تدبر اية

قال تعالى: ﴿الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف٦٧]

▪︎يقول تعالى ذكره: المتخالون يوم القيامة على معاصي الله في الدنيا، بعضهم لبعض عدوّ، يتبرأ بعضهم من بعض، إلا الذين كانوا تخالّوا فيها على تقوى الله.

📚جامع البيان — ابن جرير الطبري (٣١٠ هـ)

قال ابن كثير في التفسير:

أَيْ: كُلُّ صَدَاقَةٍ وَصَحَابَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدَاوَةً إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ دَائِمٌ بِدَوَامِهِ. وَهَذَا كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِقَوْمِهِ: ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ:٢٥]

تفسير القرآن العظيم — ابن كثير (٧٧٤ هـ)

والأخِلّاءُ: جَمْعُ خَلِيلٍ، وهو الصّاحِبُ المُلازِمُ، قِيلَ: إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّخَلُّلِ لِأنَّهُ كالمُتَخَلِّلِ لِصاحِبِهِ والمُمْتَزِجِ بِهِ، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿واتَّخَذَ اللَّهُ إبْراهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: ١٢٥] في سُورَةِ النِّساءِ. والمُضافُ إلَيْهِ (إذْ) مِن قَوْلِهِ ”يَوْمَئِذٍ“ هو المُعَوِّضُ عَنْهُ التَّنْوِينُ دَلَّ عَلَيْهِ المَذْكُورُ قَبْلَهُ في قَوْلِهِ ”﴿مِن عَذابِ يَوْمٍ ألِيمٍ﴾ [الزخرف: ٦٥]“ .

والعَدُوُّ: المُبْغَضُ، ووَزْنُهُ فَعُولٌ بِمَعْنى فاعِلٍ، أيْ عادٍ، ولِذَلِكَ اسْتَوى جَرَيانُهُ عَلى الواحِدِ وغَيْرِهِ، والمُذَكَّرِ وغَيْرِهِ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَإنْ كانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ﴾ [النساء: ٩٢] في سُورَةِ النِّساءِ.
وتَعْرِيفُ الأخِلّاءِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ وهو مُفِيدٌ اسْتِغْراقًا عُرْفِيًّا، أيِ الأخِلّاءُ مِن فَرِيقَيِ المُشْرِكِينَ والمُؤْمِنِينَ أوِ الأخِلّاءُ مِن قُرَيْشٍ المُتَحَدَّثِ عَنْهم، وإلّا فَإنَّ مِنَ الأخِلّاءِ غَيْرِ المُؤْمِنِينَ مَن لا عَداوَةَ بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ وهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَخْدِمُوا خُلَّتَهم في إغْراءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلى الشِّرْكِ والكُفْرِ والمَعاصِي وإنِ افْتَرَقُوا في المَنازِلِ والدَّرَجاتِ يَوْمَ القِيامَةِ.
و”يَوْمَئِذٍ“ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ ”عَدُوٌّ“، وجُمْلَةُ ”يا عِبادِي“ مَقُولَةٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ صِيغَةُ الخِطابِ، أيْ نَقُولُ لَهم أوْ يَقُولُ اللَّهُ لَهم.

التحرير والتنوير — ابن عاشور (١٣٩٣ هـ)

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.