نحن نتغير..

تصيبنا عوامل تعرية الحياة، وقليل من لا تمسه رياح التغيير..
حتى ولو كان أتقى الناس وأنبل الناس..
واسأل الكثير من أهل الفضل:
أأول أمركم مثل آخره؟!
الجميع سيجيبونكم بلا!!
حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكر عدم التغير في موضع الندرة عندما قال عن صاحبه أبي عبيدة:
“كل الناس غيرتهم الدنيا إلا أنت يا أبا عبيدة”
لكن ثمة فارق بين تغير وتغير..
بعض الناس يذهبون ويعودون سريعا، حتى لا تكاد ريح خلقه أن تذهب من أنوف من يعرفونه..
وبعضهم يذهبون بعيدا لكنهم يتركون زر الإنذار بيد أحبابهم حتى إذا ما بعدوا أزعجتهم أصوات الإنذار ممن يحبون فعادوا سراعا..
والبعض الآخر يذهب حتى يوغل، وإن عاد عاد بجراحات نفسه وتقرحات قلبه.
وبعض أخير علم الله أنه لا يريد العودة فلم ييسرها له حتى هلك على بعده، وراح بما أودى نفسه فيه.
ولكل نماذجه فيمن سبق..
فإذا علمت هذا… فكن النوع الأول أو الثاني، ولا تكن الثالث أو الرابع..
غب بنكهتك وعد بها، ولا توغل!!
أو إن غبت فضع الجرس أو طرف الحبل في يد أخيك وقل له:
لا تطل غياب نصحك عني، واجذب إليك حبلي إن رأيتني أبعدت، فطول الأمد، وبعد الشُّقة يورث قسوة القلب!!
رحم الله السابقين:
كان أحدهم يرسل رسالة لأخيه في أقاصي الأرض قائلا له:
يا أخي، مضى الكثير، وبقي القليل، وقد سبقنا الصحب فأستحلفك بالله ألا تميل وألا تدعني أميل.
وكان بعضهم يلقى أخاه فيقول له:
“آنست في قلبي غلظة فألن لي قلبي”
ولربما يلقى الرجل أخاه فيعنفه كما يعنف ولده لما رآه من ازورار منه عن طريق الهدى، وأخوه بين يديه كالطفل الصغير، يبكي ويقول: أعِدْ، فلا خير فيك إن لم تفعل، ولا خير في إن لم أنتبه.
هذا في أزمنة الخير وكثرة الأعوان، فكيف في زمان بين الرجل منا وبين النفاق وسوء الأخلاق أقل من شبر!!
يبتعد الأخ حتى يسوء خلقه، ويضمحل دينه ثم لا يجد ناصحا، ولا صارخا..
حتى وقع خلق كثير من أهل الله في شراك الكبائر لا الصغائر، ولا يزال أخوه ناظرا إليه فاغرا فاه!!
تحرك إليه، هزه، راجعه، ذكره بالله، ذكره بعهود الجنة ومواثيق الأخوة، فالقلوب التي غزاها الإيمان يترك فيها بعض جنوده وإن رحل!!
أما أنت أيها المتلجلج بين الصعود والهبوط ويغلب عليك الهبوط، فاجعل لنفسك حارسا من أهل الصلاح، واستحلفه بالله ألا يتأخر عليك بشد الوثاق، ورن الجرس إن رآك بعدت، فحاجتك لرعاية أخلاقك وإيمانك أشد من حاجتك لرعاية مالك وعملك.
فليس العيب أن نتغير بعض الشيء لأنها سنة الحياة، لكن العيب أن نتغير حتى تختفي معالم أخلاقنا ونحن لا نلتفت..
والأشد عيبا ألا نعود إذا دعانا داعي الإيمان من أخ صالح أو نفس لوامة، أو شوق إلى سابق عهد مع الله..
وما أكثر هؤلاء، لكن من ينتبه؟!!
#خالد_حمدي

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.