مخاوف من “ووهان أوروبية”.. هذه تفاصيل الهروب الكبير من لندن بعد طفرة كورونا

بعد أن كانت مدينة الأحلام لكل راغب في قضاء عطلة نهاية السنة، تحولت العاصمة البريطانية (لندن) إلى مدينة معزولة عن العالم، بعد ظهور طفرة جديدة أكثر انتشارا لفيروس كورونا، وحسب التقديرات الحكومية، فإن العاصمة الواقعة (جنوب شرقي البلاد) هي أكثر المناطق تضررا من تلك الطفرة.

وعاشت عاصمة الضباب -كما تلقب لندن- أجواء من الخوف والهلع، بعد إعلان الحكومة البريطانية إجراءات مشددة حولها، لمنع انتشار السلالة الجديدة من فيروس كورونا، وتم إلغاء كل قرارات التخفيف من أجل الاحتفال بأعياد الميلاد، ما دفع الآلاف من سكان العاصمة للمغادرة قبل بداية قرارات منع التنقل.

وبدت الميادين والشوارع الرئيسية في العاصمة خالية، إلا من سيارات قليلة وبعض المارة، بينما أغلقت المتاجر أبوابها، وظلت زينة أعياد الميلاد بدون زوار، في مشهد يعيد للأذهان، بداية انتشار وباء كورونا قبل أشهر، والإغلاق الشامل الذي عاشه العالم.

الهروب الكبير
أغلقت العشرات من الدول في العالم أجواءها في وجه الطائرات القادمة من بريطانيا، وخصوصا من مطارات لندن، التي باتت بؤرة للسلالة الجديدة من فيروس كورونا، وهو ما أحدث حالة من الفوضى في مطار هيثرو الشهير، بعد إلغاء العشرات من الرحلات الجوية.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بصور لآلاف الأشخاص، وهم يتقاطرون على مطار هيثرو علهم يعثرون على رحلة جوية تضعهم خارج لندن، قبل أن تصبح معزولة عن العالم، وأغلب هؤلاء اضطروا للعودة بخفي حنين.

مسافرون في مطار هيثرو يستعدون لمغادرة العاصمة (الأناضول)
ولم يكن الوضع في محطات القطار في العاصمة بحال أفضل؛ بل شهدت جلها حالة تجمع غير مسبوق لآلاف المسافرين الراغبين في الخروج من لندن، قبل أن يفرض عليها الإغلاق، رغبة في قضاء أعياد الميلاد مع أسرهم وعائلاتهم بعيدا عن العاصمة، التي ستفتقد للاحتفال هذه السنة.

وحسب محمد رضا، الذي يضطره عمله للانتقال بين لندن ومدينة ليفربول، وشهد الرحلات الأخيرة الرابطة بين لندن وبقية المدن البريطانية، فإن الوضع “كان عبارة عن فوضى كبيرة، وكان من المستحيل ضمان التباعد الاجتماعي سواء في المحطة أو داخل القطار”، مضيفا أن أسرا كثيرة غامرت بالسفر خارج لندن.

هذا الوضع أدى، حسب باتريك فالنس، رئيس مجموعة الاستشارة الطبية للطوارئ، لخروج السلالة الجديدة إلى أغلب المناطق في بريطانيا.

وأعلنت الشرطة البريطانية إنزالا مكثفا للأمن في كل محطات القطار، والتشدد مع الراغبين في السفر بدون سبب، أو من يثبت أنه بعيد عن منطقة سكناه.

مدينة أشباح
بعد الصدمة الأولى من إعلان وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، عن خروج الوضع عن السيطرة، وحالة الصخب التي رافقت الإعلان، خفت الضجيج، واستكانت العاصمة لصمت غير معهود عنها خصوصا في هذه الفترة من السنة.

وبجولة في وسط العاصمة حيث الميادين الشهيرة، والمتاجر، ومراكز التسوق، التي كانت في السابق مزارا للملايين من الأشخاص، يظهر وكأن المكان بات مهجورا وترك للأشباح، وحدها حركة سير متقطعة وخفيفة تكسر الصمت في وسط لندن.

ويخيم شعور لدى سكان العاصمة، أن مدينتهم تحولت هذه المرة إلى مدينة لا يريد العالم ربط الاتصال بها، وسيرتبط اسمها بهذه السلالة الجديدة من فيروس كورونا؛ لتتحول إلى “ووهان أوروبية”.

وبقيت أضواء أعياد الميلاد والزينة الشهيرة في شارع “أكسفورد” و”ريجنت ستريت”، لوحدها بدون زوار متحمسين يلتقطون الصور ويوثقون اللحظة، “لم أكن أتوقع هذا في أسوأ كوابيسي” تقول ماري العاملة في مقهى وسط العاصمة، وهي تقدم المشروبات للزبائن الذين اصطفوا في طابور طويل بعد أن تم منع الجلوس في المقاهي والمطاعم.

وتخشى هذه الشابة على غرار عشرات الآلاف من العاملين في المطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه في لندن، من نتائج هذا الإغلاق الجديد الذي قد يدوم لشهرين على الأقل، “كنا نعول على موسم أعياد الميلاد ونهاية السنة للتعويض قليلا عن خسائر هذه السنة الثقيلة؛ لكن الوضع يزداد سوءا، ولا أحد يعلم متى سينتهي كل هذا”.

وكانت التوقعات الاقتصادية تشير لتحقيق رقم تاريخي في الإنفاق خلال هذه الفترة، بزيادة 2 مليار جنيه إسترليني عن السنة الماضية؛ لكن كل هذه الآمال تبخرت مع ظهور الطفرة الجديدة للفيروس.

شبح نقص الطعام
لا أحد يريد عودة مشاهد سباق الناس نحو تخزين الأطعمة، وحالة الهلع التي أصابت الجميع، مع بداية الوباء؛ لكن القلق لا يغادر سكان العاصمة لندن، وهم يطالعون الأخبار التي تتحدث عن إمكانية حدوث نقص في بعض المواد الغذائية، بعد قرار السلطات الفرنسية إغلاق معبر دوفر لمدة 48 ساعة ما أدى لتكدس الشاحنات بين بريطانيا وفرنسا.

وجاء التحذير الأول من إمكانية نقص بعض المواد الغذائية من سلسلة متاجر “سانس بيري” (Sans Perry) التي تعتبر ثاني أكبر شركة لبيع المواد الغذائية في بريطانيا، حيث كشفت الشركة عن احتمال غياب بعض الخضار عن السوق، في حال استمرت أزمة معبر دوفر.

هذه الأزمة لن تظهر خلال أعياد الميلاد، حسب الشركة نفسها؛ لأن كل الشركات جهزت نفسها لزيادة الطلب خلال هذه الفترة؛ لكن قد تحدث في حال لم تعد حركة نقل البضائع سلسة بين فرنسا وبريطانيا.

وجاءت التطمينات على لسان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي كشف أن أزمة المعبر سيتم حلها خلال الساعات القادمة، وبأن سلسلة توزيع الأغذية في بريطانيا لن تتأثر.

وشهدت بعض متاجر المواد الغذائية، عودة الطوابير الطويلة، بعد أن عادت الكثير من المحلات لفرض إجراءات صارمة لعدد الموجودين داخلها، وإظهار المزيد من الصرامة في قواعد التباعد الاجتماعي.

وفسر برايان، وهو موظف أمن في متجر “تيسكو” (Tesco) للمواد الغذائية، عودة الصفوف الطويلة بإقبال الناس على التبضع خلال هذه الأيام، التي تسبق أعياد الميلاد، حيث تكون أغلب المتاجر مغلقة، ويفضل الجميع قضاء الوقت في البيت.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

صفقة التبادل أم اجتياح رفح؟.. خلاف يهدد الائتلاف الحكومي بإسرائيل

تصاعد النقاش في الساعات الأخيرة داخل إسرائيل بشأن تحديد أولويات المرحلة المقبلة ما بين التركيز على التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى تتيح عودة المحتجزين