شهيد ستكالا.. من جنوب أفريقيا إلى القدس سيرا على الأقدام شهيد تكالا مشى على أقدامه من جنوب أفريقيا إلى القدس

أراد شهيد ستكالا من كيب تاون في جنوب أفريقيا أن يجعل ذكرى مولده الـ50 استثنائية، فانطلق من بيته سيرا على الأقدام قاصدا المساجد الثلاثة؛ الحرام والنبوي والأقصى، ليصل الأقصى أولا بعد 8 أشهر من انطلاقه، ويمكث فيه 9 أشهر، منتظرا فتح الحدود مرة أخرى ليكمل نحو الديار الحجازية.

حال فيروس كورونا مؤقتا بين ستكالا وإكمال رحلته نحو مكة المكرمة والمدينة المنورة، لكنه منحه فرصة ذهبية للمكوث طويلا في القدس المحتلة، التي يزورها للمرة السابعة، حيث يقضي يومه كاملا في المسجد الأقصى من الفجر حتى العشاء، ويبيت ليله في أحد فنادق البلدة القديمة القريبة من المسجد.

شهيد ستكالا يصلي في مكانه المفضل في المسجد وقد حبسه كورونا في القدس 9 أشهر (الجزيرة)
تحقق حلمه
رأى ستكالا في منامه ذات مرة أنه يذهب إلى الحج مشيا، ويصلي في الأقصى ويسلم على الأنبياء فيه، فرح الرجل لرؤياه تلك وقرر أن يجعلها حقيقة، فانطلق بالفعل في نهاية أغسطس/آب عام 2018، لكنه عاد إلى دياره في جنوب أفريقيا بعد وفاة والدته، ليتابع رحلته بعدها في 16 يونيو/حزيران لعام 2019، ويصل إلى القدس في فبراير/شباط 2020.

يقول ستكالا إن الفلسطينيين كانوا ودودين ومعطائين معه طوال مكوثه في القدس (الجزيرة)
التقينا بالرحالة المشّاء في المسجد الأقصى، كان يرتدي عمامة ووشاحا طُرزت عليهما الكوفية الفلسطينية، ويجلس فوق مصطبة سبيل الكأس بين المصلى القبلي وقبة الصخرة، الذي يقول إنه المكان المفضل بالنسبة إليه، استقبلنا بابتسامة بيضاء ناصعة وكلمات عربية محدودة يتحدثها خلال لغته الأم الإنجليزية.

استطاع ستكالا أن يكوّن صداقات مع العديد من مرتادي المسجد الأقصى، الذين يجلسون لمؤانسته أو التقاط الصور معه محتفين بإنجازه. ويقول للجزيرة نت إن الفلسطينيين طوال مكوثه في القدس وفروا له المبيت والطعام وكل ما سأل دون مقابل.

ستكالا في زامبيا بعد انطلاقه سيرا على الأقدام من بيته في جنوب أفريقيا (الجزيرة)
على الأقدام فقط
يؤكد ستكالا أنه لم يستخدم أي وسيلة مواصلات أثناء رحلته، باستثناء مركبة استقلها مضطرا لعبور حديقة الحيوان الوطنية في تنزانيا، ويضيف أنه لم يحمل مالا معه حين انطلاقه، وسار بحذاء واحد طوال رحلته حاملا حقيبتين من أمامه وخلفه.

كان يمشي نهارا، وينام ليلا في المساجد أو الكنائس أو حتى في العراء تحت الأشجار، ويذكر أنه استيقظ ذات صباح مبتلا بالكامل، فقد أمطرت عليه ولم يستيقظ بسبب تعبه الشديد. كما كان يكتفي بالطعام الذي يقدمونه له الأهالي في الطريق.

ستكالا على الحدود الإثيوبية بعد أن قطع عدة دول أفريقية سيرا على قدميه (الجزيرة)
مسار حافل
يستذكر ستكالا مسار رحلته فيقول إنه انطلق من جنوب أفريقيا عبر زيمبابوي وزامبيا وتنزانيا وكينيا بتأشيرات مجانية، ثم استصدر تأشيرات مدفوعة ليعبر إثيوبيا والسودان ومصر. بعدها وصل معبر رفح بين مصر فلسطين ولم يستطع العبور من خلال قطاع غزة، فعاد نحو ميناء النويبع على الساحل الغربي لخليج العقبة، وعبر البحر نحو الأردن من خلال قارب.

اقترب من تحقيق حلمه حين وصل الأردن ونال تأشيرته، فأكمل سيره نحو جسر الملك حسين بين الأردن وفلسطين المحتلة. ثم بات ليلته في كنيسة داخل مدينة أريحا، ومشى في الطريق العام حتى وصل إلى المسجد الأقصى.

يقول ستكالا إنه كان يروي غايته وتفاصيل رحلته للأهالي في الدول التي مرّ بها، الذين كانوا يوفرون ثمن التأشيرات واحتياجاته تقديرا له. وبهاتفه الجوال استعان بالخرائط والمعلومات على شبكة الإنترنت، وكان وما زال ينشر تفاصيل رحلته يوما بيوم على صفحته في حساب “فيسبوك”.

معاناة مشابهة
وحين سألناه عن المخاطر والصعاب التي واجهها ابتسم واثقا وقال “كنت متوكلا على الله مستعينا بالدعاء لم أخش شيئا، هاجمني فقط حمار وحشي لكنني نجوت منه، واختطفتني جماعة في جبال سيناء طالبين المال، وحين أخبرتهم أنني لا أحمل مالا ولا أكترث إن قتلوني، أسروني لديهم 3 أسابيع، ثم يأسوا وأطلقوني”.

زار الرحالة المشّاء شهيد ستكالا مدنا فلسطينية كالخليل وبيت لحم ونابلس، وعاين عن قرب معاناة الفلسطينيين من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، ويقول إن جنود الاحتلال على أبواب الأقصى كانوا يعيقونه ويوقفونه باستمرار. وختم قائلا “لقد شعرت أكثر بمعاناة الفلسطينيين، فشعبي في جنوب أفريقيا ذاق الكأس نفسه”.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة