إسلامنا قوميتنا

كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم جالساً بين أصحابه، فقالوا له: يا رسول الله، إن الله يقول: “هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم”
فمن هؤلاء الذين ذكرَ اللهُ إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟
وكان سلمان الفارسي جالساً قرب النبي صلى الله عليه وسلم، فضربَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان وقال: هذا وأصحابه، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس!

كان طارق بن زياد من البربر، وصلاح الدين الأيوبي من الأكراد، ومحمد الفاتح من الأتراك، ويوسف بن تاشفين من الأمازيغ، وقُطز من المماليك، وبركة خان من المغول، هؤلاء الأبطال فرقتهم الجنسيات والأعراق وجمعهم الإسلام العظيم!

كان الإمام البخاري من فارس، والإمام مسلم من نيسابور، وابن ماجة من قزوين، وأبو داود من سجستان، والترمذي من أوزبكستان، والنسائي من تركمنستان، هؤلاء المحدثون أصحاب الصحاح الستة فرقتهم الجنسيات والأعراق وجمعتهم سُنة النبي صلى الله عليه وسلم!

إنَّ هذا الدين وإن بدأ بالعرب فإنه ليس للعرب من دون الناس، وليس بين الله وبين أحد من خلقه صلة قربى، فأبو لهب الهاشمي في النار وبلال الحبشي في الجنة، وأبو جهل القرشي في النار وسلمان الفارسي في الجنة، والوليد بن المغيرة المخزومي العريق نسباً في النار، وصهيب الرومي في الجنة!
القرشيون عريقو النسبِ الذين دخلوا النار إنما دخلوها بسوء أعمالهم، والمجاهيل والمساكين الذين دخلوا الجنة إنما دخلوها بحسن أعمالهم، بعد أن تغمدتهم رحمة الله تعالى، ولو انتفع أحد بنسب لانتفع أبو لهب وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم.

قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوماً: “يا فاطمة بنت محمد اعملي فإني لا أغني عنكِ من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله اعملي فإني لا أغني عنكِ من الله شيئاً، يا عباس عمَّ رسول الله اعملْ فإني لا أغني عنكَ من اللهِ شيئاً، لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم”!
أن يُحبُّ الإنسان أصله وقومه شيء، وأن يعتقد أنه أفضل من الناس بسبب أصله وقومه شيء آخر، فالأولى من المروءة، والثانية من الجاهلية!

– أدهم شرقاوي

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.