هؤلاء الأسرى يخشى الاحتلال الإفراج عنهم في أي صفقة تبادل مع المقاومة

تعالت وتيرة الحديث في الآونة الأخيرة عن احتمال إتمام صفقة تبادل أسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، إذ يسعى كل طرف إلى أن يحصل على مكاسب كبيرة من تلك الصفقة تحقق أهدافا يريدها كل منهما.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مؤخرا عن مسؤول الأمني أن مشكلة إسرائيل ليست في عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم، وإنما المشكلة في النوعية، في وقت يكرر الاحتلال أنه لن يطلق سراح أسرى فلسطينيين يصفهم بـ”الملطخة أيديهم بالدماء”.

ويرى مراقبون أنه ليس من السهل الآن التوصل إلى صفقة تبادل، لأن الاحتلال ما زال يعتقد أن أسراه في عداد الأموات، في وقت تصر المقاومة على أن في جعبتها ما يفرج عن أسرى كبار، وأن أي معلومة للاحتلال يجب أن تكون بثمن.

المقاومة لم تكشف عن تفاصيل كثيرة عن أسرى الاحتلال الموجودين لديها (مواقع التواصل)
انتقام وردة فعل
بدوره، يرى مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية عماد أبو عواد أن الاحتلال سيرضخ في النهاية لمطالب المقاومة، لأنه لا بد من ثمن يدفعه لإعادة جنوده، والمشكلة تكمن في العقلية الإسرائيلية التي لا تخشى من الشخص المفرج عنه، وإنما من ردة الفعل للشخص بعد سنوات اعتقاله الطويلة.

ووفق أبو عواد، تبنى فلسفة الاعتقال لدى الاحتلال على أمرين هما الانتقام من الأسير المنفذ لعملية معينة، والأمر الآخر أن يصبح هذا الشخص بعد عقابه أو أسره لسنين طويلة والتنكيل به درسا لمن بعده كي لا تتكرر أساليب المقاومة حتى تترسخ فكرة أن الثمن سيكون كبيرا.

ويقول أبو عواد للجزيرة نت إن الاحتلال يخشى أن يفرج عن أشخاص يمكن أن يضيفوا شيئا للمقاومة، مثل عبد الله البرغوثي المهندس وخبير في المتفجرات، والخشية من عودتهم إلى المقاومة مرة أخرى وتنفيذهم عمليات نوعية أوجعت الاحتلال، أو نقل خبراتهم مباشرة إلى جيل المقاومة الجديد، وهذا يتناقض مع مبدأ الانتقام منهم الذي يجب أن يستمر حتى لو كلف الأمر بالنسبة للاحتلال اعتقالهم لعشرات السنين.

عمليات حرجة
وفي النهاية ستستوعب إسرائيل أن يكون هناك ثمن للإفراج عن أسراها، لأن الهدف هو إعادة جنودها وإنهاء الضغط الداخلي، وحتى لو كان هناك اعتراض على هذا الثمن فإن هذه المحاولات ستصل إلى الإفراج عن الأسرى.

وحول وجود شخصيات سياسية إسرائيلية بعينها تحقق صفقة التبادل وتفرج عن الأسرى الكبار، يقول أبو عواد للجزيرة نت إن الاعتماد في القرارات النهائية لصفقة التبادل يكون بقرار من أجهزة الأمن الإسرائيلية وليس على مستوى الأسماء، بمعنى أن نتنياهو إن قرر الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في أيامه الأخيرة من الحكم فإن أي حكومة إسرائيلية تالية ستلتزم بالقرار، لأن الأمر يصبح أمنا قوميا.

وينهي أبو عواد حديثه بالقول إن عمليات تبادل الأسرى عمليات حرجة ومرتبطة بالكثير من التفاصيل، ولكن المقاومة في غزة اليوم باتت قوية، ويمكن أن تفرض شروطها بالإفراج عن أسماء كبيرة لم يرضخ الاحتلال للإفراج عنهم سابقا، مثل عبد الله البرغوثي صاحب أطول أحكام بالمؤبد، والقيادي في فتح مروان البرغوثي، وكذلك القيادي في الجبهة الشعبية أحمد سعدات، والعديد من الأسماء الكبيرة، لأن المقاومة اليوم لها نفس طويل في التعامل مع الاحتلال، ولديها أوراق قوة وضغط لتحقيق شروطها وفرضها.

المقاومة الفلسطينية نشرت في كثير من المواقف صورا للأسرى الفلسطينيين الذين تسعى للإفراج عنهم (مواقع التواصل)
سوابق في التنازل
من جهته، يرى مدير مركز “أحرار” لحقوق الإنسان فؤاد الخفش أن الاحتلال الإسرائيلي يضع خطوطا حمراء، خاصة على الأسرى ذوي الأحكام العالية الذين كانوا أكثر إيذاء وقتلا للجنود أو المستوطنين وإسالة دمائهم، ولأن أي إفراج عنهم سيشكل ضغطا داخليا إسرائيليا كبيرا.

وأعلن الاحتلال أكثر من مرة أنه يرفض بشكل قاطع الإفراج عن أسرى محكومين بالسجن المؤبد ولسنوات طويلة، في الوقت الذي تصر المقاومة الفلسطينية على الإفراج عن أسماء بعينها.

وحسب الخفش، لا يستطيع كل طرف تحقيق كل مطالبه، ولكن المقاومة الفلسطينية وإن تعنت الاحتلال في الإفراج عن أسماء معينة فإن لديها قناعة -وفق تجارب الصفقات السابقة- أنه يمكن أن يتنازل في وقت لاحق أو صفقة مقبلة عن أسماء كان يصفها بأنها خطيرة، وهذا ما حصل عندما رفض الإفراج عن بعض الأسماء في صفقة أحمد جبريل عام 1985، لكنه أفرج عن الأسماء ذاتها في صفقة “وفاء الأحرار” أو “شاليط” عام 2011.

ويعتقد الخفش في حديثه للجزيرة نت أن المشكلة في الإفراج عن أسماء كبيرة في صفوف الأسرى هي أن الفترات الزمنية بين صفقات التبادل طويلة، ورغم أن المقاومة الفلسطينية حاولت في مختلف المراحل -سواء بالانتفاضة الأولى أو الثانية- إتمام صفقات تبادل أسرى مع الاحتلال فإنها لم تكن بالمستوى المطلوب، وهنا تكمن قناعة الفلسطينيين بأن الإفراج عن معتقلين بأحكام عالية لا يمكن أن يتم إلا عبر صفقات التبادل.

كما أن المشكلة تكمن في الوسطاء بين الطرفين حسب الخفش، لأنه لا ينتهي دورهم بالإفراج المتبادل، وإنما ضمانه لتنفيذ الشروط بعد ذلك، وهذا الأمر كان سلبيا في صفقة “شاليط” التي لم يلتزم الاحتلال ببنودها، وأعاد اعتقال 60 شخصا في سجونه وبذات الأحكام السابقة عليهم قبل الصفقة.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة