نيويورك تايمز: قتل الشاب الفلسطيني إياد الحلاق كشف عن عنف متأصل لدى الشرطة الإسرائيلية

كان إياد الحلاق، 31 عاما طالبا معروفا في مدرسته للمصابين بالتوحد في القدس الشرقية ويعرف الدروس الطويلة التي لقنتها له المدرسة حول طريقة التعامل مع الشرطة الإسرائيلية من طرح السلام عليهم إلى إبراز الهوية الشخصية.
فقد حرصت المدرسة على هذه الدروس ومثل المدرسون والطلاب الأدوار التي كان يشارك فيها أحيانا عناصر من الشرطة في المركز القريب من المدرسة. وفي يوم السبت الذي قتل فيه لم تنفعه الدروس. فعندما نادى عليه عناصر الشرطة عندما كان يسير في طريق الآلام هرب، وتم حشره في مكان وأطلقت الشرطة عليه النار لشعوره أنه يمثل تهديدا. وكانت عملية إطلاق النار في ذلك اليوم 30 أيار/مايو مثيرة للقلق كما يقول ديفيد هالبفنغر وأدم راسغون في تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” لأن الحلاق لم يكن مسلحا ومن عرفوه وصفوه بالشخص الذي لا يمكنه إيذاء أحد. وقال شهود عيان لعملية القتل أن مدرسته صرخت على رجال الشرطة وقالت لهم إنه يعاني من إعاقة، ووصف بنيامين نتنياهو القتل بالمأساة واعتذر وزير الدفاع بيني غانتس عنها. وحاول ناشطون إشعال حركة “حياة الفلسطينيين مهمة” على غرار ما حدث للرجل الأسود جورج فلويد، الذي قتل في مينيابوليس قبل خمسة أيام من إطلاق النار على الحلاق.

لم يتم التحقيق في معظم شكاوى العنف التي تمارسها الشرطة، 86% حسب الإحصائيات المتوفرة من وزارة العدل.

ومنذ ذلك الوقت زاد الغضب العام على الشرطة بعدما انتشرت لقطات فيديو لضباط شرطة وهم يضربون ويخنقون المتظاهرين ضد الحكومة. وطالب الادعاء بتوجيه تهمة القتل غير العمد للضابط الذي أطلق النار على الحلاق وقتله، لكن إصدار حكم سيكون استثنائيا لأن عملية القتل صادمة. مع أن الخبراء يرون أن الغضب سيتلاشى ويختفي الادعاء ولن يتغير إلا القليل في وقت لم توجه فيه تهم إلى الضابط القاتل. إلا أن مشكلة إسرائيل مع وحشية الشرطة لن تذهب، ومنذ السبعينات من القرن الماضي، فشلت محاولات الحد من عنف ضباط الشرطة ومحاسبتهم. وكانت النتيجة هي نظام يبرئ الضباط من كل التصرفات إلا المفرطة والتي كانت محل شجب واسع، وحتى هذه في بعض الأحيان. ولم يتم التحقيق في معظم شكاوى العنف التي تمارسها الشرطة، 86% حسب الإحصائيات المتوفرة من وزارة العدل.
ومن تم التحقيق فيها لم تقد إلى توجيه إدانات أو حتى إجراءات ضبط. ويقول النقاد إن ثقافة الحصانة المستشرية في داخل قوى الشرطة وبخاصة في الحالات المتعلقة بالأقليات. فالإسرائيليون من أصول إثيوبية بجانب اليهود المتشددين والناشطين اليساريين، يتم استهدافهم بالعنف فيما يت التعامل مع الفلسطينيين بأشد الطرق قسوة . ويتم استخدام القوة القاتلة ضد العرب والأقليات الأخرى. ومن بين 13 قتلوا على يد الشرطة كان من بينهم 11 فلسطينا واثنان من أصول إثيوبية. وقال المحامي في مجال حقوق الإنسان، فادي خوري “يعرف ضباط الشرطة بأنه لا توجد محاسبة ولهذا فهم لا يبالون عندما يتعلق الأمر بسكان بعينهم”. وعادة ما يرد الأمر في الحالات القاتلة كالحلاق إلى “قلة الخبرة”. وعادة ما يتم نشر الشبان الذي ينهون خدمتهم العسكرية مع حرس الحدود في المدينة القديمة بالقدس. ويؤكد المسؤولون في الشرطة أنهم لا يتسامحون مع الوحشية في صفوفهم. ويقول أراد برافرمان، الذي يقود 150 ضابطا من حرس الحدود في المدينة القديمة “لا أعرف قائدا يريد أن يكون لديه عنصرا عنيفا” و “لا أعرف أي قائد يعرف أن لديه عنصرا عنيفا في مجموعته أو وحدته ولا يسرحهم”. وقال إن اعتماد الشرطة على كاميرات المراقبة تجعل من الصعوبة على أي شرطي الإفلات من الوحشية. وقال إن ضباط الشرطة مدربون على طريقة استخدام القوة بطريقة متناسبة ويذكرون قبل كل دورية ودراسة حالات في كل شهر. ويقول برافرمان إن هناك صعوبة في عدم نشر عناصر شرطة غير مجربة إلا أنهم يرفقون بعناصر ذات خبرة بالمدينة القديمة، إلا أن النقاد يتحدثون عن فشل رؤساء الشرطة باتخاذ مواقف حاسمة من استخدام القوة المفرطة. ويقول عيران شيندر الذي أنشأ وحدة التحقيق بالممارسات السيئة للشرطة في وزارة العدل عام 1992 وظل مديرها حتى 2003 “عندما تكون الشرطة قاسية تلتزم قيادتها بالصمت، وتصرخ موافقة” على تصرفات الأفراد. ويرى خبراء أن المشكلة المستعصية في الشرطة مرتبطة بالمزج بين دور قوات حفظ النظام والدور العسكري في النزاعات. وتتردد وحدة التحقيق في ممارسات الشرطة بوزارة العدل النظر في شكاوى خشية تردد الضباط في استخدام القوة عندما تكون هناك ضرورة لها. وفي المقابل فجهود الإصلاح عادة ما تكون ضد تحذيرات من الضباط حول فعالية عناصر الشرطة. ويقول شيندر “يقولون لنا نحن منظمة تعتبر القوة واحدة من وسائلها. ولو بدأنا بتقييد عناصرنا عن استخدام القوة فسيكونوا متساهلين”. وتتلقى قوات الشرطة حوالي 1.200 شكوى في العام يتم استبعاد الغالبية منها قبل بدء التحقيق ولا يتم توجيه اتهامات إلا في حالات قليلة. وبعد سنوات من ارتفاعها انخفضت إلى 8 عام 2018 من 44 شكوى في 2017. وعادة ما تحول وحدة ممارسات الشرطة في وزارة العدل حالات إلى قوى الشرطة للضبط لكن عدد الحالات انخفض من 86 حالة في 2005 إلى خمس حالات في 2015. ولا تتعامل قوى الشرطة إلا مع الحالات الواضحة. وتقول إيلا إدلمان مسؤولة الادعاء في الوحدة إنها مارست موقفا قاسيا مشيرة إلى أن نسبة 87% من حالات انتهت بالإدانة. ولكنها اعترفت بمحدودية ملاحقة حالات تحمل فرصا للإدانة. وتقول إن العقبات كثيرة، فالشاهد الوحيد في بعض الحالات يكون هو الضحية والمتهم هو ضابط الشرطة الذي يرفض زميله توجيه إدانة له. وعادة ما يتعاطف القضاة مع الضباط. وفي بعض الحالات يكون لدى المشتكي سجلا إجراميا. ولا يهتم الفلسطينيون بتقديم شكوى لشكهم في توفير النظام العدالة لهم. ويقول المحامون عن الضحايا أن وحدة الممارسات في الشرطة تصدق كلام الضباط رغم الشك به. وفي أحيان تتجاهل الشكوى ولا تقابل المتهم أو تجمع الأدلة المطلوبة من لقطات أو صور. ويقول خليل ظاهر، المحامي في القدس الشرقية للجنة العامة لضحايا التعذيب في إسرائيل “يعملون أقل ما يمكن”. وعندما تقدم حاييم أينهورن، اليهودي المحافظ شكوى ضد رجل شرطة لكمه في وجهه تركت الوحدة شكواه قابعة لمدة 18 شهرا قبل أن ترفض التحقيق. وكان اينهورن، 33 عاما متفرجا على التظاهرات عندما ضرب على وجهه وشعر بأنه يقدم دليلا ولا يفعلون شيئا. وعندما ضرب خمسة رجال شرطة كانوا خارج العمل عامل بقالة بدوي في تل أبيب عام 2016 وتم تسجيل الهجوم على كاميرا المراقبة تم إلغاء الإتهامات عن أربعة واستمر التحقيق في الخامس بدون اتخاذ إجراءات تأديبية ضده. وأي محاولة لإصلاح النظام تواجه بقلة البيانات، فلا الشرطة أو وزارة العدل لديها نظام يمكن من خلاله متابعة الشكاوى ضد الضباط. ولا يمكن إثبات أن الأقليات تعاني الأمرين من وحشية الشرطة نظرا لأن الوحدة في وزارة العدل لا تجمع معلومات ديمغرافية عن الضحايا. وقال غاي لوري خبير في النظام القضائي الإسرائيلي “يقولون إن هذه عنصرية لجمع المعلومات”. ويقول المحامون الفلسطينيون إن التحيز واضح “هم عنيفون مع كل واحد لكنهم أكثر مع الفلسطينيين والعرب” كما يقول ظاهر “وهم سريعون لإطلاق النار على الفلسطينيين ونادرا ما يطلقون النار على الإسرائيليين”. ومن 11 فلسطينيا قتل عدد منهم وهم يحاولون القيام بهجمات ولكن بعضهم قتلوا وهم يحاولون سرقة سيارات وفي حالة شاب قتل عندما كان يحاول صعود الجدار الفاصل. وبالنسبة للحلاق فقد كان في طريقه للاعتماد على نفسه حيث تعلم الطبخ والعناية بحديقة البيت والمهارات الضرورية للحياة. وقال عصام جمال، مدير مدرسة إياد “هذه هي اللحظة التي ننتظرها”. وساعده أساتذته للعثور على عمل وراتب واشترى والديه شقة وكانا يبحثان له عن عروس. وقالت والدته رنا حلاق “كان يقول، أمي، زوجيني”.

شاهد أيضاً

كل ما تحتاج معرفته عن حراك الجامعات الأميركية

محمد المنشاوي واشنطن- عرفت الجامعات الأميركية مؤخرا حراكا طلابيا واسعا احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على …