هل اقتنعت أوروبا بأطروحة السيسي حول الإرهاب؟

المصدر: مدونات الجزيرة بقلم هشام بوريشة

كينونتكم من صنع أيديكم، فأوروبا بالأمس واليوم لا تفكر إلا بمصلحتها. في مشهد درامي وصدمة عارمة استقبل المتابعون لأخبار مصر والعالم العربي، نبأ تحالف أوروبا مع السيسي وإضفاء الشرعية على نظامه. وقد تأكد ذلك بعد تنظيم القمة العربية الأوروبية بمصر المختطفة. بل وهناك محاولات للزج بأوروبا في تعاون أمني مع السيسي لقمع المعارضة وخصوصا بالخارج. ولكني أتساءل من المختطف الأكبر، أهي فعلا أرض الكنانة أم عقولنا؟ كيف لنا نفسا تواقة للحرية والديمقراطية أن نربط مصيرنا بالآخر وليس بسعينا واجتهادنا بمعزل عن المصالح الضيقة الأطراف المختلفة؟ هل انقلبت المفاهيم في عقول نخبتنا؟ أم هي قلة الحيلة؟ أم لربما التزام بالمشروعية الدولية ومحاولة كسب التعاطف أدى إلى التسليم بزمام الأمور في شؤوننا إلى من هو مفترض خصمنا؟
لكي لا نطيل أو نجتر الأفكار، على نخبتنا المخلصة لقضايا الأمة أن تعلم، أن العلاقات الدولية لا تنبني على العواطف ولا التعاطف. بل وليس على ميزان الحق والباطل. لأن النظام الدولي في مجمله لم يبنى على تلك القواعد. بل أسس على المصالح الاستراتيجية والمصالح المشتركة بين الفاعلين. قد يطرح السؤال وما هي المصالح الاستراتيجية والمصالح المشتركة التي قد تربط طاغية العصر بمصر مع أوروبا، لكي تضفي عليه الشرعية وتغض النظر عن كل الانتهاكات ومصادرة الحقوق بشتى أنواعها؟

مما لا شك فيه أن أوروبا تهتم برفاهية مواطنيها أولا. والتدخلات العسكرية كما الضغوط الديبلوماسية التي مورست من طرفها في بقاع المعمور، كانت ذات دوافع اقتصادية بالدرجة الأولى وسياسية وللحيلولة دون انقلاب موازين القوى الاستراتيجية في مناطق الصراع. ولمن يريد أدلة على ذلك فهي عديدة، نذكر على سبيل المثال كيف غضت أوروبا بصرها عما قام به جنرالات العار في الجزائر من تقتيل لأبناء الشعب تارة بدعوى محاربة الإرهاب وتارة كجماعات اسلامية. ونحيلكم على كتاب الحرب القذرة لأحد عملاء المخابرات الجزائرية الذين طلبوا اللجوء السياسي في فرنسا.
وفي أحيان أخرى تواطأت عدوا وظلما مع هؤلاء العسكر ضد بعض المعارضين. ونسرد كمثال على ذلك اختطاف ثلاث من الدبلوماسيين الفرنسيين في قنصلية فرنسا بالجزائر عام 1993. والتي فبركتها الاستخبارات الفرنسية مع نظيرتها الجزائرية. ولا ننسى كيف أن الاستخبارات الفرنسية في محاولة للتأثير على الاستخبارات البريطانية أرسلت تقارير عن احتمال سقوط النظام الجزائري مما ستصل تداعياته إلى مصر وتونس والمغرب. في محاولة منها إيقاف أنشطة الحركات الإسلامية ببريطانيا أو ما سمي استخباراتيا آنذاك “لندنستان”.
وللتأكيد على هذه العلاقة النفعية بين الأنظمة الشمولية عامة والدول الأوروبية هناك موقف حصل لي شخصيا في البنك الاستثماري الأوروبي. حيث كنا في زيارة لهذه المؤسسة في إطار زيارة ميدانية من خلال الجامعة، وإثر سؤال حول مدى مراقبة تمويل المشاريع الأورومتوسطية خصوصا في ميادين إعادة الهيكلة والدمقراطية وحقوق الإنسان. صرح مسؤول أمام الطلاب آنذاك أنه ليس من شأنهم إذا كانت الأموال تصرف بطريقة عقلانية أو أنها تسرق ما دامت المصالح الاستراتيجية لأوروبا محفوظة ومن جملتها كما ذكر حرفيا: صنبور الغاز مفتوح.
هناك أمثلة وأحداث عديدة تدعم رؤيتنا للعلاقات بين أوروبا والدول العربية. ولكننا نكتفي بهذه الأمثلة. ولكن السؤال المطروح لماذا لا تشكل المعارضة المصرية مصدر اطمئنان للسلطات والنظام الأوروبي القائم؟ وهل يجب على المعارضة أخذ شهادة حسن السيرة والسلوك من أوروبا لتمارس معارضتها المشروعة لنظام ديكتاتوري سفاح؟
إن أوروبا في الوقت الراهن والقوى الأكثر تأثيرا حاليا تتبع بصيغة أو بأخرى لسلطة آل روتشيلد بما في ذلك بريطانيا وفرنسا. فرضية تجرنا إلى التفكير أن أمن الدولة العبرية أهم ما يعني الأوروبيين حاليا. لأن آل روتشيلد هم من أسس هذا الكيان. وبما أن الاقتصادي قد أخذ السياسي والقانوني رهينة. فإن أوروبا ستغض الطرف عن سوءات السيسي ومن على شاكلته من ابن سلمان وابناء زايد. ما دام السيسي يقف جنديا مخلصا على ثغور الدولة العبرية.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *