ذكرى عاشوراء

سفيان ابو يزيد

عاشوراء بالنسبة لي..

وانا أتصفح الفيس بوك وجدت تدوينة لإحدى المدونات جزاها الله خيرا، وهي عبارة عن سؤال: ماذا تمثل لك عاشوراء ؟

فعلقت هذا التعليق، ثم نقلته إلى هنا مع إضافات..
فقلت:
عاشوراء ذكرى مكافحة الظلم والاستبداد، والفرح بالحرية والانعتاق..

عاشوراء تختلف باختلاف اعتبارها:

فأول اعتبار وأهمه هو الاعتبار الشرعي التكليفي، وهو ما ورد من الحث والترغيب في صيام يومه وتدريب الأطفال على الصيام، أما التوسعة على العيال فقد ضعف حديثه كثير من المحدثين، وعلى فرض صحة ما ورد فيه ففعله يحتاج إلى فقه وموازنة سبقت الإشارة إليها في مقال سابق.
وهذا الصيام ليس تعبديا وإنما هو معقول المعنى معلل راجع إلى عاشوراء التاريخية كما سياتي معنا..

اما بالنسبة للاعتبار التاريخي: ففيها حدثان تاريخيان مشهوران:

الأول قديم موثق حدثنا به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام، وهذا حدث يبعث على الحمد، وعلى الفرح وعلى أن هذه الأمة هي الابن الشرعي لمسار الرسالة الإيمانية التي حملها وتحملها الانبياء وأتباعهم نبيا بعد نبي، وهذا يقوي اللحمة واليقين في هذا الدين، ويجعله مغناطيسا يجر كل من شذ عنه من أهله او من اهل الرسالات الأخرى..

وهذا الفرح والسرور مثله النبي صلى الله عليه وسلم بالحث على صيامه حمدا لله على تلك النجاة، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على أهمية تلك النجاة في مسار النبوة والدعوة..ولا بأس من إظهار الفرح والسرور في حدود ما شرع وذلك بالتذكر والتذكير بقصة تلك النجاة..

ومن اهم معاني تلك النجاة وهو النجاة من الفرعونية والظلم والغطرسة الفردية، والتأله البشري، والاستخفاف بالشعوب والرعية، والفرح بالإيمان والنبوة المحررة من كل ذلك..

والثاني حديث بالنسبة للأول وهو تلك الجريمة الشنيعة التي قام بها يزيد من كان تحت مسؤوليته وولايته بالمباشرة او التسبب من قتل وذبح وحز لرأس سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيد شباب أهل الجنة وحِب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حدث جلل، يدعو إلى الحزن، ولكن في حدود ما يرضي ربنا سبحانه، دون تهييج ثارات وهمية ظالمة ولا بعث لنداءات الانتقام ممن برأه الله وطهره من ذلك الدم وتلك الجريمة النكراء..

ولكن الذي ينبغي أن نقوم به من خلال هذه الذكرى وهذا الحدث هو النظر في قضية الظلم والاستبداد، وتطهير العقول والسلوك والنفوس والسياسات منها، والحث على العدل والحرية واللحمة والتعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وعدم تكرار تلك الأجواء التي دعت إلى إراقة تلك الدماء بعيدا عن أي طائفية او مذهبية فنحن امة واحدة..

وهذا التفعيل في مكافحة الظلم والاستبداد يتوافق فيه الحدثان التاريخيان القديم والحديث، لأن كليهما كانا في مجابهة الظلم ومكافحته..

وهذا غيض من فيض عاشوراء
فعاشوراء مدرسة حمالة لكل تلك المعاني التي ينبغي أن نتناولها بتوازن وبما يصلح حال ومستقبل هذه الأمة.. وليس بما يزيدها تمزقا وتشرذما وطائفية سواء في الفرح أو في الحزن..
هذه هي عاشوراء بالنسبة لي..

والله أعلم

سفيان أبوزيد

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.