حفت النار بالشهوات

بقلم الشيخ سفيان أبوزيد

(وحفت النار بالشهوات )

وهل هناك تعارض بين الدين والشهوة؟ او الجنة والشهوة؟

الشهوة من التشهي والرغبة والتلذذ والمحبة على فروق دقيقة بينها..

وهي تتنوع بتنوع مناطاتها، فهناك شهوة البطن من أكل وشرب، وشهوة الشم وشهوة النظر وشهوة اللمس وشهوة السمع وشهوة الكلام وشهوة الفرج وشهوة اللباس وشهوة الحركة وشهوة المال وشهوة المتاع وشهوة الجاه والمنصب وشهوة التسلط وشهوة العلم إلى غير ذلك من الشهوات المادية والمعنوية..

وكل شهوة تكتنفها الأحكام الشرعية الخمسة، إلا أن الأصل في الشهوة الإباحة حتى يرد ما يحرم او يكره او يوجب أو يندب، وإن كان المقيد منها على هذا الشكل أقل من المطلق والمباح..
وهذه الشهوة هي المصالح التي عرفها العلماء بالملاذ، وهي على مرتبتين مقصودة ووسيلة إلى المقصود..
فهناك شهوات مقصودة كالمال مثلا وهناك شهوات وسائل كالأكل والشرب..

وهذه الشهوات مركوزة في النفس لا يمكن استئصالها ولا إقصاؤها، ولا الانتقام منها، فهي ركن ركين من بشرية البشر، ولا يمكن تعريف البشر إلا بشهواته، وهي الدافع إلى الحركة والكسب والفعل والكف والإقدام والإحجام..وإليها تميل النفس وتسكن وترتاح وتلتذ..

إلا أن هذه الشهوات قد تتقاطع فيما بينها عند الفرد، وقد تتقاطع فيما بينها بين الجماعة، وقد تكون سببا في مفاسد، وقد يتوسل إليها بمفاسد، لذلك جاء الشرع لتنظيم هذه المسارات، وتقنين تلك الرغبات وتهذيب تلك المطالب والملذات، حتى تحقق مصالحها وأو الأكثر منها، وتمنع مفاسدها او الأكثر منها.. كما جاء في الحديث ( والرجل ياتي أهله يكون له بها اجر )

وإذا ترك الأمر على ما هو عليه دون ضبط او تقنين فستلتهمه نار التنازع والضرر والضرار، وستحف به من كل جانب فلا شهوة تبقي ولا مشتهيا تذر، فيحيق بالجميع لهيبها وحرارتها ومرارتها، لذلك نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المآل الوخيم، بأن الشهوات إذا حفت في الدنيا بالشرعيات كانت بريدا إلى الجنات، وإن تركت على عواهنها، التهمتها نار المفاسد والمظالم فكانت مهاد للنار، نسأل الله السلامة والعافية..

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.