انتشار الإسلام

لا بد للإسلام أن يظهر، وأن ينتشر، وأن يسيطر، وما تحقق في
عهد الخلفاء الراشدين رضي االله عنهم هو جزء من هـذا الوعـد
الصادق.
وقد ورد كثير من الأحاديث النبوية الصحيحة الـتي لا تـدع
مجالاً للشك في أن المستقبل للإسلام؛ فمن ذلك قول الرسـول :
«إن االله زوي لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغارهبا، وإن أمـتي
. (١ (سيبلغ ملكها ما زوي لي منها»
وقوله » :ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك
االله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله االله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل
. (٢ (ذليل؛ عزًا يعز االله به الإسلام، وذلاً يذل االله به الكفر»
وعن عبد االله بن عمرو بن العاص رضي االله عنه قال: بينما نحن
حول رسول االله نكتب إذ سئل رسول االله :أي المـدينتين
تفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسـول االله » :مدينـة
يعني قسطنطينية. (٣ (هرقل تفتح أولاً»
ورومية هي روما عاصمة إيطاليا اليوم، وقد تحقق الفتح الأول
على يد محمد الفاتح بعد أكثر من ثمانمائة سنة من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد من تحقق الفتح الثاني بإذن االله.
وقوله » :تكون النبوة فيكم ما شـاء االله أن تكـون، ثم
يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منـهاج النبـوة
فتكون ما شاء االله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء االله أن يرفعها، ثم
تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء االله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء
أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء االله أن تكـون ثم
يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبـوة ثم
. (١ (سكت»
فمبشرات الأمل كثيرة، والمستقبل حتمًا لهذا الدين.
ولذا نحاول في هذا الكتاب أن نبث روح الأمل، وأن نضـيء
أنواره؛ ليعيش المرء على الأمل والرجاء في رحمة االله تعالى، والثقـة
واليقين في الخالق سبحانه.
كما أن الإنسان في حياتـه مُعَـرَّض للمحـن والابـتلاءات
والمصائب، وعلى العاقل المؤمن أن لا ييأس ولا يقنط، بـل يصـبر
ويحتسب ويكون واثقًا في ربه على الدوام، وكله أمل ورجـاء في
رحمة االله تعالى. فلنحيا إذن بروح الأمل، ولنجعله زادًا لنا يدفعنا إلى
الحياة والجد والعمل.
– فبالأمل تنمو شجرة الحياة ويرتفع صرح العمران، ويشـعر
المرء بالسعادة والبهجة.
وبالأمل والرجاء ينهض الإنسان ويعمل، ويكـد ويتعـب،
ويتحول من الكسل والخمول إلى النشاط والهمة والكفاح.
وكثيرًا ما نرى الناس يعيشون ويتحملون المصاعب والآلام على
بريق الأمل والرجاء:
– فالزارع يزرع ويتعب أملاً في الحصاد.
– والتاجر يسافر ويجدُّ أملاً في الكسب والربح.
– والطالب يذاكر ويجتهد أملاً في النجاح.
– والمريض يتناول الدواء المرَّ أملاً في الشفاء.
– والمذنب يرجع إلى ربه أملاً في قبول توبته وغفران ذنوبه.
– والمؤمن يخالف هواه ويطيع ربه أملاً في رضوانه وجنته.
والجندي يستبسل في المعركة ويجاهد أملاً في النصر أو الشهادة.
– والشعوب تتحمل ويلات الحروب وتصر على الكفاح أملاً
في الحرية.
فالأمل يدفع المخفق إلى تكرار المحاولة، ويـدفع الكسـول إلى
الجد، ويدفع اجملد إلى المداومة، ويدفع الناجح إلى مضاعفة الجهد.
فهذا هو الأمل الذي نريده، وهذا هو الأمل الذي نبثـه؛ إنـه
عمل وجد وكفاح ونشاط، إنه حياة دائمة متجددة، إنه ثقة ورجاء
في االله، إنه تعلق دائم ومستمر بالخالق المحسن البر الرحيم.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.