درب العفاف

كتب بواسطة الداعية خالد حمدي

منذ فترة…
وبينما كنت أحاضر النساء في إحدى القاعات..جرى على لساني كلام عن السجود وحلاوته،وعن المناجاة ولذتها سيما عند أصحاب الحاجات الذين يطلبونها من الله بالأنات والدمعات…حتى ولو كانوا على معصية..
وبينما أنا مستغرق في هذا المعنى قالت إحدى أخواتنا الحاضرات:
صدقت والله..
فقد اتصلت بابني فتاة آخر الليل منذ فترة تريد محادثته زاعمة أنها تحبه وتراه من بعيد، ولم تستطع كتمان هواها فتحايلت حتى حصلت على رقم هاتفه،وطلبت منه أن يروي ظمأها بطول الحديث معها..
فقال لها الشاب وكان فيه صلاح وتقوى:
والله يا أختي…ليس لي في هذه الأمور..
لكنني أعرف واحدا يستمع إليك بالساعات بل ويحب ذلك منك دون كلل أو ملل..
فقالت له:
من؟!
قال: الله!!
جربي أن تخرّي ساجدة بين يديه،وتبوحي له بما في نفسك…وستجدينه أسمع لك مني.
ثم ودعها داعيا لها بالخير…وأغلقت هي ملآي بالضيق والقهر.
ثم نام تاركا إياها في شدهها، وآخذا هو في النوم مرتاح البال.
وبينما هو يستعد في الصباح للذهاب إلى جامعته هاتفته مرة أخرى وقالت له:
جزاك الله خيرا على ما دللتني عليه…
لقد أغلقت معك ليلا وبي من الضيق منك والحنق عليك ما الله به عليم…
ثم لما هدأت نفسي قمت فتوضأت وصليت…
وما إن لامست جبهتي الأرض حتى وجدتني أبكي بكاء شديدا، وأكلم الله كلام حبيب لحبيبه حتى تمنيت ألا أرفع من سجودي…
وما إن انتهيت من صلاتي حتى أذهب الله ما كان في نفسي من معصية…فاتصلت بك أشكرك أن دللتني على من هو أسمع وأقرب لي منك…
ثم أغلقت ولم تتصل به إلا بعد مدة تدعوه لحضور حفل زواجها قائلة له:
رغم أنه من العيب أن تدعو فتاة شابا ليحضر عرسها…لكنني أحمد لك أن عصمني الله بك، فلولا ما دللتني عليه تلك الليلة ما سلكت درب العفاف…لذلك أدعوك لتحضر حفل زواجي مع الرجال…لتشكر الله على ما كنت سببا فيه من الخير.
وما إن أكملت قصتها حتى نزل الدمع من عيني…وقد أردت أن أعلمها فعلمتني…
وخرجت من ذلك الدرس محبا للسجود، وأكثر حبا لمن يربت على أكتاف الساجدين،ويمسح على رؤوسهم مهما عظمت معاصيهم…
الله سبحانه وتعالى…
خرجت من ذلك الدرس لا أستعظم ذنبا ولا احتقر مذنبا ولا أستهين بكلمة ولو كانت لمقبل على معصية متعلق بها.
خرجت من الدرس أكثر إيمانا بأن الله سبحانه عنده من البدائل لأصحاب الشهوات ما ينسيهم ويذهلهم عن كل المحرمات…شريطة أن يذهبوا إليه هناك….عند سجادة الصلاة.
فهناك من الخير ما لا نتخيل.
أحبك ربي

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.