باعوه، فأكلوا ثمنه!

أدهم شرقاوي

لما كان فتح مكة، قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلّّم: “إنّ الله عزّ وجل ورسولَه حرَّم بيعَ الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام
فقيل له: يا رسول الله، أرأيتَ شحوم الميتة؟ فإنه يُطلى بها السُّفن، ويُدهَنُ بها الجلود، ويستصبحُ بها الناس/أي يتخذون زيوتها للإضاءة.
فقال: لا، هو حرام، قاتلَ الله اليهود، إنَّ الله عزَّ وجلَّ لمَّا حرَّم عليهم الشحوم جملوه/أذابوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه!

ولم تعرف البشرية قوماً تحايلوا على الله في الفتوى كما فعل اليهود! فإنه سبحانه لمَّا نهاهم عن الصيد يوم السبت، امتحنهم في هذا، فكانت الأسماك تندر بقية أيام الأسبوع وتكثر يوم السبت، فلم يُطيقوا صبراً، فكانوا إذا أتت الأسماك قرب الشاطئ يوم السبت نزلوا إلى البحر، وأحاطوها بالشباك وحبسوها، ثم يتركونها هكذا حتى صبيحة الأحد، ينزعون شباكهم وأسماكهم فيأكلونها، فمسخهم الله قردةً وخنازير!

وفي هذه الأيام للأسف كثر التحايل في الفتوى، وتمَّ ليّ أعناق النصوص لتُوافق الهوى، يحسبُ الأغبياء أن الله يُخدع، وتعالى عالِم الغيب والشهادة، المُطَّلِع على الأسرار والضمائر أن تفوته النوايا!

وعن التحايل حدثني مرةً الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله عن رجلٍ انتقلَ من مدينةٍ إلى أخرى له فيها بنت عمٍ عندها بنتٌ صغيرة لها من العمر ثلاث سنوات، وزوج هذه المرأة مُسافر، ولم يجد هذا الرجل مكاناً يسكن فيه غير بيت ابنة عمه، ولمَّا قيل لهم أنّ هذا لا يجوز، أخذوا يبحثون عمّن يجد لهم حلاً شرعياً للأمر حتى أفتاهم من لا ذمة ولا دين له أن يُزوِّجوا الطفلة للرجل، ثم يُطلقها فوراً، وبهذه الطريقة تُصبح أمها مُحرَّمة عليه حُرمة أبدية شأن أمهات الزوجات وبهذا يستطيعُ أن يسكن معها وتنكشف عليه ولا حرج!

وعلى طريقة بني إسرائيل في اللف والدوران في شأن الشحوم وصيد الأسماك، سمعتُ مرةً من يفتي بأنه ما دام أكل الربا حرام فلا بأس أن يجعل المرءُ المال الربوي في شيء لا يُؤكل كأن يملأ بها سيارته من المحطة، ويدفع فاتورة الكهرباء، وأقساط المدرسة، وثمن أثاث البيت، أما الأكل فيشتريه من المال الحلال!
يبدو أن اليهود ليسوا قوماً فحسب وإنما فكرة أيضاً!

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.