أضيئوا أرواح الناس بطيب الكلام

هاجر حجي

عن أثر الكلمة التي ينتشلك بها وجه بشوش وأنت في سراديب الأحزان تتلقاها كنفحة من عطر فياح، يقول جل جلاله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( 25 ) سورة إبراهيم،

أرأيت عظيم الكلمة الطيبة وأثرها واستمرار خيرها فهي تتمر عملا صالحا كالشجرة التي تتمر تمرا نافعا، اجعل الكلمة التي لا تلقي لها بالا إكسيرا يحيي النفوس ويخرجها من غياهب الألم المتراكم على كاهل أحدهم الذي لا تعلم عمق الجراح الغائرة فيه التي تستكين فيه من منغصات الحياة الذي خلفها الخفاق المتكرر، اجعل كلمتك سامقة الفروع لا تزعزعها الأعاصير المتضاربة داخله ولا تحطمها معاول الهدم الطنانة داخل داك الانسان الضعيف، اجعل كلمتك تقارع اليأس والأحزان داخله.

كن طليق الوجه بشوشا كما كان سيد الخلق اجمعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعود الناس بابتسامة حلوة كان سهلا سمحا لينا دائم البشر يواجه الناس بابتسامة عريضة ويبادرهم بسلام، ولنا فيه إسوة حسنة منه نتعلم أدب التخاطب وعفة اللسان وكما قال عليه الصلاة والسلام “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء (رواه أحمد والترمذي وابن ماجة)، صدقني قل خيرا أو التزم الصمت ذاك أرحم بك وبغيرك، كن ذا أثر طيب يحيي النفس وهي تشارف على الموت كن اليد التي تمتد له حين يستلقي على ظهره معلنا عن استسلامه كن الدافع الدي يحثه على الاستمرار ومواصلة الطريق لا تكن أنت وذائقة الظروف عونا عليه.

صدقني لا يكلفك الكلام الطيب جهدا ولا مالا أنثره على قدر استطاعتك لا تبحت عن أجر في خير آخر مدام باستطاعتك الكلام، فأثر الكلمة عظيم في نفوسنا

إن الجميل هو الدي ينير ظلمات التي تجتاح الأنفس هو الدي يقويها ويدعمها لتنهض وتواصل المسير هذا هو الأثر الطيب الذي يمكن أن تنتره في الآخرين، صدقني هذا لن يغير شيء ا من تقدمك إلى الأمام بالعكس سيساعدك أنت الأخر على مواصلة الطريق لأن الحياة نداولها بيننا، شرا تزرع شرا تحصد، طيبا تزرع طيبا تحصد، الجميل هو الذي يمد طوق النجاة لأحدهم كان على الوشك الغرق، الجميل هو الدي يسارع ليمد يده الى الاخر حين سقوطه يربت على كتفه ويمسح الغبار عن ركبتيه تم يكون عكازا يتكئ عليه إلى أن يستطيع المشي من جديد.

جميل القلب حقا هو من كان وراءنا يدفعنا إلى الأمام لنمضي قدما، كان جنبنا حين سقطنا وسط الطريق استطعنا بكلامه أن نعاود النهوض من جديد واستمرينا فقط بعبق كلامه الذي رافقنا طوال الطريق، الجميل هو الذي كان بانتظارنا في نهاية المضمار وكان أول المصفقين لنا، الجميل هو الذي يزيل الظلمة التي تجتاح أحدهم من جراء تكاليف الحياة فقط بكلمة طيبة الأثر يخلفها على قلب أحدهم ويمضي، الجميل هو الذي يعطي السكون التام حين يكون داخلك يعج بزلزال مدوي، هو الذي يرمم الكسور الكامنة فيك ويجبر الكسور الناشئة عن كل خيبة تلقاها قلبك، هو الذي يعالج التصدع المخبوء فيك لا يترك إلى أن يعيد توازنك الداخلي فقط كلامه أشفاك.

صدقني لا يكلفك الكلام الطيب جهدا ولا مالا أنثره على قدر استطاعتك لا تبحت عن أجر في خير آخر مدام باستطاعتك الكلام، فأثر الكلمة عظيم في نفوسنا، وكم من كلمة هوت بنا إلى أعماق أعماق البؤس، هوت بنا على جرائها لم نستطع الوقوف، وكم من كلمت حلقت بنا في سحب الأماني وعززت تقتنا بأنفسنا استطعنا بلوغ أشياء لم نكن نعتقد ليوم ما اننا سنبلغها فقط بكلمة، نعم كلمة ممكن أن تحيي نفسا شارفت على الانتهاء، نحن لا نعلم أي شيء عن الآخر الدي أمامنا وإن نقبنا في معالم حياته وضننا أننا نعرف الشيء الكثير عنه، نحن في الحقيقة لا نعلم شيئا سوى القشور والسطحيات لا نعلم عن معاركه ولا مصارعه في الحياة وكم هذا الاخر تحمل لتراه واقفا أمامنا وهو يحدثنا ربما كلمة لا تقصدها ستحيي جراحا مستكينة فيه أزمانا غابرة، استطاع بشق الأنفس أن يسكن الوجع المترتب عنها وليس هنا وجع أشد من وجع النفس.

لما عوض أن نخرج من أفواهنا كلاما يؤدي أكباد الأخرين نخرج كلاما يصلب أكبادهم الهشة ويساعده على الاستمرار ومصارعة الحياة، وإن كنا نطمح في عذب الأيام والله ما الحياة إلا كبد في كبد نسايرها إلى أن يمضي بنا العمر قدما وتقترب أقدامنا من حافة القبر لما لا نثر جميل الكلام بيننا نعين بعضنا البعض به على مطبات الحياة الكثيرة التي ما إن انتهينا من واحدة منها وتنفسنا الصعداء وجدنا أخرى بانتظارنا، وزعوا حسن الكلام وطيبه على جرحى هذه الحياة الفانية

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.