المسدس الجزائري ومسدس الفلسطيني

منَ المقال الأسبوعي الشيخ كمال خطيب حفظه

بعد خمسة عشر عامًا من الجهاد وقع عبد القادر الجزائري في الأسر، وسجن في فرنسا وبعدها انتقل إلى اسطنبول ليصل منها إلى دمشق التي سكنها وأصبح له فيها أولاد وأحفاد إلى أن توفي ودفن فيها في العام1883م. وفي العام 1966م قام الرئيس الجزائري هواري بومدين بنقل رفاته من دمشق إلى الجزائر ليدفن في وطنه تقديرًا وعرفانًا لجهاده.
لكن قصة مسدسهِ لا تُنسى وهي التي يحكيها المرحوم الشيخ علي الطنطاوي نقلًا عن الشيخ عز الدين حفيد الشيخ عبد القادر.
يقول الشيخ الطنطاوي في كتاب ذكريات في صفحة 64: ” فلقد افتتحت هذا الحديث بذكر الأمير عز الدين الجزائري، فدعوني أختمه بذكر جده الأمير عبد القادر الجزائري، هذا المجاهد البطل الذي بسط يديه على الجزائر خمس عشرة سنة يحكمها وحده، بيدٍ تحمل المصحف وتؤسس على التقوى الحكومة الحرة العادلة، ويد تحمل المسدس وتدفع عن البلاد القوى المعتدية الظالمة. فلما نخر سوس الخيانة في أساس هذا الصرح واضطر للهدنة، أرادوه أن يسلّم مصحفه ومسدسه، وكان أبدًا يصحب مصحفه لا يفارق جيبه أو خيمته، وكان يحمل مسدسه لا ينزله عن عاتقه أبدًا، فأبى أن يسلِّم سلاحه، وقال: لن أدع المعلمين في فرنسا يقولون لتلاميذهم وهم يزورون المتحف في باريس انظروا هذا مسدس عبد القادر”.
#وأما عبد القادر الحسيني وخلال مقارعته للإنجليز والعصابات الصهيونية وقد أدرك هول الخطر على فلسطين، فإنه ذهب إلى دمشق للاجتماع مع أعضاء اللجنة العسكرية لفلسطين التابعة لجامعة الدول العربية، وطلب منهم أن يمدُّوه بالسلاح، فلما رفضوا بدعوى أن تصرفاته فردية وليست تحت سقف الجامعة العربية فقد خرج غاضبًا وهو يقول لهم جملته المشهورة: “نحن أحق بالسلاح المُخزَّن من المزابل، إنّ التاريخ سيتهمكم بضياع فلسطين، سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطأكم”. وفعلًا رجع المرحوم عبد القادر وشارك وقاد معركة القسطل على بوابة القدس الغربية واستشهد هناك يوم 8/4/1948، وقد وجدت إلى جانب جثته بندقيته ومسدسه الذي ما كان يفارقه.
#نعم، إنه عبد القادر الجزائري الذي جمع بين المصحف والمسدس، وإنه عبد القادر الفلسطيني الذي جمع بين المصحف الذي سلّمه إياه أبوه قبل موته وبين المسدس الذي وجد إلى جانبه عند استشهاده مقبلًا غير مدبر رحمه الله تعالى

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *