لماذا شبه الله الدنيا بالماء ؟

واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شىء مقتدرا

التشبيه في الآيات تمثيلي وليس مفردا..بمعنى يشبه الحياة الدنيا بصورة متنوعة العناصر، فيها ماء ونبات وريح وخضرة وصفرة وغضارة وهشيم.. ووجه الشبه يتنتزع من كل ذلك ..

فكأن المراد تشبيه حال الدنيا في سرعة زوالها وعدم الاغتراربها بحال صورة مألوفة لكل الناس مشاهدة لجميعهم:

الماء النازل من السماء .

إنبات النبات عشبا وزرعا وشجرا…

اصفرار ماكان أخضر وتحوله إلى هشيم.

إزالة الريح لكل معالم ماكان نباتا..

والإنسان عندما يشاهد اخضرار الأرض في فصل الربيع فهو يعلم علم اليقين أن هذا الاخضرار سيزول لا محالة قريبا ..فشبهت الحياة الدنيا كلها بذلك بجامع الزوال الوشيك الحتمي…

فائدة جليلة وجميلة للإمام القرطبي – رحمه الله- حين قال : “لماذا شبّه الله – سبحانه – الدّنيا بالماء” عند قوله تعالى : “واضرب لهم مثَلَ الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء ” .
قال الحكماء : شبّه الله – سبحانه وتعالى –
الدُّنيا بالماء :

١/ ﻷنّ الماء ﻻ يستقرّ في موضع، كذلك الدُّنيا
ﻻ تبقى على حالٍ واحدة .
٢/ وﻷنّ الماء يذهب وﻻ يبقى، فكذلك الدنيا تفنى ولاتبقى.
٣/ وﻷنّ الماء ﻻ يَقدر أحدٌ أن يدخلَه وﻻ يبتلّ ، وكذلك الدُّنيا ﻻ يسلم أحدٌ من فتنتها وآفتها .
٤/ وﻷنّ الماء إذا كان بقدرٍ كان نافعًا مُنبتًا، وإذا جاوز المقدار كان ضاراًّ مُهلكًا، وكذلك الدُّنيا الكفافُ منها ينفع، وفضولُها يضرّ “.

وَعَلَى الْجُمْلَة فَإِن هَذَا التَّشْبِيْه يُفِيْد أَن كَلَّا مِن الْمُشَبَّه وَالْمُشَبَّه بِه (الْدُّنْيَا وَالْمَاء) إِذَا نَزَل وَأَثْمَر ثَمَرَتُه

يَمْكُث مَا شَاء الْلَّه وَهُو فِى إِقْبَال وَبَرَكَة ثُم عَمَّا قَلِيْل يَضْمَحِل وَيَزُوْل . و قد صور لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا تصويرا بليغا حيث دَلَّنَا رَسُوْلُنَا الْكَرِيم عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام فِي قَوْلِه :
” مَالِي وَلِلْدُّنْيَا ؟ مَا أَنَا فِي الْدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِب اسْتَظَل تَحْت شَجَرَة ، ثُم رَاح وَتَرَكَهَا .”صَحِيْح الْأَلْبَانِي

فاجعلها في يدك لا في قلبك.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *