رصاصة في العنق”.. رسالة تهدد صحفية فرنسية من أصل جزائري بالقتل

يعود الإسلام وارتداء الحجاب للظهور مجددا على عناوين الصحف والبرامج التلفزيونية الفرنسية بعدما أحدثت رسالة التهديد بالقتل -التي تلقتها الصحفية والمنتجة الفرنسية من أصل جزائري نادية اللزوني بمنزلها في باريس يوم 8 أبريل/نيسان الماضي- الكثير من الجدل.

تفاصيل الرسالة

“احتفظي بوشاحك (في إشارة للحجاب) أيتها الوقحة.. اصمتوا واخرجوا من بلادنا، فرنسا ستكون خالية من كل المسلمين والإسلاميين”. هذا جزء بسيط من رسالة مكتوبة بخط اليد تلقتها نادية من مجهول، يهدد فيها ويتوعد الجالية المسلمة بالقتل بالرصاص والطرد.

وتابع ” 3 ملايين مسلم في 6 أشهر، معقول رياضيا. سوف نطلق عليك النار في عنقك، إنكم حفنة من الإسلاميين الملعونين”.

وصلت هذه الرسالة بعد أسبوع من مشاركة نادية -عبر حسابها على تويتر- مقتطفا من حوارها في برنامج على قناة “إل سي إي” (LCE) بُث في أكتوبر/تشرين الثاني 2019، عارضت خلاله مشروع قانون حظر ارتداء الحجاب للأمهات أثناء الرحلات المدرسية.

وفي حوار خاص للجزيرة نت، تقول نادية “لطالما كانت مداخلاتي مبنية على القانون. إن هذه الرسالة لم تكن موجهة لي فقط، بل إلى كل المسلمين في فرنسا. كلنا مستهدفون”.

ونشرت اللزوني تغريدة على تويتر موجهة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزيرة فرنسا لشؤون المواطنين مارين شيابا ووزير الداخلية جيرالد دارمانان، وعلقت “هل ستفعلون أي شيء ضد هذه التهديدات؟”. ثم قدم محاميها مي أرييه عليمي شكوى بتهمة “تهديدات بالقتل بسبب الدين”.

رفض طلب الحماية
الوزيرة الفرنسية شيابا ردت على تغريدة نادية قائلة “لا يمكن تبرير هذه الإهانات والعنصرية، أنا أدينهم بشدة”. واتصل بنادية مستشار الأمن الداخلي بالإليزيه، فريديريك روز، في 9 أبريل/نيسان وأبلغها برغبته في إجراء تحقيق لتحديد مدى خطورة التهديدات بالقتل.

تقول نادية للجزيرة نت “طلبت منه مسح عنوان منزلي من الإنترنت وتوفير سكن آخر وحماية من الشرطة، لكنه أخبرني بعدم إمكانية حذف العنوان لأن القانون لا يسمح بذلك”.

وتضيف -بصوت منفعل ومتوتر- “لقد كانوا يحاولون تهدئة الأمور فقط دون فعل أي شيء ملموس”.

وبالفعل، رفضت وزارة الداخلية طلب حماية الشرطة يوم الثلاثاء 4 مايو/أيار الجاري، وجاء في النص “إن أجهزة مكافحة الإرهاب لم تجد تهديدا يبرر تطبيق الحماية المباشرة. إن عناصر الشرطة مسؤولة الآن عن فحص الحقائق التي تم الإبلاغ عنها”.

لكن، بحسب ما أكدته نادية فإن الشرطة لم تطلب الحصول على هذه الرسائل إلى اليوم، وتقول “لقد طلبت منهم إجراء فحص لخط اليد حتى يتمكنوا من مقارنتها ربما مع رسائل أخرى تلقاها أفراد أو جمعيات إسلامية، لكنهم لم يفعلوا شيئا”.

في الطرف الآخر
وفقا لدراسة عالمية أجرتها اليونسكو، قالت إن 3 من كل 4 صحفيات وقعن ضحايا للعنف عبر الإنترنت، وعانت 20% منهن من استمرار هذه التهديدات.

ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها الصحفيون للتهديد بالقتل في فرنسا، لكن من الواضح أن تعامل السلطات يختلف بحسب الحالات والأشخاص.

ففي 1 مايو/أيار الجاري، وُضعت الصحفية البلجيكية جولي ديناير تحت حماية الشرطة لعدة أسابيع بعد تلقيها تهديدات بالقتل على فيسبوك، بسبب برنامجها الذي يعرض قصص المجرمين على قناة فرنسية.

أما زينب الغزوي -وهي فرنسية من أصل مغربي وصحفية سابقة في مجلة “شارلي إيبدو” (Charlie Hebdo) التي اشتهرت بانتقاداتها اللاذعة للإسلام السياسي والإسلاميين- تعتبر اليوم “أكثر النساء المحميات في فرنسا” لأنها تعيش تحت حماية الشرطة منذ هجمات يناير/كانون الثاني 2015.

إعلام “يشيطن الإسلام”
تقول اللزوني “إن الخطابات السياسية والإعلامية شيطنت الإسلام وأنتجت الإسلاموفوبيا والعنصرية، وصورت المرأة المحجبة على أنها لا تتحدث الفرنسية ولا تريد التأقلم، لكن نماذج النساء المحجبات اللاتي يعملن في مجالات رائدة دمرت ما تحاول هذه الخطابات نشره. أنا وغيري نشكل مشكلة”.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أدلى إيف ثيرارد -نائب رئيس تحرير جريدة “لوفيغارو” (Le Figaro)- بتصريحات معادية للمسلمين خلال حوار تلفزيوني، حيث قال “إذا وجدت امرأة ترتدي الحجاب في الحافلة أو القارب سأنزل. لا أدري متى سننتهي من هذه المشاكل، أنا أكره الإسلام”.

وفي يوم الجمعة 11 سبتمبر/أيلول 2020، نشرت الصحفية جوديث وينتروب مقطع فيديو بثته قناة “بي أف أم تي في” (BFMTV) للطالبة المحجبة إيمان وهي تقدم نصائح للطبخ، وعلقت بعبارة “11 سبتمبر” كتلميح للهجمات التي وقعت في أميركا.

من جهة أخرى، تعرضت الوزيرة الفرنسية من أصل مغربي نادية هاي للهجوم عندما أشادت بفيديو الطالبة وانتقدت تلميح جوديث، مما جعلها تنشر تغريدة أخرى متداركة “أدين هذه التهديدات بالقتل، لا مكان لها في جمهوريتنا”.

معاناة مستمرة
تواجه الجالية المسلمة في فرنسا سلسلة من الأحداث العنصرية، بما في ذلك حادثة الطعن التي تعرضت لها امرأتان محجبتان بالقرب من برج إيفل.

وقد أخبر رئيس المجلس الدولي للعدل والمساواة علي غديك أوغلو من أصل تركي، الجزيرةَ نت أنه تلقى رسالة تحتوي على تهديدات له وللمسلمين في أول أيام رمضان، وهي دلالة “مقلقة”. ولم يصله بعد أي جواب من الشرطة.

وجدير بالذكر، يقوم المجلس الدولي للعدل والمساواة -وهو منظمة معتمدة من الأمم المتحدة ومقره ستراسبورغ- بأنشطة تهم المهاجرين في فرنسا تشمل الحق في المساواة والتمثيل.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، نشر معهد إيفوب الفرنسي استطلاعا خلص إلى أن واحدا من كل اثنين مسلمين في فرنسا يعاني من التمييز أو الهجوم العنصري.

ووفقا لهذه الدراسة، نشرت مؤسسة “جون جوريس” (Jean Jaurès) تقريرا يقول إن 42% من المسلمين الذين يعيشون في فرنسا تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال التمييز المرتبط بالدين في مجالات مختلفة؛ التمييز أثناء فحص الشرطة (13%)، وعند البحث عن عمل (17%)، وفي أثناء البحث عن السكن (14%).

وتشير نفس الدراسة إلى أن 60% من النساء المحجبات يتعرضن للتمييز مرة واحدة على الأقل في حياتهن، خاصة عند البحث عن عمل.

وأخيرا، تقول اللزوني إن “كل الأقليات المستهدفة تطالب بالحماية. هذه العلمانية الشهيرة أصبحت اليوم أداة فعالة لإقصاء المسلمين في فرنسا، لكن على أرض الواقع، لا وجود لقيم الجمهورية؛ الحرية والمساواة والأخوة، التي تم التصويت عليها واعتمادها لتضمن حرية المعتقد والدين وأمن الجميع”.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

كل ما تحتاج معرفته عن حراك الجامعات الأميركية

محمد المنشاوي واشنطن- عرفت الجامعات الأميركية مؤخرا حراكا طلابيا واسعا احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على …