الفلاشا في إسرائيل.. شركاء بالمشروع الصهيوني رغم العنصرية

ما إن خمد فتيل احتجاجات الفلاشا في إسرائيل -الذي أتى احتجاجا على مقتل فتى من أصول إثيوبية برصاص ضابط في الشرطة الإسرائيلية- حتى اشتعلت نيران السجال في المجتمع اليهودي بين مؤيد ومعارض للمظاهرات رغم الإجماع على وجود مظاهر للعنصرية والتمييز ضد يهود إثيوبيا.
وفيما تباينت المواقف بين متفهم وممتعض من مشاهد الفوضى التي رافقت احتجاجات يهود الفلاشا البالغ عددهم 150 ألفا -نصفهم ولدوا في البلاد- بدت المواقف متفقة على أنهم جزء لا يتجزأ من إسرائيل وشركاء في المشروع الصهيوني.

وتعالت الأصوات الإسرائيلية -خاصة في أوساط السياسيين- الداعية إلى اعتماد سياسة تفضيل تمييزي لتحسين الظروف المعيشية لليهود من أصول إثيوبية، ومواصلة مسيرة اندماجهم بمؤسسات المجتمع الإسرائيلي.

وأمام حدة الاحتجاجات وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه مضطرا للاعتراف جزئيا بأن اليهود من أصول إثيوبية يواجهون مشاكل وتمييزا وعنصرية، لكنه أكد أنهم جزء لا يتجزأ من الدولة، وناشد جمهور المحتجين التوقف عن إغلاق الطرقات.

ودعا نتنياهو إلى الحوار، وانتدب وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان لزيارة عائلة الفتى الذي قتل برصاص شرطي لتقديم التعازي.
هذا الاعتراف دفع يائير نتنياهو نجل رئيس الوزراء إلى توجيه انتقادات شديدة اللهجة للاحتجاجات، وكتب تغريدة على تويتر اتهم من خلالها الصندوق الجديد لإسرائيل ومنظمة “نقف معا” التي تحصل على تبرعات من ألمانيا بإشعال وتمويل مظاهرات الفلاشا.

وتساءل: “ما كان يمكن أن يحدث لو أن الحكومة الإسرائيلية ستمول المنظمات الألمانية التي تحرق سيارات الشرطة وتغلق الطرق وتتصرف بعنف في شوارع برلين؟”.

وفي ظل الموقف المتردد للحكومة الإسرائيلية حيال أوضاع الفلاشا، دعا الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إلى وقف المظاهرات العنيفة وفتح تحقيق في ملابسات مقتل الفتى الإثيوبي، ورفع الغبن عن الفلاشا، وإيجاد فرص متساوية تسرع اندماجهم بالمجتمع.

وقبالة المواقف الفاترة والناقدة في المجتمع الإسرائيلي للاحتجاجات الصاخبة، وجه رئيس حزب العمل عمير بيرتس -وهو يهودي من أصل مغربي- انتقادات شديدة اللهجة لهذه الأصوات، وأكد على موقفه الداعم ليهود الفلاشا، ودعا إلى إقامة لجنة تحقيق رسمية.

تمييز وصراع
وفي محاولة لتبرير احتجاجات الفلاشا على أنها تأتي بسياق الحملة الانتخابية للأحزاب المعارضة عشية انتخابات الكنيست الـ22 التي ستجرى في 17 سبتمبر/أيلول المقبل، كتب الصحفي عميت سيغل مقالا تحت عنوان “الحق بالتظاهر والواجب بإخلاء المظاهرات”.

وخرج سيغل مدافعا عن الواقع في إسرائيل ومفندا المزاعم التي تقول إن المجتمع الإسرائيلي عنصري بامتياز مقارنة بمجتمعات أخرى، لافتا إلى أن جذور العلاقات المتوترة بين اليهود والعرب في البلاد تعود للصراع القومي الممتد منذ 150 عاما، دون أي علاقة للون البشرة أو الهوية أو القومية، على حد تعبيره.

ولتسليط الضوء على واقع العنصرية والتمييز ضد الفلاشا، منحت صحيفة هآرتس منبرا ليهود من أصول إثيوبية استعرضوا من خلاله مشاهد العنصرية والتهميش التي يواجهها أبناء الفلاشا، ليس فقط من المؤسسة الرسمية والوزارات الحكومية وإنما من الأغلبية اليهود.

وتقول المرشدة الاجتماعية يطمفارك مكوريه إن “الشرطة الإسرائيلية تضايق وتنكل بكل طفل وفتى إثيوبي، ولا يهم ما إذا كان من منزل جيد أو أين يخدم أو يعمل والداه، لون بشرته يجعله مشتبها فيه تلقائيا فلا يمكنك العيش مع هذا الواقع”.

المشاعر ذاتها عبر عنها تسيون غطهون الذي يقطن مع زوجته وبناته الثلاث في مستوطنة عوفرا، حيث لخص الواقع بما قالته ابنته (7 أعوام) عندما بثت محطات التلفزة الإسرائيلية الاحتجاجات، قائلة “يا والدي هم لا يرودوننا في أرضنا”.

ووسط التساؤلات التي طرحها غطهون بشأن مستقبل النشء من أصول إثيوبية في إسرائيل، قالت المجندة المسرحة عيدان زومروا -التي ولدت بالبلاد لوالدين من أصول إثيوبية- “لون بشرتي دائما كان سببا لتعرضي للمضايقة والتمييز وحتى للعنصرية”.
خدمة واندماج
واعتمدت صحيفة يديعوت أحرونوت النهج ذاته في تغطيتها واقع يهود الفلاشا، إذ أسهبت في الحديث عن العنصرية والتمييز والتهميش الذي يتعرضون له، لكنها أبرزت قصصا شخصية اعتبرتها حالات نجاح لاندماجهم، ووصفتهم بأنهم شركاء في بناء مؤسسات الدولة.

ووفقا للصحيفة، فإن تجربة هداس ملدى متسري (34 عاما) تعتبر “أسطورة صهيونية”، حيث تزوجت من رجل الموساد إيلي متسري الذي أشرف على حملات الهجرة الجماعية الأولى للفلاشا، كما أن والدها جوباو ملدى ساهم في تهريب مجموعات من يهود إثيوبيا للسودان، واعتقل بالخرطوم وأعلن عنه “أسيرا صهيونيا”.

وتخرجت هداس في كلية الطب بجامعة بن غوريون في بئر السبع، وانخرطت بالجيش الإسرائيلي، حيث كانت أول طبيبة من أصول إثيوبية تخدم في سلاح الجو، لكنها تقول إن الخدمة العسكرية لم تشفع لها، وإلى اليوم تواجه مظاهر العنصرية بسبب لون بشرتها

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.