(1) قواعد الحسان لتفسير القرآن

القاعدة الأولى: في كيفية تلقي التفسير

كل من سلك طريقًا، وعمل عملًا، وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح، كما قال تعالى: { وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا }. وكلَّما عظم المطلوب تأكد هذا الأمر، وتعيَّن البحث التام عن أمثل وأحسن الطرق الموصلة إليه، ولا ريب أن ما نحن فيه هو أهم الأمور وأجلها وأصْلُها.

▪︎فاعلم أن هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية الخلق وإرشادهم، وأنه في كل وقت وزمان يرشد إلى أهدى الأمور وأقومها { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }.

▪︎فعلى الناس أن يتلقوا معنى كلام الله؛ كما تلقَّاه الصحابة رضي الله عنهم؛ فإنهم إذا قرءواعشر آيات أو أقل أو أكثر، لم يتجاوزوها حتى يعرفوا ما دلَّت عليه من الإيمان والعلم والعمل، فينزلونها على الأحوال الواقعة؛ فيعتقدون ما احتوت عليه من الأخبار وينقادون لأوامرها ونواهيها، ويدخلون فيها جميع ما يشاهدون من الحوادث والوقائع الموجودة بهم وبغيرهم، ويحاسبون أنفسهم: هل هم قائمون بها، أو مُخِلُّون؟ وكيف الطريق إلى الثبات على الأمور النافعة، وإيجاد ما نقص منها؟ وكيف التخلص من الأمور الضارة، فيهتدون بعلومه، ويتخلَّقون بأخلاقه وآدابه، ويعلمون أنه خطاب من عالم الغيب والشهادة، موجَّه إليهم، ومطالبون بمعرفة معانيه، والعمل بما يقتضيه.

▪︎فمن سلك هذا الطريق، وجدَّ واجتهد في تدبُّر كلام الله، انفتح له الباب الأعظم في علم التفسير، وقويت معرفته، وازدادت بصيرته، واستغنى بهذه الطريق عن كثرة التكلُّفات، وعن البحوث الخارجية، وخصوصًا إذا كان قد أخذ من علوم العربية جانبًا قويًّا، وكان له إلمام واهتمام بسيرة النبي ﷺ وأحواله مع أوليائه وأعدائه؛ فإن ذلك أكبر عون على هذا المطلب.

▪︎ومتى علم العبد أن القرآن فيه تبيان كل شيء، وأنه كفيل بجميع المصالح، مبيِّن لها، حاثٌّ عليها، زاجرٌ عن المضارِّ كلها، وجعل هذه القاعدة نصب عينيه، ونزَّلها على كل واقع وحادث سابق أو لاحق، ظهر له عظم موقعها وكثرة فوائدها وثمرتها.

المصدر: للعلامة الفقيه المفسر الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة