كلٌّ له منطقه الداخلي وله صعوباته ونقائصه، ولكن له إيجابياته.
■ بحديثكم عن الحملة على النهضة، هل ترى قضية الجهاز السري واتهام النهضة بالتورط في تسفير الإرهابيين إلى سوريا ضمن هذه الحملة؟

لا يكفي أن نضع في دساتيرنا مبادئ الديمقراطية، بل يجب أن تتحول الديمقراطية إلى ثقافة وإلى قيم وعادات وتقاليد حتى ندير اختلافاتنا دون أن يخوّن بعضنا بعضاً
■ أمامنا انتخابات، ويجب أن لا ننسى أمرين، الأول أننا ديمقراطية ناشئة، وبالتالي نحن نتدرب على الحرية ونتدرب كيف نمارس الصراع على السلطة بأدوات مدنية، ولا يكفي أن نضع في دساتيرنا مبادئ الديمقراطية، بل يجب أن تتحول الديمقراطية إلى ثقافة وإلى قيم وعادات وتقاليد حتى ندير اختلافاتنا دون أن يخوّن بعضنا بعضاً.. في ثقافتنا ما زال الآخر هو الجحيم، وما زال هناك تخوين المخالف أو تكفيره واستباحة دمه، في النهاية، وإقصاؤه ..
الدولة التونسية خلال خمسين سنة من حكمها لم تخل سنة من المحاكمات السياسية، ودائماً كانت مدافع الدولة تتجه إلى أحد المعارضين حتى لو كانوا من داخل الحزب الحاكم نفسه، وهل قيامنا بثورة ضد الديمقراطية يعني أن دماءنا نقيت من تلك الآفات؟ لا أعتقد ذلك، لذلك عندما نتهم بهذه الاتهامات نجدها تكراراً للاتهامات نفسها التي كان يرددها بن علي، فكان يصفنا بالإرهابيين ويقول إن لدينا تنظيمات سرية، ويمارس العنف، وحاول أن يقنع شركاءه الغربيين خلال عشرين سنة من حكمه بهذا. وهنا أقول إن النهضة التي وجدت اللجوء السياسي في كل الدول الغربية حاول بن علي أن يقنع أصدقاءه بأن هذه الحركة إجرامية وإرهابية، لكنه لم يستطع، لقد كنا نقيم آمنين في إنجلترا وأوروبا وأمريكا وفي كل الدول الديمقراطية. ورغم ضغوط نظام بن علي على هذه الدول فثمة في هذه الدول قانون، وليس من السهل تجريم شخص واتهامه بالإرهاب. لم نلجأ للعنف ضد نظام بن علي، فكيف نقوم بمارسته ونحن نحكم؟ في الفترة التي اتهمنا بها بممارسة العنف كنا مشاركين في الحكم خلال 2012 و2013، وكنا نقود الحكومة ونسير وزارة الداخلية، فتم اتهامنا بأن لدينا صندوقاً أسود خبأنا فيه وثائقنا، وهذا كله بعد ستة أشهر من العمل المتواصل لخصومنا السياسيين الذين أرادوا أن ينقلوا خلافنا معهم من المستوى السياسي إلى الأمني، لأنهم خلال سنوات 2011 و2014 و2018 جربوا منافستنا في صناديق الاقتراع وفشلوا، فلم يبق إلا ضرب المدفع ووصف النهضة بالإرهاب لإخراجها من ساحة اللعب.
وقضية الجهاز السري مفتعلة، وكشف المحامي، في جلسة واحدة، زيف ادعاءاتهم، والآن سكتوا.
■ وهل ستسير النهضة نحو الانتخابات بقائماتها أم هناك تحالفات انتخابية؟
■ لا أظن أنه ستكون لدينا تحالفات انتخابية، الأحزاب الكبيرة لا تحتاج إلى تحالفات، واسمها جزء من رصيدها الانتخابي، ولا يمكن أن تذيبه مع أسماء جديدة تفقدها رصيدها. لقد جربت بعض الأحزاب في السابق ذلك-مثل حزب نجيب الشابي- عندما ضيع اسمه في التحالفات. ولكن من المؤكد أن تطرح التحالفات بعد الانتخابات.
■ من القضايا التي طرحت قبل الانتخابات مسألة المساواة في الإرث، وموقف النهضة كان معارضاً لذلك، ولكن.. هل ستأخذ الحركة موقف الحياد في البرلمان؟
■ موقفنا واضح لا لبس فيه، سنتعامل مع هذه المبادرة بمعقولية وإيجابية، ونقبل ما نعتقد أن شعبنا يقبله، ونرفض ما لا يقبله، لا سيما وأننا في سنة انتخابية وقاعدتنا قاعدة محافظة. نحن نراعي اتجاه الشعب، فنسبة 70 وأحياناً حتى 90 في المئة ليس مرتاحاً لهذا المشروع.

الشعب التونسي يعيش إسلامه بانفتاح وحرية ودون قهر، والإسلام لم يعش بصوت السلطات بقدر ما عاش بقوة البرهان وبمنطق القرآن
■ بعد هزيمة داعش في سوريا، هل هناك مخاوف من عودة المقاتلين إلى أماكن أخرى، منها تونس، عبر خلايا نائمة أو غيرها ؟
■ لم يكن عندي ريب بأن هذا المشروع ينافي المعقول، والعالم كله يتجه للحرية، بينماهم يتجهون إلى مزيد من الانغلاق، وتفسيرهم للإسلام أساء للإسلام، والإسلام كان أكبر المتضررين، لأنهم قدموا هذه الديانة في صورة بشعة.. لولا أن المسلمين مدركون لمبادئ دينهم لتركوا الإسلام.. والحمد الله أن المسلمين نبذوهم، ففي بن قردان في الجنوب التونسي خطط هؤلاء للسيطرة على المدينة، ومع ذلك فإن بعض الأفراد الذين تحالفوا مع داعش تعرضوا للنبذ من قبل ذويهم الذين أبلغواعنهم السلطات الرسمية. وحقيقة ما حصل هو ملحمة كبيرة، والتراب التونسي لم يقبل هؤلاء. نحن لا خوف لنا من أن يسيطر داعش على تونس، لأن في تونس شعباً على مستوى كبير من العقلانية والثقافة والنخب، يميز بين ما هو دين وما هو عبث، وبين ما هو طمع أوعنف وتسلط على خلق الله.
الشعب التونسي يعيش إسلامه بانفتاح وحرية ودون قهر، والإسلام لم يعش بصوت السلطات بقدر ما عاش بقوة البرهان وبمنطق القرآن، وإلا كيف نفسر أن أكثر من ملياري بشر في العالم مسلمون؟ وماذا يشدهم للإسلام ..أكيد ليس صوت الحاكم، إنما قناعاتهم بأنه دين خير ورحمة وعدل وتقرب إلى الله. هؤلاء الإرهابيون تصوروا أنهم خائفون على الإسلام ويريدون فرضه على الناس بالقوة، وهم يجرمون القيم الإنسانية وقيم الحق والعدل والحرية والتسامح

شاهد أيضاً

الوضع في سوريا

كل ما يقوله مسترزقو اليوتيوب والشاشات عن تغييير كبير قادم لسورية، كذب، وكل من يقول أن التظاهر السلمي والحل السياسي والقرار ٢٢٤٥ سيسقط النظام، كذاب، أو على الأقل واهم وهماً كبيراً، للأسباب التالية :