إلموندو: التجسس المصري بألمانيا كان واضحا منذ سنوات

لم تتفاجأ الجالية المصرية في ألمانيا بالكشف عن وجود موظف متورط في التجسس لفائدة مخابرات عبد الفتاح السيسي، بل اعتبرت أن هذا النشاط كان واضحا منذ سنوات، وذهب ضحيته عديد المصريين الذين تعرضوا للقمع حال عودتهم لوطنهم.

وفي تقرير نشرته صحيفة إلموندو الإسبانية، يقول الكاتب فرانشيسكو كاريون إنه منذ الانقلاب الذي نفذه السيسي قبل سبع سنوات، ظلت السفارة المصرية في برلين مصدر استنكار وخوف من المصريين الذين وجدوا في هذا البلد أمانا من القمع الدموي للنظام الحاكم في وطنهم.

وينقل الكاتب عن أحمد سعيد، الحقوقي المقيم بألمانيا، والذي اعتقل أثناء زيارة لبلده الأم مصر قوله “هذا الأمر لم يكن مفاجئا بالمرة بالنسبة لنا جميعا، ولا أعتقد أنه مفاجئ للأجهزة الأمنية الألمانية. لقد كشف الآن عن وجود هذا الجاسوس داخل مكاتب الحكومة في برلين، ولكن لسنوات تم تجاهل حقيقة أن أجهزة المخابرات المصرية كانت تلاحقنا على الأراضي الألمانية”.

وقد تعرض هذا الناشط بعد اعتقاله في القاهرة للتعذيب، وحكم عليه بعامين سجنا، ثم حصل على عفو رئاسي عام 2016 وعاد إلى برلين، حسب ما ورد في تقرير إلموندو.

ويشير الكاتب إلى أن قصة سعيد ليست استثنائية، إذ إن هنالك أعدادا كبيرة من المصريين الذين يعيشون بألمانيا منذ 2013، وقد جاؤوا فارين من حملة القمع المستمرة التي زجت بأكثر من 60 ألف معارض في السجن، من بينهم سياسيون وصحفيون ومحامون وفنانون.

خنق الحريات
ويضيف الكاتب أن هذه الحملة القمعية للنظام المصري أدت لخنق الحريات العامة، وإصدار أحكام بالإعدام في محاكمات جماعية تفتقر إلى أدنى الضمانات القانونية، الأمر الذي نددت به منظمات حقوق الإنسان.

يقول أيضا إن فضيحة وجود جاسوس مدفوع الأجر من القاهرة بالمكتب الإعلامي للمستشارة أنجيلا ميركل طفت على السطح الخميس الماضي أثناء عرض التقرير السنوي لوكالة الاستخبارات الداخلية، علما بأن هذه القضية -التي اكتشفت في ديسمبر/كانون الأول الماضي- قيد التحقيق حاليا في مكتب المدعي العام الفدرالي.

وقد أكدت الخارجية الألمانية أن المعلومات التي اطلع عليها هذا الجاسوس ترتبط ببرنامج يسمح لكل نائب ألماني باستضافة 50 من سكان مقاطعته للحضور في البرلمان، وبالتالي فإنه لم يكن مطلعا على قائمة الصحفيين المعتمدين لدى الحكومة.

ويضيف الكاتب أن هدف هذا الجاسوس كان الاطلاع على أسماء المراسلين الصحفيين الموجودين في مصر. وقد كان على تواصل مع المخابرات العامة المصرية وكذلك جهاز الأمن الداخلي في القاهرة.

غطاء دبلوماسي
وأشار الكاتب إلى أن هذا التقرير نبه أيضا إلى وجود علامات حول سعي المخابرات المصرية لتجنيد مصريين يعيشون في ألمانيا لغايات استخبارية، وذلك خلال رحلات تحت غطاء البعثات الدبلوماسية أو أثناء زيارات هؤلاء المواطنين إلى مصر بلدهم الأصلي.

ويوضح أن هدف هذه العملية كان جمع المعلومات حول عناصر المعارضة بالخارج، ومن بينهم نشطاء الإخوان المسلمون، التنظيم السياسي الأبرز الذي تم حظر نشاطه في مصر رغم أنه ينشط بشكل قانوني تماما بالدول الغربية. إلى جانب التجسس على الليبراليين واليساريين، والأقلية المسيحية القبطية، التي كانت ضحية للتطرف والعنف وغياب الحماية الحكومية.

وينقل الكاتب عن المحامي والباحث المصري محمد الكاشف، قوله “هذه المعلومات لا تمثل مفاجأة لمن يتابع المشهد السياسي والحراك المصري. إذ إن قيام المخابرات المصرية بعمليات المراقبة في برلين واضح جدا. وفي كل حدث نقوم بتنظيمه، نلتقي بأشخاص من السفارة يسعون للتحقيق والاستماع إلى ما نقوله. وفي إحدى المناسبات اكتشفنا وجود مندس أقر بأنه يعمل لفائدة السلطات المصرية.

ويشير إلى أن الممثلية الدبلوماسية المصرية في برلين كانت في عين العاصفة منذ سنوات. إذ إن موقع مدى مصر الإخباري، آخر وسائل الإعلام المصرية المستقلة التي تقاوم الرقابة، أكد أن الجالية المصرية في برلين نددت في عدة مناسبات بممارسات السفارة التي كانت تفرض عليهم رقابة وتكتب تقارير بشأن نشاطاتهم.

وأضاف الكاتب أن العديد من المصريين في ألمانيا تعرضوا للاعتقال لدى وصولهم مطار القاهرة. ومن بين هؤلاء الصحفي إسماعيل الإسكندراني الذي حكم عليه بعشر سنوات سجن بمحكمة عسكرية عام 2018، بتهمة نشر أخبار زائفة حول شبه جزيرة سيناء.

وحتى أواخر 2019، كان السفير المصري في برلين هو بدر عبد العاطي الذي كلف قبل ذلك بمهمة المتحدث باسم الخارجية.

كما ينقل الكاتب عن سعيد قوله “بصفتي ناشطا مصريا في برلين، فقد كنت شاهدا على أنشطة المخابرات المصرية وتدخلها المباشر والواضح. وقد تحدثنا عن هذا منذ سنوات، خاصة بعد الاتفاق الأمني بين الحكومتين، والذي تضمن القيام بعمليات التدريب والتنسيق الأمني”.

المصدر : الصحافة الإسبانية

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.