مفاتيح الخير

 

روي أن حاتم الأصم قال لأولاده إني أريد الحج إلى بيت الله الحرام فقال الأولاد : ومن يأتينا بطعامنا وشرابنا ؟ فقالت بنت من بناته : يـا أبت ! اذهب لحج بيت الله فإنك لست برازق .

وانطلق الرجـل ، وبعـد أيام قليلة انتهى الطعام في بيت حاتم الأصم ، وانطلقـت الأم لتأنـب هذه الفتاة التقية النقية ، وسرعان ما عرفت الفتاة الحـل والعـلاج ، فخلت هذه الفتاة بنفسها لترفع شكواها إلى الرزاق ذي القوة المتين ، إلى من يسمع دبيب النملة السوداء تحت الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، وفي هذا الوقت كان أمير البلدة يمر على الرعيـة ليتفقـد أحوالهم، وأمام باب حاتم الأصم أحس بعطش شديد ، فقـال الأميـر : ائتوني بكوب من الماء ، فدخل شرطي من الشرطة على بيت حـاتم الأصم وهو أقرب باب ، فأحضروا كوباً نظيفاً وماء بارداً ، فلما شرب الأمير قال : بيت من هذا ؟ قالوا : بيت حاتم الأصم ، قال : هـذا العبـد الصالح ؟ قالوا : نعم . قال : الحمد الله الذي سقانا من بيوت الصالحين ، أين هو لنسلم عليه ؟ فقالوا : ذهب لحج بيت الله الحرام ، فقال الأمير: إذاً حق علينا أن نكافئ أهل بيته في غيبته.

لقد اسـتجاب الله دعـاء الفتاة في الحال أليس ربك هو القائل : { (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) } [ سورة الطلاق ] .

اسـتجاب الله دعاءها ، فأرسل الأمير بكيس مملوء بالذهب وألقاه في بيت حاتم الأصم ، ولكن الرزاق أراد الزيادة ، فالتفت الأمير إلى الشرطة مـن حوله، وقال : من أحبني فليصنع صنيعي ، ومن أحبه ومن لم يحبـه فسوف يلقي ما معه من مال لعل الله أن يكرمـه فـي أول تـشكيل وزاري ليصبح وزيراً ، فألقى كل شرطي ما معه من الأموال وامـتلأ بيت حاتم بالذهب ودخلت الفتاة التقية النقية تبكي، فـدخلت عليهـا أمها وإخوانها يقولون لها : تعالي ! لماذا البكاء ؟ لقـد امـتلأ بيتنـا بالذهب وأصبحنا أغنى الناس في البلدة ، فنظرت إليهم الفتاة التقيـة المؤمنة وقالت : لقد نظر إلينا مخلوق نظرة فاغتنينا ، فكيف لو نظـر الخالق إلينـا.

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة